لكل السوريين

نظرة تاريخية على العنف بحق المرأة “2”

بقلم/ ضبية الناصر

أما في العهد الإسلامي وبالرغم من أن التشريع الإسلامي أهتم كثيرا لتنظيم العلاقة بين الأفراد ولاسيما المرأة والرجل بجعل الاتصال بينهما مبنيا على الرضا، غير إن رجال الدين والفقهاء اختلفوا اختلافا كبيرا في تفسير بعض الأمور ولاسيما تلك التي تخص المرأة وانقسموا لفرق، لكني سأركز على الفريق الذي يعتمد المنهج الانتقائي الذي يستبعد كل ما من شأنه أن يحقق المساواة بين الجنسين ويرفع من شأن المرأة، لأن تفسيراتهم هي التي لاقت رواجاً كبيرا فمثلا إذا أخذنا مفهوم القوامة كمثال: نجد أنه كثير من المشايخ يقول: إن وجود القوامة دليل أنه ليس هناك مساواة بين المرأة والرجل وبالتالي فأن عدم فهم الزوج لدرجة القوامة تجعله يقصر تجاه المرأة وقد يسيء إليها إساءة  تنال من كرامتها وإنسانيتها، وبالتالي يعتقد أن له الحرية المطلقة أن يفعل بها ما يشاء دون أي مراجعة في حين أنه كلمة زوج تحمل أبلغ دلالة على معاني المساواة المطلقة بين الرجل والمرأة، حيث أن القوامة ليست سلطة تعسفية بل هي حق يقابله واجب غير أنها أقصد القوامة في الثقافة المجتمعية تعني خضوع المرأة للرجل، فإذا تمردت على هذا الوضع فهي ناشز ويحق للرجل أن يؤدبها إلى حد الضرب والأمثلة في الحياة اليومية كثيرة.

طبعاً أريد أن أوكد أن الكثير من أشكال العنف في حق المرأة في الدول الإسلامية يعود إلى التفسيرات الانتقائية للشيوخ والفقهاء والتي ترسخت بسبب الظروف التي مرت بها المرأة في مجتمعاتنا، التي لم تساعد على تحريرها فبقيت النظرة السلبية للمرأة هي القاعدة التي ترتكز عليها علاقة الجنسين، كما أخذت ظاهرة العنف الموجه ضد المرأة أشكال متعددة وهمجيه بالانتقال إلى حال المرأة في القرن العشرين نلاحظ أن هنالك الكثير من التطورات الخاصة في مجال حقوق الإنسان في الميثاق التأسيسي للأمم المتحدة 1945 فقد أكد على المساواة بين الجنسين، وكذلك الجمعية التأسيسية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان والحريات أكدت على ضرورة محاربة كل أشكال التميز الاجتماعي الجنسي وعام 1950، وكذلك في عام 1979 تم المصادقة على اتفاقية القضاء على التميز ضد المرأة.

وبالتالي نجد أن القرن العشرين جرم تعنيف المرأة بسبب الضغط الكبير للحركات النسوية والجمعيات الغير الحكومية التي كان لها الفضل الكبير في إبراز مدى انتشار هذه المشكلة وخطورتها على المجتمع بشكل عام.

غير أننا في هذا القرن نجد أن العنف أخذ إشكال أخرى جديدة ومتنوعة، حيث أصبح هناك العنف الموجه نحو عرق معين أو فئات محددة فيتم استهداف النساء بقتلهم لأنهاء سلالة أو جنس معين، كما انتشرت ظاهرة المتاجرة بالنساء وأيضا إيجاد ما يسمى بالسياحة الجنسية التي محوروها المرأة وأيضا المتاجرة في القدرات الإنجابية للإنسان وكلها أشكال جديدة للعنف عرفها هذا القرن.

وفي الختام بالرغم من كل الأصوات المطالبة بضرورة تغيير الوضع الاجتماعي للمرأة، إلا أن تراكم التفسيرات الدينية الانتقائية لمختلف الديانات وترسخ العديد من القيم والتقاليد بأن المرأة ناقصة الأهلية وغياب قوانين ملزمة للقضاء على العنف ضد المرأة يجعل كل المؤسسات النسوية الرسمية وغيرها مسؤولة نحو تحشيد الطاقات والإمكانات في سبيل توعية المجتمعات بدور المرأة المساوي للرجل، وكذلك العمل على تفعيل الاتفاقيات والقوانين المعطلة وجعلها ملزمة وقيد التطبيق.