لكل السوريين

الفخّار.. عالمٌ من العراقة يقاوم اندثار الحرف التراثية في حماة

حماة/ حكمت أسود

عندما يدخل الزائر سوق خان رستم باشا الأثري في مدينة حماة ويتجول في قسم صناعة الفخار ينتقل إلى عالم آخر من البساطة والعراقة في آن واحد.

فهناك خلف عجينة الطين يجلس العم “أبو ابراهيم” الذي يبادر زواره وعشاق هذه المهنة بابتسامة تغرق تفاصيل وجهه، ساعات طويلة ليمارس عمله الذي تعلمه من عائلته التي امتهنت صناعة الفخار منذ أكثر من تسعين عاماً ويسعى هو بذلك إلى تعليم هذه الحرفة الجميلة لأبنائه ولمن يشاء رغبة منه بالمحافظة عليها.

إذ إن صناعة الفخار من الحرف التراثية القديمة التي تحافظ على رونقها وجمالها وتشد انتباه عشاق التراث التقليدي بتناسق الألوان ومتانة العجين التي تصنع منها القطع الفنية وتعطيها رونقاً جميلاً.

وبمرافقة صوت آلته اليدوية تحدث “أبو ابراهيم” عن طبيعة المهنة والأدوات التي تدخل في صناعة الفخار ومنها الدولاب اليدوي وأدوات أخرى، موضحاً أن صناعة قطعة من الفخار تحتاج لما لا يقل عن ست ساعات عمل لإنتاج قطعة مزخرفة غاية في الجمال.

وعن صعوبات هذه الحرفة أشار إلى ارتفاع أسعار المواد الأولية التي تدخل في صناعة هذه المنتوجات داعياً لتخفيضها حماية لتلك المهنة التي تعبر عن تراثنا المحل، كما يأمل العم إيلاء هذه الحرفة الاهتمام لأنها قديمة ومهددة بالاندثار مشدداً على ضرورة توفير المواد اللازمة لها إضافة إلى دعم العمل الحرفي بكل الإمكانيات وإيجاد سوق دائم لعرض منتجاته اليدوية والتراثية.

جمعية المهن الحرفية أوضحت أن محافظة حماة كانت مشهورة بعدد العاملين الذين يمارسون هذه المهنة ولكنها تراجعت بشكل ملحوظ في السنوات الماضية كما أن ارتفاع أسعار المواد الأولية وعدم وجود سوق تصريف للمنتجات ساهم في عدم انتشار هذه الصناعة، داعية لمنح العاملين في المهنة قروضاً دون فوائد وإعفائهم من أجور المحلات المستأجرة حالياً.

كما دعت الجمعية لتخصيص ممر في سوق خان رستم باشا للمحلات المعنية بالحرف اليدوية والمهن التراثية ومنها صناعة الفخار وتقديم كل التسهيلات من أجل دعمها والمحافظة عليها.

قطع فنية غاية في الروعة تخرج من تحت أيدي العم الذي يتفنن في أدق التفاصيل ويضيف: “ليس هناك شيء أجمل من أن تبدع شيئاً تصنعه بيدك وتسجله بمشاعر وأحاسيس صادقة فتكون دلالاته إنسانية تراثية فنية عريقة تخبر بالماضي الذي كان وتؤصل لمستقبل مشرق يشع نوراً وبهاء”.