لكل السوريين

ميناء قطاع غزة المؤقت.. تساؤلات حول أهدافه وتشكيك بجدواه

أثارت فكرة الرئيس الأميركي جو بايدن إنشاء ميناء بحري مؤقت في قطاع غزة تساؤلات كثيرة حول الأهداف الحقيقية الكامنة وراءها.

وقوبل إعلان بايدن بتشكيك وانتقادات من جانب خبراء في مجال العمل الإنساني ومسؤولين في منظمات دولية اعتبروا أن الخطوة الأميركية “تصرف الانتباه عن الأزمة الحقيقية في غزة”.

واعتبر الناطق باسم وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” أن المعابر البرية هي السبيل الأفضل لدخول المساعدات الإنسانية لقطاع غزة.

وأكدت مديرة الاتصالات في الوكالة وجود طرق “أسهل وأسرع وأكثر أماناً من إيصال المساعدات جواً وبحراً للاستجابة لاحتياجات الناس”.

وشددت على ضرورة زيادة عدد شاحنات المساعدات عبر نقاط العبور بين إسرائيل وقطاع غزة، حسب صحيفة واشنطن بوست.

ويرى مراقبون أن الميناء العائم المقترح لا يشكل حلاً جذرياً للأزمة الإنسانية في القطاع، “في حين يكمن الحل في ممارسة الضغط الكافي على دولة الاحتلال لإدخال المساعدات براً بالقدر المناسب”.

ويشير آخرون إلى أن الدافع الأميركي لإنشاء الميناء العائم، هو خشية واشنطن من تداعيات تدهور الأوضاع الإنسانية في القطاع على مصالحها في المنطقة وحول العالم، بسبب صمتها وتواطئها مع جرائم الاحتلال في غزة، حيث يعتبر ملف حقوق الإنسان ركناً أساسياً في السياسة الخارجية الأميركية، ومبرراً لتدخلاتها العسكرية والعقوبات الاقتصادية التي تفرضها على العديد من دول العالم، ولا ترغب في إضعاف هذه الأداة الاستراتيجية في سياستها مستقبلا.

غموض وتناقضات

ندّد المقرر الأممي الخاص المعني بالحق في الغذاء مايكل فخري بالاقتراح الأميركي، وقال خلال مؤتمر صحفي في جنيف إنها “المرة الأولى التي أسمع أحداً يقول إننا بحاجة إلى استخدام رصيف بحري، لم يطلب أحد رصيفاً بحرياً، لا الشعب الفلسطيني ولا المجتمع الإنساني”.

ووصف فخري الاقتراح الأميركي بأنه “خبيث” لأنه جاء استجابة لمصالح انتخابية، ولفت إلى أن الولايات المتحدة “تقدم في الوقت نفسه القنابل والذخائر والدعم المال لإسرائيل”.

وقال القيادي في حركة حماس محمد نزال إن المقترح “لا يزال غامضاً ويثير الكثير من التساؤلات”.

وأشار إلى أن طرح الإدارة الأميركية لبناء الميناء البحري في هذا الوقت بالذات يحتاج إلى الكثير من التفاصيل حول مهمات الميناء وإدارته وموقف الاحتلال منه، وقال “إن المقترح يحمل تناقضات غير مفهومة ولا مبررة ولا مفسرة”.

في حين قال الخبير الأردني في الشؤون العسكرية والاستراتيجية هشام خريسات “رغم الجانب الإنساني لما أعلنه بايدن، فإن هناك جانباً آخر للميناء العائم يرتبط بتشجيع هجرة الفلسطينيين طوعاً إلى أوروبا، وإلغاء أي دور لمعبر رفح البري على الحدود مع مصر”.

تشكيك بالدوافع

رأت منظمة أطباء بلا حدود أن عزم الولايات المتحدة إنشاء ميناء بحري مؤقت في قطاع غزة “محاولة لحجب الأنظار عن المشكلة الحقيقية المتمثلة في الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع”.

وفي بيان على موقعها الإلكتروني، طالبت المديرة التنفيذية للمنظمة في الولايات المتحدة، أفريل بينوا، إدارة الرئيس الأميركي بالضغط على إسرائيل لفتح المعابر الحدودية الجاهزة لإدخال المساعدات.

ونبّهت بينوا إلى أن “المشكلة الحقيقية هي الحصار الذي تفرضه إسرائيل على غزة، واستخدام القوة غير المتناسبة”.

وأشارت إلى أن المواد الغذائية والمياه والإمدادات الطبية التي يحتاجها الفلسطينيون موجودة على الحدود، وطالبت إسرائيل بالسماح بوصولها إلى قطاع غزة.

وأوضحت أن المشكلة “ليست لوجستية بل سياسية، وعلى الولايات المتحدة أن تصر على الوصول الفوري للمساعدات الإنسانية من خلال المعابر والممرات الموجودة، بدلا من الالتفاف حول المشكلة، والطريقة الوحيدة المضمونة لزيادة وصول المساعدات العاجلة هي إعلان وقف إطلاق النار في غزة”.

وفي هذا السياق، نوّهت إلى استخدام الولايات المتحدة حق النقض ضد مشروع قرار وقف إطلاق النار في غزة ثلاث مرات في مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة.

ضوء أخضر إسرائيلي

نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مسؤول إسرائيلي كبير لم تكشف عن اسمه قوله “إن تل أبيب لم تكن بعيدة عن فكرة إقامة الرصيف المؤقت لإدخال مساعدات إغاثية إلى سكان قطاع غزة التي تحدث عنها الرئيس بايدن”.

وحسب المسؤول، فقد تم بحث هذه المبادرة مسبقاً بين إسرائيل والولايات المتحدة والاتفاق على التنسيق بينهما خلال تنفيذها.

وحسب مراقبين، يشير الضوء الأخضر الإسرائيلي للبدء بتنفيذ هذا المقترح إلى وجود مصلحة إسرائيلية من إقامة الرصيف المؤقت، كونه سيشكل بديلاً لمعبر رفح، وسيخرجه من الخدمة، حيث أن إسرائيل “لا تثق بالمعبر وتعتبره المدخل الرئيسي لأسلحة حماس”.

ويرى متابعون للأحداث في المنطقة أن فكرة الميناء الأميركي المؤقت، ستشكل ضغطاً على مصر للحد من دورها الرافض لتهجير الفلسطينيين عبر التقليل من أهمية معبر رفح، ولإضعاف مصالحها وتقاطعاتها المشتركة مع حركة حماس.

كما ستوجّه ضربة قاسية لحركة حماس حيث سيصبح الميناء المنفذ الرئيسي لدخول المساعدات الإغاثية إلى القطاع بموافقة إسرائيلية، ولتهجير الفلسطينيين طوعياً أو قسرياً من القطاع.