لكل السوريين

نساء لينا هويان الحسن نرجسيات ومشغولات بأنفسهن

عشقت لينا هَويان الحسن، مكر البادية وأضواءها البرّاقة، ومعتركاتها ولهو شبابها وشاباتها، في ظل متاهات مبهمة، منذ نعومة أظفارها.

فرحت بتآويل الحياة، على الرغم من منغّصاتها وآلامها، ولم تكن تعرف يوماً أنَّ البادية ستكون هي الملهمة الأساس لحكاياتها، وحوارياتها.

كانت صرخاتها تتحدّى المحيط، أو بالكاد، وهي تعلن حريتها التي استوحتها من رمال الصحراء، ومن سراب البادية، وشيم أهلها، الذين يتحلّون بالشجاعة والذكاء الفطري، واحتفائهم بالضيف وتكريمه، والانغماس بما يتطلبه الحال حيال أي شيء نقيض ذلك. ورواياتها الأحد عشر، “معشوقة الشمس” 1998، “التروس القرمزية” 2001، “التفاحة السوداء” 2003، “بنات نعش” 200، “سلطانات الرمل” 2009، “نازك خانم” 2013، “ألماس ونساء” 2014، “البحث عن الصقر غنام” (رواية للفتيان) 2015، “الذئبة أم كاسب” (رواية للفتيان) 2016، “الذئاب لا تنسى” 2016 “بنت الباشا” 2017.

روايتها “ألماس ونساء” الصادرة عن “دار الآداب”، تعد أول نص أدبي سوري يُكتب عن المهجر السوري. تتبع خطوات نساء مختلفات، هاجرن من دمشق وقطعن الأطلسي صوب المهجر السوري في بوينس أيريس وساو باولو، ليصنعن حياتهن بحرية أكبر.

عن بطلات الرواية تقول الحسن: “نسائي نرجسيات إلى حدّ الأنانية، دائماً مشغولات بأنفسهن وطموحاتهن الشخصية ورغباتهن مع كبرياء كبيرة”. إضافة إلى أربعة كتب توثيقية، وهي:

ـــ “مرآة الصحراء” (كتاب توثيقي عن البدو)، 2000

ـــ “آنا كارنينا تفاحة الحلم” (دراسة سيكولوجية)، 2002

ـــ “نمور صريحة” (مجموعة شعرية)، 2011

ــ “رجال وقبائل” (كتاب توثيقي عن أعلام البادية السورية)، 2013، تضمّنت أسلوباً مشوّقاً في السرد، ولافتاً في الموضوع.

من عناوين تلك الروايات التي أنتجتها الروائية البدوية الأصل، وأصرّت دائماً على أن تكون بدوية الطابع، حتى في شكل غلفها الخارجية الممزوجة بعبق البادية السورية التي أعلنت فيها حرية التعايش، وكانت مشوار الألف ميل الذي صدّرت منه عالمها الإبداعي، ناهيك بالأقوال والترانيم والحكم.

ها هي لينا هَويان الحسن، بنت بادية حماه المبدعة، المشرقة في ثورتها، ثورة الحرف، الذي عرفت كيف تصوغه، وبإتقان يدٍ خبيرة، فأجادت، ومن هنا لمع نجمها، وذاع صيتها، وتلوّنت أفكارها بحروف كثيرة أمتعتنا بها، وسُررنا.

تالياً أثمرت تحدياً لم يكن في يوم ما إلاّ ذاك الظل في خباء منكسر البيت الذي صار مع مرور الوقت ملاذاً للإنتاج، وغيّر الكثير في حياة أديبة شابة مثقفة، أجادت فن استعمال الحرف الذي تناول حكايات البادية المترفة بالروعة والبهاء، على الرغم من الصعاب التي واجهتها، فكانت متنفساً لإبداعها الذي سطّر رؤية متجدّدة في عالم مؤسي.

وكان للحب جانب في بعض ترانيمها العفوية، وللجمال نكهته الخاصة أيضاً “لا يكفي أن يكون الجمال فاتناً، لا بد أن يكون جارحاً أو ضارباً”. وفي حديثها عن الصحراء، إنها “المكان الذي يعطيك حرية إلى حد العصيان”.

وسبق للروائية السورية الحسن حصد عدد من الجوائز الأدبية، ومنها:

الجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر) لعام 2015، عن روايتها “ألماس ونساء”،

وجائزة الشيخ زايد القائمة القصيرة لأدب الأطفال لعام 2016 عن رواية “البحث عن الصقر غنام”.. فضلاً عن جائزة الشيخ زايد القائمة القصيرة لأدب الأطفال لعام 2017 عن رواية “الذئبة أم كاسب”.

بقي أن نشير إلى أن الأديبة السورية لينا هَويان الحسن، ولدت في البادية السورية، 20 يناير 1974، في مجتمع قبلي وعشائري، وتنتمي لقبيلة الجميله القيسية.

درست في مدينة دمشق بكلية الآداب، وتخرجت من قسم الفلسفة مع ليسانس وشهادة دبلوم دراسات عليا، كما عملت في الصحافة السورية بين عامي 2003 و2013 في صحيفة (الثورة) الرسمية حيث أشرفت على ملحق الكتب بين عامي 2006 و 2013. وبين عامي 2003 و2006، عملت بالصحافة الثقافية النقدية حيث كتبت مقالات متنوعة: سينما، نقد، تشكيل، مسرح، ومحاورات ولقاءات مع مفكرين وأدباء وفنانيين.

غادرت سوريا مطلع عام 2013 لأسباب شخصية، وتقيم في بيروت حالياً. كتبت خلال ذلك في عدّة منشورات ودوريات وصحف عربية.

عبد الكريم البليخ