حمص/ بسام الحمد
خلّفت الحرب السورية الكثير من المشاكل والتبعات في ظل سنواتها الإحدى عشر منها الأخلاقية والنفسية والاجتماعية، لكن أخطر تبعات تلك الحرب هي الأخلاق حيث ضربت الحرب المنظومة الأخلاقية للمجتمع السوري، وأدى ذلك إلى تعرض النساء والفتيات السوريات للإيذاء الجسدي واللفظي والتحرش الجنسي والسرقة والخوف من الاختطاف، وما يحدث في حمص الآن يعني أن الموازين انقلبت مع تقلب الأزمات على البلاد دون حلول حكومية.
الكثير استفادوا من حوادث الأزمة واستغلوها للحصول على المال، يعد النشل والسرقة وحتى اختفاء الأطفال أمرا شائعا في الأسواق المزدحمة وآخرها اخطاف طفلين بحمص، ولكن في هذه الأيام يتعلق الأمر برمته وخاصة في حمص، بالاستفادة من الحشود للادعاء بالتحرش الجسدي والحصول على الأموال.
وانتشرت في المدينة حوادث كاستخدام النساء القذف والخداع ضد الرجال على أساس التحرش من أجل الحصول على تعويض، نقود أو حتى ملابس، وذلك من خلال الاستفادة من الأعياد وغيرها من المناسبات التي تكون فيها الأسواق ممتلئة، وليس فقط في الشوارع.
ويقول مصدر في شرطة حمص أن هناك الكثير من الحوادث تأتي يوميا للمخافر بغرض الاستفادة من المال، حيث تقدم نساء شكاوٍ ضد رجال بحجة التحرش بهن أو بفتياتهن، حتى تصل بعض الشكاوي للجرأة المفرطة والافتراء على شبان للمطالبة بمبالغ مالية مقابل سحب الشكاوي، وفي حال عدم تواجد المال لدى الشبان يقمن بالمطالبة بأشياء مادية بدلا منها كالملابس مثلا.
وتكثر حوادث الشكاوى على أصحاب المحال التجارية ومحال الصيرفة والمجوهرات، وتنتشر ظاهرة ادعاء فتيات باغتصابهن من قبل أولئك، طمعا بالحصول على المال مقابل التنازل عن “جرجرة السجون”، حتى أن مختصين بتلك الحوادث بدأوا بتشكيل شبكات لذلك.
في جميع القطاعات داخل حمص، تعتبر مزاعم الاحتيال والمضايقات تحديا يوميا، والذي يطرح السؤال التالي، لماذا لا يزال هؤلاء يكافحون من أجل كيفية الرد على الادعاءات ومعالجتها وحلها، في حين أن الحكومة أصلا لم تنفذ مهامها، وتعمل على زيادة هذه الحالات عبر حل القضية بالتصالح، ما يشجع المجرم على إعادة ارتكاب جريمته.
والتحرش في القانون السوري نوعان، الأول لفظي والثاني جسدي، وفي حال كانت السيدة ضحية التحرّش فوق السن القانونية تكون عقوبة التحرّش اللفظي تكديرية، أي الحبس من يوم إلى عشرة أيام. وإذا كان تحرّشا جسديا فتكون العقوبة الحبس من ثلاثة شهور إلى ثلاث سنوات أي عقوبة الجنحة.
أما إذا كانت المرأة ضحية التحرش تحت السن القانونية فتضاعف العقوبة. ولتثبيت هذه العقوبات يجب أن يكون التحرش علنيا مثبتا بدليل كـشاهد أو الصراخ.
والنسبة العظمى من النساء لا يعرفن القوانين التي تحميهن من التحرش. وخاصة في الفئة العمرية بين 18 و50 سنة، وهو العمر الأكثر تعرضا للتحرش، حيث كانت نسبة 83 بالمئة من النساء من هذه الفئة العمرية لا يعرفن بالقوانين، ومن عرف منهن بالقوانين كان بمبادرة ذاتية ليس إلا.
الجدير بالدكر بأن التحرش عموما يواجه برفض مجتمعي معلن، إلا إن استغلاله الآن بهدف الحصول على الأموال هي شاكلة جديدة على المجتمع السوري، ربما أدت إلى انتشارها الأزمات الاقتصادية، أو سوء إدارة الحكومة، ودون صدور قوانين وتعديلات ضمن البنية التشريعية لحماية المدعى عليه، ستستمر هذه الظاهرة بالانتشار.