حمص/ بسام الحمد
شهد التعليم السوري تراجعاً كبيراً عالمياً على مستوى التصنيف العالمي، نتيجة الحرب الدائرة في البلاد وهجرة الكثير من المعلين والخبرات التعليمية لخارج البلاد، فضلاً عن تدمير الكثير من البنى التحتية من مدارس وغيرها.
بالإضافة لمنع الكثير من السوريين أولادهم من الذهاب للمدارس لارتفاع تكاليف المعيشة والتعليم، وعدم التزام المعلمين بالدوام لاضطرارهم للبحث عن فرص عمل ثانية لتغطية تكاليف المعيشة، واتجه الكثير من المعلمين للدروس الخصوصية.
ولأن حمص تعتبر من أكثر المدن التي عانت من ظروف الحرب، باتت ظاهرة الدروس الخصوصية مقلقة لجهة نموها المتسارع لدرجة أنها لم تقتصر فقط على طلاب الشهادتين “التعليم الأساسي والثانوية العامة”، بل اقتحمت المراحل الانتقالية كافة، وأضحت أشبه ما تكون ضرورة حتمية تلجأ إليها الأسر لتعويض النقص الحاصل في مستوى التعليم.
وألقى بعض أولياء أمور الطلبة اللوم على معلمي المدارس واتهموهم بالتقصير في أداء مهامهم ضمن المدرسة بغرض الترويج للدروس الخصوصية، ويأتي ذلك تزامناً مع اتهام عدد كبير من التلاميذ لمدرسيهم خاصة في المرحلة الانتقالية.
ويتهم بعض المعلمين يصبون جل اهتمامهم بالتلاميذ الذين يتلقون هذه الدروس لديهم، إلى جانب مطالبة بعض المعلمين للطلاب في الصف بالتسجيل بهذه الدورات “صيفا شتاء” مع وعود متعلقة بزيادة معدلاتهم.
في حين اعتبر علي ظاهر وهو مدرّس في إحدى مدارس حمص، أن الدروس الخصوصية ليست إلا هدراً للوقت من جهة، وبيع للأسئلة من جهة أخرى، خاصة عندما يقوم المعلم بالتركيز على الدروس قبيل الامتحان بيوم أو اثنين، في إشارة منه إلى إمكانية تسريب الأسئلة عن طريق التلميح لأهم المحاور في الكتاب.
من وجهة نظر أخرى يطرحها رامي سليمان وهو مدرّس رأى أنّ لبعض الدروس الخصوصية تأثيراً إيجابياً على الطالب وذلك بحسب حاجته للمساعدة من المدرسين لترميم بعض النقص في المواد، لكنه بذات الوقت أشار إلى أن تحول الدروس الخصوصية إلى ظاهرة متفشية يؤثر بشكل خاص على التربية، وعلى المدرسة كونها تعتبر أهم منهل للعلم، كما أن خطورتها تكمن في التداعيات النفسية حيث تجعل الطالب يعتاد على الاتكالية وعدم المبادرة أو الاعتماد على الذات، فضلاً عن أنها مرهقة جداً للأهل من الناحية المالية خاصة في ظل الظروف المعيشية الصعبة حالياً.
موظف في مديرية تربية حمص بيّن أن الشكاوى المتعلقة بهذا الأمر تحال للرقابة الداخلية للتحقيق حيث تتراوح العقوبة بين الإنذار والحسم وتشدد العقوبة في حال تكرار هذا الأمر، مؤكداً أن المدرس لا يسمح له بإعطاء الدروس الخصوصية لطلاب صفه ويعاقب من يرتكب ذلك.
ويرى بعض المدرسين أنّ للدروس الخصوصية عدة أسباب تتنوع بين تعويض الفاقد التعليمي وزيادة تحصيل الدرجات والمنافسة وفي بعض الأحيان ربما تكون للتفاخر بين المعارف والأقران ليس إلا.
أما أولياء الأمور فيؤكدون أن للدروس الخصوصية أسباب كثيرة ألزمتهم الانصياع لها، فمنهم من اشتكى من صعوبة المناهج وعدم قدرتهم على تعليم أبنائهم نظراً لضعف اطلاعهم العلمي الكافي الذي يؤهلهم للقيام بهذا الدور، فيرفعون مضطرين عن أنفسهم المسؤولية ويسندون هذه المهمة للمعلم الخاص، والبعض الآخر ردّ سبب لجوءه لهذه الدروس لعدم قدرة أبنائه على التركيز داخل الصف نظراً لاكتظاظ المدارس بالطلاب حيث يضم الصف الواحد ما يزيد عن 50 طالباً.
وتُرهق الدروس الخصوصية أولياء الطلبة، وتستنزف جيوبهم، ولكنهم مضطرين لأن بعض المعلمين حولوا المدارس مكاناً للنوم أثناء الحصة نتيجة إرهاقهم من تعب الدروس الخصوصية، أو إجبار الطلبة على اللجوء للمعاهد الخاصّة والدروس الخصوصية.