لكل السوريين

تركيا لن تضيع فرصة بغية احتلال المزيد من الأراضي السورية سمير عزام: “تفاهمات دمشق وأنقرة الغير معلنة للالتفاف على شمال شرقي سوريا، والهدف تغيير ديمغرافية المنطقة”

حاوره/ ميزر الشهاب 

أكد منسق تجمع السوريين العلمانيين الديمقراطيين في السويداء، أن ما يسعى له الاحتلال التركي من خلال مرتزقة الجيش الوطني في كل من شمال وشرق سوريا وعفرين يصل إليه من خلال التسهيلات التي تقدمها له الحكومة السورية وحليفتها روسيا، وأضاف أن الهدف الرئيسي من التفاهمات مؤخراً هو الالتفاف على شمال شرق سوريا ككل، وإعادة سيناريو الاسكندرون.

ومؤخرا، عادت تركيا للمشهد الإقليمي مجددا بعد سنوات خلاف مع عدد من الدول الإقليمية أبرزها الإمارات والسعودية ومصر، وذلك بعد الدعم التركي اللامحدود خلال الفترة السابقة لتنظيم الإخوان المسلمين، إلا أن عدة متغيرات دفعت أنقرة بالذات لبدأ مرحلة جديدة (صفر مشاكل) مع دول الجوار والدول الإقليمية، لكون حزب العدالة والتنمية يتحضر لخوض الانتخابات الرئاسية في البلاد.

بالإضافة إلى ذلك، فإن المرحلة الحالية تشهد تجاذبات وإن كانت غير معلنة إلا أن أهدافها تصبو لكلا الطرفين، تتمخض في محاولة تركيا ودمشق خلق المزيد من الضغوطات على الإدارة الذاتية في شمال وشرقي البلاد، حيث تناغمت محاولات دمشق لفرض حصار على حيي الشيخ مقصود والأشرفية مع الاستهداف المتكرر من قبل دولة الاحتلال التركي والتنظيمات الإرهابية المرتزقة على مناطق التماس في شمال شرقي سوريا.

وللحديث بشكل أوسع حول التقاربات التي تسعى لها كل من الحكومة السورية ودولة الاحتلال التركي، أجرت صحيفتنا حوارا مع الأستاذ سمير عزام، منسق تجمع السوريين العلمانيين الديمقراطيين في السويداء، وجاء نص الحوار كما يلي:

ـ تشهد الفترة الحالية تقاربات على المستوى الإقليمي، بين دول كانت على مرحلة عداء طوال السنوات الأخيرة، طبعا إحدى هذه التقاربات وإن لم تكن معلنة، هي التقارب على بين أنقرة ودمشق، ما قراءتك، ولماذا جاءت في هذا التوقيت، وما مدى قربها من التقارب التركي ـ الخليجي؟

التقارب والتفاهم بين تركيا والنظام السوري ظهر إلى العلن الآن ولكنه بدأ عمليا باتفاق روسيا وإيران وتركيا على إطلاق مسار أستانا بشهر كانون ثان 2017 والممثل بهذا المسار النظام والائتلاف وأنقرة، النظام تمثله روسيا وإيران، وائتلاف أنقرة تمثله تركيا.

هذا المسار المخالف لقرارات الشرعية الدولية ومجلس الأمن الدولي ذات الصلة بالأزمة السورية اعتمد المقايضات بين أطرافه والاتفاق الأمني بين تركيا والنظام السوري الذي أعلنه وزير الخارجية التركي الأسبوع الماضي والمتضمن توطين بين نصف مليون إلى مليون من اللاجئين السوريين المقيمين في تركيا بمناطق الشمال السوري المحتلة من تركيا، في إدلب واقضية عفرين ورأس العين وتل أبيض، هو نتاج طبيعي ومتوقع لتلك المقايضات، التي بدأت بإطلاق مسار أستانا.

زيارة رجب أردوغان للملكة العربية السعودية الأسبوع الماضي لا شك أنها أتت لتسويق الاتفاق بينه وبين رئيس النظام السوري، حيث يحتاج تنفيذ الاتفاق إلى غطاء سياسي عربي ويحتاج إلى تمويل من دول الخليج العربي لبناء مآت آلاف الوحدات السكنية والمستوطنات لتوطين اللاجئين بمناطق الشمال السوري.

السؤال، هل سينجح أردوغان بالحصول على موافقة السعودية على اتفاقه مع رئيس النظام السوري وتمويله، أعتقد أنه لن ينجح؛ تهجير مكون سوري “الكرد” من أرضهم وبيوتهم انتهاك صارخ لاتفاقية جنيف الرابعة التي نصت على حماية المدنيين وقت الحرب ومنع تهجيره مواطن واحد من بيته أو بلدته.

تهجير الكرد من قضاء عفرين وقضائي رأس العين وتل أبيض وتوطين مكون آخر من مناطق سورية أخرى مكانهم، هذا تطهير عرقي ويعد بالقانون الدولي جريمة ضد الإنسانية لا تنتهي بالتقادم ولا اعتقد ان السعودية وبلدان الخليج العربي بوارد المساهمة بهذا الجريمة.

والمطلوب أيضا من الممثلين السياسيين للمكون المتضرر التحرك سياسيا وقانونيا وبكل المحافل الدولية ضد مشروع التوطين الذي أعلن عنه الرئيس التركي من سنوات ويشرع الآن لتنفيذه.

ـ التغيرات الدولية التي طغت على المشهد العالمي، ولا سيما الحرب الروسية الأوكرانية، هل أجبرت دولا ما على تغيير مواقفها في بعض الأمور العسكرية أو السياسية؟

العالم قبل الغزو الروسي لأوكرانيا لن يكون كما قبله والتغيير بمواقف الدول الأوروبية حدث فعلا. دول أوربا الشمالية كانت منذ الحرب العالمية الثانية ومع بدء الغزو الروسي طلبت الانضمام إلى حلف الأطلسي “ناتو”.

العدوان الروسي على أوكرانيا فوض نظام الأمن الأوروبي لأول مره منذ نهاية الحرب العالمية الثانية تشن دوله حرب على دوله في أوربا بهدف السيطرة عليها.

هذا إرهاب دولة وبلطجة لا يمكن قبولها من المجتمع الدولي أو السكوت عنها، فاندفعت أميركا ودول القارة الأوربية بكاملها بتقديم الأسلحة الدفاعية المتقدمة والدعم الوجيستي والاستخباراتي لأوكرانيا، ما أدى لصد الهجوم الروسي عن العاصمة “كييف” وفرض الانسحاب على الجيش الروسي باتجاه شرق أوكرانيا وجنوبها ما اجبر الرئيس الروسي بتغيير خطته الأصلية بالسيطرة على كامل أوكرانيا إلى السيطرة على منطقة دونباس بالشرق ومدينة ماريوبول بالجنوب وسط مقاومه ضاريه يبديها الجيش والشعب الأوكراني بتلك المناطق.

مع تصميم الجيش والشعب والرئيس الأوكراني بالدفاع عن وطنهم ودحر العدوان الروسي وبالدعم غير المسبوق الذي قدمته وتقدمه أميركيا ودول أوربا لأوكرانيا نعتقد أن الحرب ستتواصل وتتحول إلى حرب استنزاف لروسيا، إلى أن تخرج من كامل الأراضي الأوكرانية متهالكة عسكريا واقتصاديا وسياسيا وأخلاقيا، وسيعقب ذلك ولادة نظام عالمي جديد ديمقراطي مختلف عما كان عليه العالم قبل الغزو الروسي.

ـ بالنسبة للمشهد السوري، وبالتحديد شمال شرقي البلاد، هل ستتأثر من جراء التقارب التركي الخليجي، أو التركي السوري الغير معلن، ولماذا؟

العدو التركي لم ينتظر التقارب مع بلدان الخليج العربي ليشن عدوانيين على الشمال السوري بالعام 2018 على قضاء عفرين، و في العام 2019 على قضائي رأس العين و تل أبيض، ومما لاشك فيه أن النظام التركي لن يترك أي فرصة متاحة لشن مزيدا من الاعتداءات بشمال وشرق سوريا، وتحديدا على مناطق الإدارة الذاتية لشمال وشرق سورية، وهدفه المعلن تقويض الإدارة الذاتية والسيطرة على كامل الأراضي السورية بالشمال والشمال الشرقي وتغيير ديمغرافيتها، وضمها للكيان التركي التركي كما حدث بضمه كليكيا عام 1922 وضمه لواء اسكندرون بالعام 1939.

هل سيحدث اجتياح تركي جديد على مناطق الإدارة الذاتية، استبعد حدوث ذلك حيث الخط الأحمر الذي رسمته أميركا بخريف العام 2019 أمام أطراف الحرب المحليين والإقليميين لايزال قائم ولن تتجرأ تركيا او غيرها على خرقه.

ـ على الصعيد السوري أيضا، انتهاء دور الائتلاف سياسيا هل سيكون له تداعيات إيجابية على المستوى السوري، أم أنه بالأساس لم يكن له ثقل حتى يغير شيئا، قراءتك؟

ائتلاف أنقرة كان منذ تشكله أداة بيد تركيا لتنفيذ اطماعها بالأراضي السورية ولم يكن له دور آخر يتعلق بالشأن السوري. نعتقد أن دوره انتهى بقرار تركي بعد أن فقد صلاحيته وتأثيره بين حواضنه، ومحاولات تركيا بتشكيل كيان سياسي جديد منبثق من الائتلاف لن يؤدي لتغيير بالجوهر طالما أعضائه مقيمين في تركيا، وبالتالي يتلقوا التعليمات منها.

ـ كلمة أخيرة توجهها عبر صحيفتنا للسوريين بشكل عام

على أطراف الصراع السوريين أولا وقبل أي شيء آخر أن يتواضعوا سياسيا ويعرفوا حجمهم. مشاريعهم الكبرى غير قابله للتحقق. ما يدور في سورية منذ 11 عام صراع دولي وإقليمي كبير ليس فيه لأطراف الصراع المحليين تأثير كبير.