لكل السوريين

حصار الشيخ مقصود نتيجة اتفاق بين أنقرة ودمشق، الهدف ضرب التعايش المشترك ممثل عشيرة الشرابين العربية في حوار مطول: “نحن لسنا انفصاليين وقواتنا هي من دحرت الإرهاب”

حاوره/ مجد محمد  

أكد، الرئيس المشترك لمجلس سوريا الديمقراطية في الحسكة أن سعي أنقرة ودمشق مستمر لإفشال التعايش المشترك في شمال شرقي سوريا، لافتا إلى أن حصار أحياء في مدينة حلب جاء نتيجة اتفاق مبطن بين العاصمتين.

منذ الإعلان عن الانتهاء من تنظيم داعش الإرهابي وتردد الأصداء في العالم عن قوة قوات سوريا الديمقراطية، ونجاح مشروع الإدارة الذاتية؛ التي تشكلت نتيجة تكاتف وتماسك الشعب في المنطقة بكافة مكوناته، لم تهدأ المناطق في شمال وشرق سوريا مطلقاً، فتارة هجمات داعش وخلاياه النائمة وتارة أخرى الاحتلال التركي وتصعيده بشكل يومي وغيرها من حصار بعض الاحياء، وكأنما العالم بأجمعه اتحد بالتظاهر بالعمى عن التهديدات التي تتعرض لها المنطقة وضرب تماسك شعب المنطقة وإدارته التي تعد مثال يحتذى به في عموم سوريا والعالم.

وحول هذا الموضوع، ومواضيع أخرى مرتبطة به، أجرت صحيفتنا حوارا مطولا مع الرئيس المشترك لمجلس سوريا الديمقراطية في مقاطعة الحسكة، ثابت الجوهر، والذي يعد ممثلا عن عشيرة الشرابين، كبرى عشائر مدينة الحسكة، وجاء نص الحوار كما يلي:

– مع استمرار الاحتلال التركي لاحتلاله بعض مدن شمال وشرق سوريا كرأس العين وتل أبيض وعفرين، تقوم الآن بضرب وقصف بعض المدن والقرى في شمال الحسكة كأبو رأسين وتل تمر وقراها، برأيك ما هدف الدولة التركية من كل هذا؟

دولة الاحتلال التركي سعت وتسعى، إلى ضرب المنجزات التي حققتها شعوب شمال وشرق سوريا على وجه الخصوص، فهدف دولة الاحتلال التركي من تهديداته وشن هجماته على شمال وشرق سوريا، هو قضم المزيد من الأراضي السورية وتغيير ديمغرافية المنطقة من خلال توطين أسر مرتزقته في المناطق التي احتلتها.

وكذلك هدف الاحتلال التركي الرئيسي هو القضاء على المشروع الديمقراطي في شمال وشرق سوريا، وإعادة أطماع أجداده العثمانيين، فتركيا تحكم بالقوة، على الرغم من معارضة الأحزاب السياسية لسياسة أردوغان وذلك مع اقتراب انتهاء معاهدة لوزان.

– برأيك هل ستتأثر مناطق شمال وشرق سوريا من انتهاء اتفاقية لوزان، وما الذي تريده تركيا مع انتهاء الاتفاقية؟

لا شك في أن هذه النقطة حساسة حيث انه لم يتبقى الكثير من الوقت لانتهاء صلاحية الاتفاقية التي رسمت حدود تركيا، فبقيت سنة واحدة على انتهاء اتفاقية لوزان التي عقدت عام ١٩٣٦ التي نصت على وضع الشعب الكردي تحت سيطرة تركيا وإيران.

وبالإضافة إلى بريطانيا وفرنسا اللتين كانتا دولتي الانتداب على العراق وسوريا، لذا من الطبيعي أن نشهد على صراع عالمي بين القوى المهيمنة وسترسم خريطة جديدة لجميع المناطق وخاصة الدول التي تتضمن وجود الشعب الكردي (العراق وإيران وتركيا وسوريا)، وبالتالي فأن الهجمات التركية تزايدت لكي تستطيع بسط سيطرتها على أكبر المناطق لرسم حدودها وذلك بهدف إحياء امبراطورية الدولة العثمانية وبالتالي هذا سيؤثر على شمال سوريا منطقياً.

– مع استمرار التهديدات التركية، ما هو موقف الحليف الأمريكي المتواجد على الأرض، وكذلك القوات الروسية؟

انتقد وبشدة موقف الدول العظمى الموجودة التي تتآمر على مناطق شمال وشرق سوريا فالطرفان الأساسيان لهذه الحرب المستمرة هما الأمريكي والروسي، لهذا فأن الهجمات تكون دوماً بموافقة هذه القوى الإقليمية وذلك عبر المقايضات والاتفاقيات التي تستهدف مناطقنا.

فالطرف الأمريكي موقفه غير واضح لشعوب شمال وشرق سوريا حتى هذه اللحظة فهو يحاول دائماً إيصال رسالة مفادها محاربة الإرهاب الذي يراه فقط في داعش ولا يراه في الطرف الذي يستمد قوته من الدولة التركية رغم أن العديد من التقارير كشفت ارتباط داعش بتركيا، اما روسيا فهدفها الاساسي هو تسليم المنطقة لقوات النظام الذي يحاول العودة لسوريا ما قبل ٢٠١١ وهذا بالتأكيد ما نرفضه نحن.

– بالنسبة لحكومة دمشق، هل برأيك هي الفاعل الرئيس بكل ما يجري في المنطقة، وماذا تستفيد وماذا تريد؟

النظام السوري حتى يومنا هذا يتهمنا بأننا انفصاليين، ويرى قواتنا التي هي من ابناء الشعب السوري وحمت المنطقة ودحرت أكبر تنظيم ارهابي متواجد على الارض السورية بأنها ميليشيات ومرتزقة، فبالرغم من محاربة قواتنا للاحتلال التركي يرى بأننا قمنا بتسليمها لهم طواعية دون تقدير للشهداء الذين ضحوا بأرواحهم في سبيل حماية ارضنا.

وبالتالي بعد انتهاء المعارك جاء بقواته ووضعها بطريقة شكلية فقط على الحدود حفاظاً على ماء وجهه فقط وكذلك ليصور للإعلام فقط انه يحاول حماية الارض السورية، وبالتأكيد له يد في ما يجري فهو من شأنه أيضاً القضاء على مشروع الإدارة الذاتية والعودة لما قبل ٢٠١١ لعصر العبودية والاستبداد وكأنه لم تحدث هنا ثورة أفنى بها أكثر من اثني عشر ألف مقاتلاً بروحهم لأجلها؛ ما عدا الشهداء من المدنيين.

– بالنسبة لحصار الشيخ مقصود والأشرفية، هل تعتقد أن هناك تنسيق بين أنقرة ودمشق في هذا الشأن؟

نعم بالتأكيد، فإن هذا التحرك من جانب النظام السوري وتطويقه للأحياء وتجويعها جاء نتيجة للقاءات الأمنية مع تركيا، والتي لم تتوصل بعد إلى أي اتفاق، فحصار احياء الشيخ مقصود وما يجري فيها جاء نتيجة لقاءات بين الاستخبارات التركية والسورية، هذه التحركات على ما أرى هي نتيجة لتلك اللقاءات المستمرة بين الجانبين والتي لم تنقطع، في الآونة الأخيرة خاصة، توسعت دائرة اللقاءات التي تعلنها الوكالات التركية والمسؤولين الاتراك حول لقاؤهم مسؤولين واستخبارات سوريين وتنكره سوريا.

– ما الذي يجري في أحياء الاشرفية والشيخ مقصود، وما الهدف منه؟

نتيجة لقاءات بين الاستخبارات السورية والتركية وكخطوة اولية للاتفاق بينهما لأفشال مشروع الادارة الذاتية وضرب التعايش المشترك، فرضت الفرقة الرابعة في قوات حكومة دمشق حصاراً على حيي الشيخ مقصود والأشرفية في مدينة حلب، ازدادت شدته بدءاً من ١٣ من شهر آذار الفائت ليؤدي إلى انقطاع كامل لمادتي الطحين والخبز عن أهالي الحيين البالغ عددهم ٢٠٠ ألف نسمة.

وإن حكومة دمشق تهدف عبر حصارها للحي السيطرة عليه، وإخضاع الإدارة الذاتية للاستجابة لمطالبها، نظراً للأزمات المعيشة التي تحصلها في مناطق سيطرتها من جوع وصعوبات معيشية وفقدان جزء من إيرادات النفط، فدمشق حاولت عدة مرات اختراق مشروع الإدارة الذاتية لإفشاله، استناداً لما فعلته مسبقاً عقب نجاحها في اختراق المعارضة السورية، والتي أصبح واضحاً على مدى مرور أحد عشر عاماً بوضعها في أزمة حقيقية، فالحكومة السورية تعتمد الآن أسلوب الحصار والتجويع للمناطق الأمنة كما تفعل في حي الشيخ مقصود الذي غالبية سكانه من المكون الكردي والذي تديره إدارة مدنية لا تتبع لأهواء دمشق.

– حصار وتجويع لمحاولة فناء ٢٠٠ ألف شخص ألا يعتبر جريمة، وهل سيستمر النظام بسياسته، وماذا عن الرأي العام بهذا الخصوص؟

بالتأكيد، فأن ممارسات النظام في حيي الشيخ مقصود والأشرفية ليست بالجديدة ولم تنتج عنها نتائج إيجابية وهذا التصرف يعتبر من جرائم الحرب وإنها جريمة دولية تستدعي تدخلاً اقليمياً ودولياً مباشر، ولكن دمشق لم تعد تعي إن إجراءاتها التي تعتبر من أكبر الجرائم، لم تعد تجدي نفعاً وعليها ان تغير سياستها، لأن استمرار هذه السياسة هدفه إركاع شعب حي الأشرفية والشيخ مقصود عن طريق التجويع.

ولكن أثبتت التجارب أن هذه السياسات لم تكن لها نتائج إيجابية لسلطة دمشق، بل على العكس فهي تخلق المزيد من الرفض، ومن الغريب أن تتجه سلطة تدعي أنها تمثل الشعب السوري وتمثل السيادة السورية، إلى سياسة تجويع الشعب ومحاصرته من أجل أن يقبل الشعب هذه السلطة، أما عن الرأي العام العالمي فهو في سبات دائم، فهم دائما ما يشعرون بالقلق ويشجبون ويستنكرون ويرفضون هذه الممارسات، ولكن دون جدوى.

– في سبيل فك الحصار، ماذا فعلتم؟

قامت قوى الأمن الداخلي مشكورة بتطويق المربعين الأمنيين في مدن الحسكة والقامشلي كوسيلة ضغط لفك الحصار عن أحياء الأشرفية والشيخ مقصود، إلا أنه تم تقديم تسهيلات كبيرة للقاطنين من الأهالي في المربعين الأمنيين، حيث أنهم من أبناء الشعب السوري ومن المحال تجويعهم مثلما يفعل النظام بالشيخ مقصود، فسياستنا تختلف ومن المستحيل مننا اتباع نهج العدوان والتجويع للأهالي المدنيين والعزل، فحصارنا فقط كان مؤسساتي للضغط على مؤسسات النظام وقواه الأمنية، وهذا ما جاب نتيجة فقام النظام بتخفيف الحصار عن أحياء الشيخ مقصود وادخال سيارات الخضروات وعدد قليل من سيارات الطحين.

– وفي الختام، ما هو الحل برأيك للتخلص من التهديدات التركية، وكذلك حل شامل لعموم سوريا؟

للتخلص من الاحتلال التركي وتهديداته يجب علينا نحن السوريين أن نتكاتف ونتعاون للإعادة لملمة شتات بلدنا سوريا الأم، فمتى ما اتفقت القوى الفاعلة السورية على الارض نستطيع طرد كافة القوى الغاصبة، فالآن أن السبيل الوحيد لحل الأزمة السورية وجميع المشاكل التي تعاني منها سوريا هو الحوار بين الأطراف السورية المتعددة الفاعلة للوصول إلى حل سياسي سلمي يحقق أهداف وتطلعات الشعب السوري بجميع مكوناته.

ونحن في مجلس سوريا الديمقراطية نمد أيدينا للتعاون مع اي قوى سوريا في سبيل إنهاء الأزمة، فعلى حكومة دمشق أن تتوجه للحوار السوري-السوري فهذا أفضل لها من محاصرة الشعب وتجويعه، لإيجاد حل للأزمة السورية التي أصبحت في عامها الحادي عشر، وبدون هذا الحوار وبدون وجود حل سياسي لن تستطيع حكومة دمشق بسط سيطرتها على الأراضي السورية ولن تستطيع إقناع الشعب السوري بقبول هذه السلطة.