لكل السوريين

الأزمة الأوكرانية.. معركة متوقّعة أم عودة إلى أجواء الحرب الباردة

تقرير/ لطفي توفيق 

يتصاعد الحديث عن هجوم روسي وشيك على أوكرانيا، وتتسابق وسائل الإعلام العالمية على تغطية التحركات العسكرية والدبلوماسية المتعلقة بهذه الأزمة، في حين يستبعد بعض المراقبين حدوث مواجهة مسلحة بين البلدين لأنها ستكون مكلفة للجميع، وخاصة لأوروبا التي تعتمد في معظم احتياجاتها من الغاز على روسيا، وقد يشكل قطعه عنها أزمة يصعب تجاوزها سريعاً.

ويشير المراقبون إلى تردد أوروبا، وخاصة ألمانيا تجاه التصعيد مع موسكو، بسبب الارتدادات العكسية لفرض عقوبات جديدة على روسيا، حيث ستكون عواقبها كبيرة على اقتصاد أوروبا.

ويرى محللون سياسيون فيما يجري عودة إلى أجواء الحرب الباردة، حيث يتوقع الروس انتشار قوات حلف الناتو على الحدود الاستراتيجية لبلادهم إذا انضمت أوكرانيا إليه، ويصرّون على إبعادها عنه، ويخشون من تكثيف أنشطة الاستطلاع على مقربة منها باستخدام طائرات دون طيار من قبل الولايات المتحدة ودول الناتو، إضافة إلى بيانات الأقمار الصناعية الأميركية، لتنفيذ المراقبة على مدار الساعة لتحركات الوحدات العسكرية الروسية.

يضاف إلى ذلك، عدم حصول موسكو على ردود مرضية لها بخصوص الضمانات الأمنية، من قبل واشنطن وحلف الناتو، التي يشكل عدم انضمام أوكرانيا إلى الناتو، أحد أهم بنودها. واعتبرت روسيا أن الردود التي تسلمتها، “لم تتعامل مع مخاوفها الأساسية، لكنها لم تستبعد مواصلة المحادثات”.

خطورة الحسابات الخاطئة

في هذه الأجواء المتوترة قد تتسبب الحسابات الخاطئة بعمل عسكري دموي غير مقرر، حيث يعتبر الغرب أي تحرك عسكري روسي، أو مناورات روتينية عملاً خطيراً.

وقد يشمل ذلك التدريبات العسكرية المشتركة بين روسيا وبيلاروسيا، المقررة يوم غد, ولا يستبعد أن يراها الغرب مقدمة لنشر قوات روسية في بيلاروسيا لمهاجمة أوكرانيا من الشمال.

وتتهم الولايات المتحدة ودول غربية وأوكرانيا، روسيا بنشر أعداد كبيرة من القوات والآليات ومنظومات صاروخية قرب حدود جارتها الغربية استعدادا لمهاجمتها.

لكن موسكو تنفي ذلك، وتعتبره مجرد دعاية غربية، وتتهم كييف بالتحضير لعملية عسكرية ضد الانفصاليين الموالين لموسكو في إقليم دونباس شرقي أوكرانيا.

وتؤكد أن الجيش الأوكراني يجهز لعمل عسكري ضد جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك، حيث يحمل غالبية سكانهما الجنسية الروسية، وترتبطان بحدود مشتركة مع روسيا تصل إلى نحو 400 كيلومتر.

ومع أن وزير الخارجية الأوكراني صرح أن التقارير الروسية بشأن اعتزام القوات الأوكرانية غزو منطقة دونباس المنشقة بشرق البلاد لا أساس لها، وقال “أوكرانيا لا تخطط لأي عمل هجومي في دونباس ولن تحشد قوات هناك”، وأكد إن بلاده لا تريد حربا.

ولكن إذا رأت موسكو أن كييف بدأت بتدابير تعبئة ملموسة لعمل عسكري أوكراني في منطقة دونباس، ستجتاح القوات الروسية أوكرانيا بمختلف مناطقها.

سلاح الغاز الروسي

يستبعد بعض المراقبين حدوث مواجهة مسلحة بين روسيا وأوكرانيا، لأنها ستكون مكلفة للجميع وخاصة لأوروبا التي تعتمد بنسبة 40 بالمئة من احتياجاتها للغاز على روسيا، وتعرف أن تعويض هذه الكميات في حال توقفها، غير ممكن في المدى المنظور على الأقل، ومن البلدان التي لديها أكبر احتياطي من الغاز في العالم، قطر وإيران، ولا تتمكن إيران من تعويض هذه الكميات، أو جزء منها، بسبب العقوبات والحصار والمقاطعة، لذلك من الصعب اعتمادها كبديل رغم احتياطاتها الكبيرة، وقد يكون من الصعب اعتمادها بديلاً  حتى لو تم رفع عنها الحصار لهذا الغرض، لأنها لا تملكك إمكانات تأمين هذه الكميات في المدى القريب.

ولا تتمكن قطر أيضاً من تعويض سوى جزء من إمدادات الغاز الروسية في وقت قصير.

فقد اعترفت قطر بعدم قدرتها على سد أي فجوة محتملة للغاز الروسي بمفردها.

وقال وزير الدولة لشؤون الطاقة القطري إن قطر لم تخاطب عملاءها الآسيويين بشأن إمكانية تحويل إمدادات الغاز إلى أوروبا، وأكد أن دولة واحدة غير قادرة على سد الفجوة التي من الممكن أن تحدث بسبب وقف إمدادات الغاز الروسية إلى أوروبا.

وكانت الولايات المتحدة قد طلبت من قطر ومنتجي الطاقة الرئيسيين الآخرين، دراسة ما إذا كان بإمكانهم إمداد أوروبا في حالة تعطلت التدفقات الروسية نتيجة التوترات مع أوكرانيا.

كما أن العوائق الفنية قد تحول دون تأمين بديل عن الغاز الروسي لأوروبا، فموانئ استلام الغاز السائل خاصة ومكلفة، وليس من السهل زيادة الكميات دون موانئ جديدة أو استثمارات كبيرة.

ولذلك لا يتوقع المراقبون أن يحدث أي انقطاع للغاز الروسي عن أوروبا، من خلال استبعاد وقوع مواجهة عسكرية في أوكرانيا، إلّا إذا حدثت بسبب سوء التقدير أو الحسابات الخاطئة.