لكل السوريين

وليد جولي: “مستوطنات تركيا في سوريا ستمزق النسيج الاجتماعي السوري، والممولين شركاء في التغيير الديمغرافي”

حاوره/ مجد محمد 

اعتبر العضو في مركز الفرات للدراسات أن الهدف الرئيسي لدولة الاحتلال التركي من خلال عزمها على تهجير قرابة مليون نازح سوري من أراضيها هو رغبة منها لتنفيذ مشروع التغيير الديمغرافي في سوريا، الذي كانت قد بدأت به منذ عدة أعوام، ولا سيما منذ احتلالها لمدينة عفرين السورية، لافتا إلى أن المنظمات التي تعهدت بتمويل مشاريع التغيير الديمغرافي في سوريا هي شريك رئيسي في تلك العمليات.

بالتزامن مع اقتراب الانتخابات العامة في تركيا، واستمرار مطالبة المعارضة التركية بإعادة السوريين، كشف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عن تحضير أنقرة لمشروع يتضمن تهجير ما يقارب المليون نازح سوري مقيم في تركيا إلى مستوطنات بنتها تركيا في المناطق التي تحتلها في سوريا، وسط تخوفات من عمليات التغيير الديموغرافي التي تنفذها أنقرة في سوريا.

وبهذا الشأن أجرى مراسل صحيفتنا في الحسكة حواراً مع الأستاذ وليد جولي، العضو في مركز الفرات للدراسات وجاء الحوار كما يلي:

– منذ بداية الأزمة السورية كان لتركيا دوراً بارزاً في إطالة أمدها، رغبة منها تحقيق مشروعها في تغيير ديموغرافي في الشمال السوري، تعليقك؟

بداية لن أتحدث عن ما فعلته تركيا منذ بداية الأزمة، لأنه معروف لدى الجميع فالاحتلال وتسليح المرتزقة وتتريك  الأراضي واستخدام الكيميائي كلها جرت على مسمع ومرأى الجميع، ولكن في نهايتها أعلن أر دوغان  أخيراً عن نيته لإعادة مليون لاجئ سوري في تركيا إلى الشمال السوري، ووضعهم في تجمعات سكنية تضم (250 ألف منزل) يتمّ بناؤها بإشراف وعلى نفقة “منظمات إغاثية دولية”، بادعاء أن تلك المناطق تضمن “الاستقرار العسكري والسياسي والأمني” وتحت مسمى “العودة الطوعية”، وهو مؤشر على الأهداف الخفية المتعلقة بالتغيير الديموغرافي للمناطق الكردية

– هذه المنظمات الإغاثية الدولية، أليس غرضها انساني؟ كيف تقوم بفعل هذه الجريمة بحق الأصحاب الأصليين للأرض؟

أن المنظمات التي تشارك في تنفيذ مخططات التغيير الديموغرافي، مثل “إدارة الكوارث والطوارئ التركية (أفاد)، والهلال الأحمر التركي، وهيئة الإغاثة الإنسانية وحقوق الإنسان والحريات IHH تركيا، ووقف الديانة التركي، وجمعية الأيادي البيضاء، وجمعية الشيخ عبد الله النوري الخيرية- دولة الكويت “وغيرها، تدار من قبل حزب العدالة والتنمية  التركي وأذرع تنظيم الإخوان المسلمين العالمي تحت مسمّيات “إنسانية وإغاثية”، فهي منظمات إنسانية بالشكل سياسية بالمضمون.

– ذكرت دولة الكويت على وجه الخصوص، ما علاقتها بهذا الشأن؟

لا يقتصر الأمر على جمعية كويتية بحد ذاتها تدعم هذا المشروع، بل يتوقف الأمر على شيئا أكبر من ذلك وهو دعم من الإخوان المسلمين عن طريق الأموال التي تأتي من دول عدة وأبرزها قطر والكويت، واتهم الإخوان المسلمين بالتورط في المشروع التركي لتغيير ديموغرافية منطقة عفرين في شمال سوريا، فالإخوان المسلمين يمولون مشاريع بناء المستوطنات التي ستستقبل المستوطنين المراد توطينهم في المنطقة بدلاً من العائلات الكردية المهجرة، فالإخوان المسلمون ومال الإسلام السياسي يدعمان هذا المشروع.

– لماذا هذا الموقف العدائي كله، ما الهدف من هذا الشيء؟

أردوغان طالما افزعته آمال أكراد سوريا في الحصول على حكم ذاتي أو إدارة ذاتية يأخذ فيها الكرد حقوقهم، وها سيدفع  نظراءهم في جنوب تركيا للمطالبة بخطوة مماثلة، وهذا المشروع عبارة عن عملية شوفينية لفصل الأكراد عن مياه البحر المتوسط، حيث لا تبعد عفرين عن سواحل المتوسط أكثر من 35 كلم خط نظر، إضافة إلى كون 95 % من سكان لواء إسكندرون من الأكراد.

– والذين سيقطنون في هذا المستوطنات التي سيتم إنشاؤها، ماذا بشأنهم؟

إن كلام أردوغان حول إنها عودة طوعية محض كذب وافتراء، فسيتم ترحيلهم من تركيا إلى المستوطنات قسرياً رغما عنهم وبالإكراه، فالسلطات التركية رحّلت عدداً من السوريين من مدينة إسطنبول إلى شمال سوريا بشكل قسري، وبحسب معلوماتنا ومصادرنا الموثوقة فإن المرحّلين قسرياً من تركيا، جلهم يحملون بطاقات الحماية المؤقتة “الكيملك”، والبعض منهم يحمل إذن عمل وإقامات رسمية، وعدد آخر يدرس في الجامعات التركية ، وهذه ليست المرة الأولى التي تقوم بها السلطات التركية بترحيل لاجئين سوريين من أراضيها فقد سبق وأن أجبرت الكثير على الترحيل بحجة عدم امتلاك بطاقة الحماية المؤقتة “الكيملك” أو بسبب مخالفات، فليس غريبا عليها ان ترحّل مليون شخص دفعة واحدة حين الانتهاء من تجهيز المستوطنات.

– والمواطنين الذين سيقطنون في المستوطنات ولو بالإجبار، أليس سوريين؟

سوريين قادمين من مناطق متعددة وسيتم حصرهم في منطقة محددة وهي أصلاً ملك لغيرهم فهم لم يأتونا كضيوف فكنا سنرحب بهم خير ترحيب بل سيأتون كأنهم أصحاب أرض وبرفقة وحماية عصابات مسلحة ومرتزقة، فعودة السوريين إلى بلادهم أمر في غاية الأهمية ولكن يجب أن يعودوا إلى المناطق التي نزحوا منها وليس لمناطق جديدة، وطريق العودة يحتاج لمساهمة مختلف الدول وعلى رأسها تركيا في دعم حل سياسي سوري وليس عملية تغيير ديموغرافي تخدم مصالحها فقط.

– ما مدى خطورة هذا المشروع التركي؟

تركيا منذ سنوات وحتى الآن ترتكب جريمة كبيرة بحق المنطقة وثقافتها وطبيعتها التاريخية المتوارثة، فهي تقوم بعملية هندسة اجتماعية وديموغرافية كبيرة لتتخلص من هاجسها والذي يسيطر على العقل السياسي التركي والآن بعد عشرة سنوات من المأساة السورية بدأ واضح وجلي، إن الرئيس التركي لم يكن يهمه من التدخل في سوريا رغم مزاعمه وشعاراته الرنانة سوى التخلص من الحزام الديموغرافي الكردي الذي شكل فوبيا للعقل السياسي التركي، ويعتبر هذا المشروع من أخطر المشاريع التركية في الشمال السوري، وجزء من مخططها لضم الشمال السوري إلى الأراضي التركي مستقبلاً على غرار سيناريو “لواء الإسكندرون” وقبرص الشمالية.

– ما المتوقع من الأمم المتحدة من هذا الخطر وهل تتوقع منهم تدخل، وما المنتظر من المجتمع الدولي؟

هذه الممارسات التي يقوم بها الجيش التركي وبشتى الوسائل و بأساليبه المتنوعة لأحداث التغيير الديموغرافي  هي جميعها تتعارض مع جميع القوانين والاعراف الدولية المتعلقة مع مبادئ حقوق الانسان ، تركيا الآن عمليا ترتكب جريمة حرب  وجريمة إبادة ثقافية بحق جماعات قومية، والأمم المتحدة لا اتوقع ان تقوم بتصرف حاسم بهذا الخصوص مالم تتحرك الدول الكبرى وخاصة الولايات المتحدة الامريكية وفرنسا والدول العربية المعنية مباشرة في الملف السوري فهذأ الامر في نهاية المطاف يترك الباب مفتوحاً امام صراع عرقي خطير بين الكرد والعرب وهو مالا نتمناه.

-ما الحل للحيلولة دون إتمام مشروع التغيير الديموغرافي وكذلك كلمة أخيرة منك في نهاية الحوار؟

المسألة ليست مجرد هاجس قومي او عرقي بالنسبة للكرد فالقضية تتعلق بمستقبل التعايش السلمي لسورية، ولهذا السبب على جميع السوريين بعربهم وكردهم واختلاف قوميا تهم وطوائفهم أن يقفوا صفاً واحداً، ويتخذون موقفا واحدا إزاء هذه الجريمة التي تستهدف بالدرجة الأولى المجتمع السوري ونسيجه الفسيفسائي، وعليهم ان يتحركوا على الصعيد السياسي والإعلامي ولا يغضوا الطرف كما تفعل جماعة المعارضة وخصوصا الائتلاف ومرتزقة ما يسمى بالجيش الوطني، الذين هم شركاء في هذه الجريمة وسيحاسبون  على ما يفعلونه الآن عاجلاً ام آجلاً ، وختاماً المعارضة متواطئة بشكل او بآخر ولم يعد لديها هدف لأي تغيير سياسي في سوريا وهمها الرئيسي هو الهم التركي الذي ينحصر في التخلص من الكرد والفوبيا الكردية من المنطقة وهذا بالطبع شيء مؤسف جداً ويجب عليهم ان يتوقفوا عن المتاجرة بدم السوريين وتضحياتهم.