لكل السوريين

انقسام في صفوف المعارضة السودانية.. والجيش متمسك بالسلطة

تقرير/ محمد الصالح 

بينما تتزايد الانقسامات في صفوف المعارضة السودانية، يؤكد رئيس مجلس السيادة الانتقالي على أن القوات المسلحة لن تسلم السلطة إلا “لمن يأتي عبر الانتخابات أو التوافق السياسي”.

وحسب بيان من إعلام مجلس السيادة، أشار عبد الفتاح البرهان إلى ضرورة التصدي لما وصفها بحملات “التضليل والتلفيق والكذب” فيما يتعلق بموقف الجيش السوداني من الأحداث الجارية بالبلاد.

وكان “تجمع القوى المدنية” في السودان قد أعلن انسحابه من ائتلاف الحرية والتغيير في خطوة اعتبرها بعض المراقبين ضربة للمعارضة السودانية، وأثارت تساؤلات كثيرة حول تأثيرها على المشهد السياسي في السودان، وحول توقيت الخروج من الائتلاف الذي كشف عن مساعي قادته لتشكيل مركز موحد للقوى المعارضة.

وبرر التجمع في بيان له، خروجه من كافة هياكل ائتلاف الحرية والتغيير بإتاحة الفرصة لتشكل ثوري جديد على أسس راسخة.

وأوضح البيان اعتراض التجمع على ضعف أداء الحكومة الانتقالية، في مجال إعادة بناء الدولة السودانية، وعدم شمول الأجهزة العسكرية والقضائية والتعليمية بعملية تفكيك النظام السابق.

كما أشار التجمع في بيانه إلى حدوث تجاوزات في العمل المشترك، وبروز تكتلات داخل ائتلاف الحرية والتغيير، مما أدى إلى إضعاف مشاركة القوى الأخرى.

خطوة للأمام

اعتبر تجمع القوى المدنية خروجه من ائتلاف الحرية والتغيير، خطوة مهمة تمهد للتنسيق مع القوى الثورية السودانية بشكل أفضل، للتمكن من مواجهة العسكريين بعد الانقلاب العسكري الذي قام به قادة الجيش.

وكشفت عضوة سكرتارية التجمع أنه ظل في حالة نقاش مستمر لأكثر من عام، بشأن بقائهم داخل قوى الحرية والتغيير من عدمه.

ونوهت إلى أن التجمع قام بتأجيل البت في هذا الأمر، تغليباً للمصلحة الوطنية ومراعاة للوضع الدستوري الذي كان قائماً آنذاك.

وردت على الاتهامات الموجهة للتجمع بأنه قطع الطريق أمام جهود وحدة القوى المعارضة، واصفة  قرار الخروج من ائتلاف الحرية والتغيير، بأنها “خطوة للأمام” من أجل التنسيق مع مختلف القوى الثورية السودانية من موقع مستقل، وهو ما يساعد على تحقيق تطلعات الشعب  السوداني في إزاحة العسكر من السلطة، ويمهد لاستعادة المسار المدني الديمقراطي للثورة.

المتضرر الأكبر

في المقابل، يعتبر خبراء عسكريون أن قوى الحرية والتغيير هي المتضرر الأكبر من إقدام تجمع القوى المدنية على الانسلاخ من التحالف.

ويتوقعون استمرار عمليات الانقسام والتشظي داخل الائتلاف، بسبب التهميش والإقصاء الذي تمارسه مجموعة الأربعة، في إشارة إلى أحزاب الأمة القومي والمؤتمر السوداني والبعث العربي الاشتراكي والتجمع الاتحادي، ضد بقية مكونات التحالف، إذا لم تتوافق إدارة التحالف على رؤية جديدة قائمة على تعزيز خطوات تجبر المكون العسكري على تنظيم انتخابات عامة في نهاية الفترة الانتقالية.

ومن جانبه، أعرب أحد المتحدثين باسم ائتلاف الحرية والتغيير، عن أسفه لخروج التجمع من التحالف المعارض، ولكنه شدد على عدم تضرر الائتلاف من هذه الخطوة.

وقال “قد نختلف حالياً مع تجمع القوى المدنية في الوسائل والآليات، ولكن هذا لا يعني أننا لا نعمل جميعا على إنهاء سيطرة العسكر على مقاليد السلطة، وهذا هو المهم حاليا”.

تجمع القوى المدنية

تشكّل “تجمع القوى المدنية” في السودان قبل سقوط نظام الرئيس عمر البشير بفترة طويلة، وساهم في صياغة إعلان الحرية والتغيير الذي طالب برحيل النظام وتأسيس هياكل انتقالية لحكومة مدنية تحقق السلام والتحول الديمقراطي والتنمية وكرامة الوطن والمواطن.

والتجمع حسب ميثاق تأسيسه، “منصة لتنظيمات المجتمع المدني الفئوية والنسوية والشبابية والمناطقية والمطلبية والشخصيات العامة”.

وكان من أبرز القوى التي تحفظت على الاتفاق السياسي بين المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير في شهر تموز عام 2019، وبرر تحفظه آنذاك بوجود “نواقص وثغرات ينبغي استكمالها لحماية الثورة”.

كما دعم في شهر أيار عام 2021، استقالة مرشحته بمجلس السيادة الانتقالي احتجاجاً على تجاهل أصوات المدنيين في كل مستويات الحكم.

وساهم بتأسيس ائتلاف الحرية والتغيير مع تحالف نداء السودان، وقوى الإجماع الوطني، وتجمع المهنيين السودانيين، والتجمع الاتحادي.

يذكر أنه بعد استيلاء الجيش السوداني على السلطة في الخامس والعشرين من شهر تشرين الأول الماضي، نزل آلاف المتظاهرين إلى الشوارع في العاصمة الخرطوم والمدن السودانية الأخرى، احتجاجاً على ما وصفوه بانقلاب على الثورة السودانية، في حين قال عبد الفتاح البرهان إن الجيش استولى على السلطة لتجنب اندلاع حرب أهلية.

وأسفر تصدي الجيش والأمن السوداني للمتظاهرين عن مقتل العشرات، وإصابة المئات منهم.

وما زالت الأزمة المستمرة بالسودان تهدد بإعادته إلى حالة استبداد شبيهة بمرحلة حكم البشير.