لكل السوريين

في دمشق.. نشاط الملتقيات الثقافية غير الرسمية بين منظورين

بين النهوض من تحت ركام الحرب، ومنفذ للتخلص من سطوة الشكل السائد في الثقافة السورية المكرر، تختلف وجهات نظر السوريين ولا سيما المثقفين للملتقيات الثقافية غير الرسمية التي باتت تنشط في العاصمة.

وتتمحور نشاطات هذه الملتقيات حول مشاريع ثقافية متنوعة وتمثّل مبادرات فردية إبداعية يعمل أصحابها على تطوير أفكارهم ومشاريعهم وتحويلها إلى بنى مؤسساتية قابلة للاستمرار بشكل مستقل.

وقال الكاتب والصحفي علي الراعي، مدير “الملتقى السوري للنصوص القصيرة/ الأدب الوجيز” والذي تأسس عام 2011، إن الدافع الحقيقي لإقامة هذه الفعاليات هو نوع من “مُجاكرة للحرب عبر مناحٍ جمالية إبداعية تقف ضدّ الخراب والتدمير والقتل العشوائي”.

وأضاف إن ملتقاه “هروب من بيروقراطية المؤسسة الثقافية الرسمية من ناحية، واحتجاج على نتاجها”، ولتغييبها لبعض الشخصيات والأنواع الإبداعية والتي تشكل غايةً للملتقى.

ويرى الراعي أن الملتقى هو مكمل لما تنتجه المؤسسة الثقافية الرسمية، “لذلك فضّلنا دائماً أن نقيم النشاطات بعيداً عن المراكز الثقافية الرسمية قدر الإمكان، واخترنا التوجه نحو أماكن أهلية مثل “العاديّات” والمقاهي الشعبية، وهذا بحدّ ذاته نوع من إشارة إلى رغبتنا في الابتعاد عن جوّ الثقافة الرسمي السائد”.

وتجاوزت هذه المنتديات وحدة الموضوع أو نمطية الفعاليات، فلم تعد الأمسية لجنس أدبي واحد أو فن من الفنون بحد ذاته، بل أمست ميداناً لاجتماع الفنون والآداب حيث تترافق الموسيقى والرقص والغناء مع قراءات أدبية ونشاطات فنية أخرى، فتغدو الأمسية مجالاً للجمال الأدبي والفني عموماً بعد أن عانت الأمسيات الثقافية من نمط معين.

وأخذت المنتديات الثقافية مكاناً بارزاً في الحياة الثقافية والاجتماعية السورية بعد أن خرجت عن شكلها المألوف وباتت تقام في مطاعم دمشق القديمة أوفي بيوتها العريقة، “فيتجمع روادها في البهو والفسحة السماوية قرب البحرة والنوفرة” وتحيطهم بقية غرف ومعالم تلك البيوت التراثية.

وتبدو فكرة توفير جو مختلف وفضاء جديد يحتضن الفعاليات الثقافية الحديثة فكرة محورية ومشتركة بين المشرفين على تلك الملتقيات الأهليّة.

وينتشر في دمشق الكثير من المنتديات الأخرى، ترتبط أسماء بعضها بمقهى أو مطعم أو ناد أو تنظيم، ويرى القائمون عليها في كل منها رافداً ثقافياً مهماً في مسيرة الثقافة الجمعية للإنسان السوري على اختلاف المستويات.

ويعود تاريخ تأسيس الجمعيات والمنتديات والأندية الأدبية والثقافية والسياسية في سوريا إلى منتصف القرن /19/، وعرفت دمشق الجمعيات لأول مرة عام 1874 عبر جمعية “رباط المحبة” وهي جمعية علمية، ثم بدأت الجمعيات تتزايد إلى أن توقفت عام 1958.

وكانت وزارة الشؤون الاجتماعية هي المسؤولة عن عدم منح تراخيص لأي منتدى أو جمعية خيرية أو ثقافية، إلى أن عادت وزارة الثقافة السورية في عام 2018 لمنح تراخيص للمنتديات والملتقيات ذات الطابع الثقافي حصراً، بينما بقيت وزارة الشؤون الاجتماعية مختصة بما يعرف بجمعيات خيرية أو جمعيات عمل.