لكل السوريين

الدالية.. تاريخ يعود لـ 4000 عام، تفتخر بها مدينة جبلة، فبماذا تمتاز؟

اللاذقية/ سلاف العلي 

 

الدالية بلدة عريقة بريف جبلة تاريخها يعود لأربعة الاف عام واهم ما فيها اصالة شعبها وقت المحن وتنظيم العمل الخيري فيها قديم واصيل.

تاريخ الدالية قديم كبقية بلدات وقرى ريف جبلة سكنها أجدادنا الفينيقيين والاراميين قبل الاف السنين وحافظ أهلها على عاداتهم وتقاليدهم الاصيلة، ويعتبر مؤسسها بالعهود الحديثة الشيخ عبد الله الدالية، وكان لها تاريخ قديم بمقاومة الاحتلالين الفرنسي والتركي.

تقع بلدة الدالية إلى الجنوب الشرقي من محافظة اللاذقية وتتميز بتساوي بعدها عن كل من محافظات اللاذقية، وطرطوس، وحماة، وبمقدار 65 كم. وعن مدينة جبلة 35كم وعن مدينة بانياس حوالي 27 كم ,وتتوضع البلدة وسط سلسلة جبلية رائعة الجمال يحدها شمالاً جبل جوفين ووادي بيت عانا الذي يفصلها عن بلدية بسنديانة ويحدها جنوبا  وادي الدالية وحدود قرى بانياس ومن الشرق جبال الشعرة الحراجية ومن الغرب بلدة وادي القلع وبلدية بيت العلوني  ,ويرتفع مركز البلدة عن سطح البحر حوالي 800م ,وتوجد أعلى نقطة بقرية معرين 1160م وأدنى نقطة بوادي الدالية حوالي 300م ,تميزت عن غيرها من بلدات وقرى محافظة اللاذقية بجمالها البراق وموقعها الاستراتيجي المتميز الذي يجعلها نقطة وصل بين ثلاث محافظات وهي اللاذقية – حماه – طرطوس .

تعتبر الدالية مركز بلدة وناحية تتبعها القرى التالية: بيت عانا، معرين, مزرعة أبو رجيلة, بطموش, التلازيق ومزرعتيها النواقير-الدليبة, وعين غنام, ويبلغ عدد السكان الإجمالي فيها حوالي 13000 نسمة.

والقرية مؤلفة من حارات ثلاث متصلة ببعضها اتصالا كاملا بما يقارب أربع شوارع إسفلتية تتوازى مع بعضها حينا وتتقاطع أحيانا بما يناسب انحدار الجبل، وهكذا فهي شبه أفقية, أما شاقوليا فالقرية تتصل مع بعضها بشبكة كثيفة من السلالم الطويلة والتي تدعى بالمدارج التي تمتد من أعلى القرية حتى أسفلها.

تنتشر المساكن المبنية من البيتون في أغلب أحياء القرية ماعدا الحي القديم الذي يضم نبع ماء يسقي القرية، فالبناء هناك من الحجارة الكلسية، كما تحيط المدرجات الزراعية بها وخاصة من اليمين واليسار مع الامتداد الأفقي للمنحدر.

تحتوي القرية بريدا ومستوصفا ومقسم هاتف ومخفرا للشرطة، والكثير من المرافق الخدمية، أما نظام الري فهو مميز بعض الشيء إذ يبدو أنه يعتمد على المياه التجميعية وهي كثيرة في الشتاء تتجمع في أحواض تدعى: البيارة، حتى حلول فصل الصيف وتستخدم لسقاية المزروعات. والبيارة سطحية أي ليست عميقة تحت سطح الأرض بل تظهر بشكل واضح بين البيوت والمدرجات الزراعية بعضها مغطى والآخر مكشوف.

تشتهر البلدة وقراها بزراعة الزيتون والتبغ وبعض الأشجار المثمرة الأخرى منها ( التفاح – الكرز – الكرمة – الجوز – التين وبعض الخضراوات الصيفية ) إضافة لتربية الأبقار والماعز في ( معرين – بطموش ) وهناك بعض المداجن, وان  زيت الزيتون في القرية له ميزة خاصة فبالإضافة للتأثير الذي تحدثه التربة الكلسية على الشجرة، فأهل المنطقة يصنعون زيتا اشتهروا به وهو زيت الخريج الناتج عن معالجة الزيتون بطريقة السلق، وهو مرغوب كثيرا في المنطقة.

أما المهن اليدوية القديمة فزالت جميعها حيث طغت الآلات الحديثة السهلة الاستخدام، وكان الزيتون يعصر هناك على آلة قديمة من قدم شجرة الزيتون فيها هي الباطوس، حيث يوجد منها اثنان في قرية الدالية، كما يوجد مرفقا مع الباطوس، معصرة محفورة في الصخر, وتدل آلتا الباطوس مع المعصرة اليدوية في القرية على أن استخراج الزيت من الزيتون هناك متأصل في القدم، وتوجد أجران لقشر الحنطة التي كانت تزرع بكثافة هناك قبل انتشار زراعة التبغ.

أما بما يخص الأماكن السياحية والأثرية فيوجد في جبل جوفين بعض الكهوف والمغاور الأثرية إضافة لصخرة القنطرة إلى الشرق من البلدة التي تتميز بجمالها وكبر حجمها, أيضا وجود نبع في الدالية وأخر في بيت عانة.

ويوجد في منطقة جوفين قبور قديمة منذ عهد الفينيقيين تسمى: نواغيص وهي متوضعة على شكل بيوت ضمن الصخر، وفي زمن ثورة الشيخ صالح العلي كانت تلك النواغيص معقلا استخدمه الثوار لمحاربة الفرنسيين.

جميع سكان الساحل السوري يعرفون عيد الرابع او عيد الزهور, وهذا الاحتفال الاجتماعي يقام في القرية حيث يأتي الناس من كافة المناطق من الساحل السوري ويجتمعون عند ساحة الشيخ عبد الله, والذي يعتبر الجد الأول لأبناء الدالية والتي مضى على وجودها حوالي (400) عام وهي معروفة ومشهورة ففي كل عام وبتاريخ (4 نيسان) على التقويم الشرقي والذي يقابله تاريخ (17 نيسان) على التقويم الغربي في مناسبة عيد الجلاء, يجتمع الشباب والصبايا في حفلات الدبكة والرقص على صوت الطبل والزمر والقصبة، يسهرون حتى الساعة العاشرة أو حتى الحادية عشرة وهم يدبكون، ويجتمع الفتية والفتيات ليتعارفوا على بعضهم، فيما يكون الطعام الخاص بهذه المناسبة هو البيض.

ويوجد بعض الغابات الصناعية من الأرز والصنوبر والعديد من الغابات الحراجية الطبيعية ويوجد في البلدة أيضاً مجموعة ينابيع طبيعية في وسط البلدة ,ونبعان نبع غربي ونبع شرقي , وفي بيت عانا يوجد ثلاثة ينابيع جوفية ,وايضا  نبع غربي ونبع شرقي , وفي قرية التلازيق يوجد نبعان , وفي قرية معرين الغربية نبع واحد .

تعود تسمية القرية إلى أربع مائة سنة حيث كان جد القرية الشيخ عبد الله الدالية يجلس دائما ً تحت شجرة عنب (الدالية) عندما كان الشيوخ وطالبي العلم يقصدونه لنيل العلم وتعلم القرآن والحديث الشريف كانوا يشاهدونه جالس تحت شجرة الدالية ومنذ ذلك الحين أطلقوا عليه اسم الشيخ عبد الله تحت الدالية ومع مرور الزمن أصبحت تختصر بكلمة واحدة وهي الدالية.

الأهمية التي اكتسبتها البلدة كانت لربطها بين الساحل والداخل من خلال شبكة طرق ,وترتبط الدالية بالقرى المجاورة لها بشبكتي طرق معبدة تصلها بـسهل الغاب من جهتين: “الدالية”- “أبو قبيس”، و”معرين”- “بشيلي”- أوستراد “بيت ياشوط”- “الغاب”، وهناك الكثير من الطرق الزراعية التي شقت كلها بالعمل الطوعي الشعبي وبتمويل من الجمعية الخيرية التي تنفرد بها بلدة الدالية، حيث يدير هذه الجمعية أعضاء من وجهاء القرية , وقد كانت البلدية في الماضي ومازالت تعمل حتى الآن على تزفيت الطرقات وشق طرق جديدة بالإضافة إلى تنفيذ الأدراج لتسهل تنقل المواطنين بين الأحياء وخاصة في فصل الشتاء بسبب طبيعة أرض القرية الجبلية والمنحدرات الكثيرة فيها وتعمل البلدية بشكل دائم على تنفيذ جدران استناديه على الطرقات الضيقة والمنحدرة والتي تضم جرف صخري هائل ,تقوم الجمعية بالأعمال الخيرية والخدمية العامة كمساعدة المحتاجين والفقراء ، كما قامت بإنشاء فرن آلي خاص بالقرية.

وبما أن الدالية تعتبر شبه مدينة فهي مخدمه بمركز هاتف متطور ومصرف زراعي ووحدة إرشادية ومعمل للسجاد اليدوي بالإضافة إلى أربع مدارس (مدرسة إعدادية ومدرسة ثانوية ومدرستين للابتدائية) بالإضافة إلى وجود مركز صحي ومؤسسة استهلاكية ومركز ثقافي ومخفر للشرطة وسجل مدني لأهل القرية.

أحدثت البلدة في عام 1972م , أما بالنسبة لنسبة التعليم في البلدة وقراها تصل إلى 98% وذلك نظرا  لثقافة أهل تلك المنطقة عبر التاريخ وتبلغ نسبة المعمرين في البلدة حوالي 35% ونسبة الذكور 45% ونسبة الإناث 55%