لكل السوريين

الآشوريون عبر التاريخ

أرض الرافدين وأرض الجزيرة الفراتية أو الجزيرة السورية أرض خصبة جذبتِ الإنسان منذ القدم، فعاش فيها وبنى فيها حضارات ظلَّتْ آثارها حتى هذا اليوم، وهي تقع بين نهري “دجلة” و”الفرات” هذا ما يوفر فيها الماء العذب الذي كان يهيِّئ للإنسان القديم بيئة مناسبة للحياة وإقامة حضارة، وقد سكنَ الإنسان بلاد الرافدين والجزيرة الفراتية منذ آلاف السنين.

حيث يُرجَّح أنَّ وجود الحياة البشرية فيها يعود إلى “12” ألف عام قبل الميلاد، ومن أهم الحضارات التي عاشت في بلاد الرافدين والجزيرة الفراتية الحضارة “السومرية”، و”الآكادية”، و”الآشورية”، و”البابلية”، و”الحورية’ ، وفي هذه المقالة سنلقي الضوء على الحضارة الأشورية وسيتم الحديث عن الأشوريين من جوانب عدَّة.

والأشوريين هم شعب عاش شمالَ بلاد الرافدين وعلى أرض الجزيرة الفراتية، وأسس الحضارة الأشورية التي توسَّعت في الألف الثانية قبل الميلاد، وشملت الحضارة الأشورية “نينوى”، و”نمرود”، و”خورسباد”، ومدن الجزيرة الفراتية.

وقد حكم الأشوريين في القرن التاسع عشر قبل الميلاد الملك “شمشي”، قبل أن يستولي البابليون بقيادة “حمورابي” على مدينة “آشور” عام “1760” قبل الميلاد، وفي عام “1273” قبل الميلاد قام الملك الآشوري “شلمنصر الأول” واستولى على “بابل”، وفي عام “1000” قبل الميلاد استولى “الآراميون” على مدينة “آشور” ، ليتجه الأشوريون إلى “سوريا” ويسيطروا على مدينة “فينيقيا” ومدينة “صور” في القرن الثامن قبل الميلاد، وفي أواخر القرن السابع قبل الميلاد دمَّر الأشوريون “بابل” فثار عليهم البابليون وهزموهم عام “612” قبل الميلاد.

كانت المملكة الأشورية مملكة عسكرية بامتياز، استخدمت العبيد في حروبها التوسعية، كما يُذكر عن هذه الحضارة أنَّها اهتمَّتْ بالعمران اهتمامًا كبيرًا، فاشتهرت عنها تماثيل الثيران المجنحة وعُرفت عنها نقوش المعارك التي كان الأشوريون يرسمونها على الجدران، وقد استطاع الأشوريون إنشاء مملكة عظيمة امتدت من نهر “النيل” إلى “القوقاز”، ومن أشهر ملوك الأشوريين: الملك “آشوربانيبال” ، الملك “تغلات فلاسر الثالث” ، الملك “سرجون الثاني” ، الملك “سنحاريب”، الملك “آشور ناصربال الأول”.

والمعلومات الكثيرة التي وردت عن هذه الحضارة جاءت من نقوشهم التي كتبوها بالخط المسماري حيث كتب الأشوريون كتابة مسمارية على ألواح الطين، ولعلَّ أبرز مخطوطاتهم هي ملحمة جلجامش العظيمة أمَّا من حيث العلم، فقد عرفَ الأشوريون الكسور والمربع والمكعب والجذر التربيعي، وكانت لهم معارف جمَّة في علم الفلك وكان لهم تقويم قمري قسَّموا فيه السنة لشهور والشهور لأيام، وقد ظهر اهتمامهم الكبير في العلم من خلال مكتبة “آشور بانيبال” التي تُعدُّ من أشهر المكتبات في تاريخ البشرية والتي جمع فيها “آشور بانيبال” ألواح الطين من بلادٍ مختلفة.

كانت مدينة آشور عاصمة المملكة الأشورية تتبع لـ “بابل”، ثمَّ أصبحت تابعة لمملكة “ميتاني” في الألفية الثانية ق.م، وفي عصر القوة للمملكة الأشورية، أصبحتْ المملكة الأشورية أكبر إمبراطورية في العالم، وفي هذا العصر ظهرت ملامح أول إمبراطورية في التاريخ بحسب أغلب المؤرخين، فقد استخدم الأشوريون الحديد ووضعوا الخطط العسكرية التي زادت قوَّة نفوذ هذه الإمبراطورية.

و”الأشوريين” الحديثين هم “الأشوريون” الذين يرجعون في نسبهم إلى سبعة آلاف عام قبل الميلاد، و”الآشوريون” هم من أوائل معتنقي الديانة المسيحية في الشرق، أسسوا كنيسة الشرق الأشورية والكنيسة السريانية الأرثوذكسية، وقد استمرَّ الأشوريون المسيحيون في بلاد الرافدين حتَّى جاء الفتح الإسلامي في القرن السابع الميلادي، وجلب معه اللغة العربية التي حلَّت محلَّ اللغة الآرامية التي يُرجَّح أنَّها لغة السيد المسيح “عيسى” عليه السَّلام.

وعلى الرغم من الوجود الإسلامي حافظ “الأشوريون” الأصليون على دينهم المسيحي ولغتهم “الآرامية”.. أمَّا في العصر الحديث فقد عاش الأشوريون في البلاد التي سكنها أجدادهم القدماء في شمال “إيران”، وفي “العراق”، وفي “سوريا”، ثمَّ انتشروا في دول كثيرة حول العالم، ويقدَّر عددهم اليوم بنحو ثلاثة ملايين أشوري في العالم كلِّه، وقد تعرَّض “الأشوريون” للعديد من المجازر فهاجر قسم كبير منهم، ومن أبرز المجازر التي تعرّض إليها الأشوريون هي المجزرة التي قامتْ بها الدولة العثمانية خلال الحرب العالمية الأولى.

(منقول بتصرف)