لكل السوريين

من نحن؟ وماذا نريد؟

حسن مصطفى

سؤال رئيسي يتفرع عنه الكثير من الأسئلة, فمن نحن؟

قد يعتقد البعض أن الاجابة بسيطة كبساطة مفردات السؤال, ولكن الواقع غير ذلك بالتأكيد فنحن بالواقع أكبر من أن يحددنا ويعرِف ماهيتنا وكينونتنا سؤال بسيط كهذا سؤال.

فنحن شعب سوري عاش على الأرض السورية، ومنذ أقدم عصور التاريخ وعلى أرضه درجت الحضارة وخطت أولى خطواتها, فكانت دمشق أقدم مدينة مأهولة في التاريخ, أما مريبط فشهدت أعظم تحول في التاريخ عندما تحولت الحضارة إلى نظام الزراعة، بعد أن كان الانسان لاقطاً للثمار غير منتج ليصبح منتجاً بعد أن استطاع زراعة بعض البذور.

وهكذا استمرت الحضارة على الأرض السورية، حيث تعرف العالم على أبجديته الأولى في رأس شمرا, أما نهر الفرات فكان موئلاً للحضارات الأولى والمتعاقبة وكان أشهرها حضارة ماري التي كانت قبلة الحضارة ومحجاً لكل الملوك والأمراء يقصدونها للإطلاع على التطور الحضاري الكبير الذي تميزت به، حيث يذكر المؤرخون أن مطبخ ماري كان يُصنع ثمانية وثلاثون صنفاً من الخبز والمعجنات.

وبالقرب من تل أبو الحسن، استطاع الملك زمريلم ملك ماري أن يقيم أول مشروع استصلاح أراضي بالتاريخ حيث شق قناة مائية يبلغ طولها /120/ كم تصل ما بين أعالي الخابور ونهر الفرات، لنقل الغلال من تلك المناطق، وهي بحد ذاتها تعتبر حتى اليوم من أعظم المعجزات الهندسية في ذلك التاريخ.

والسؤال يعود مرة أخرى أن كان امتدادنا التاريخ كما أوردناه ويزيده والجواب عليه يدل بكل تأكيد لأننا كنا حضارة حدث ما حدث في بلادنا وكان هذا الاستهداف الكبير لبلادنا وشعوبنا من قبل الآخرين، والسؤال الأهم هو لم لا نعود إلى ذاتنا وجذورنا لنتمسك بها ونستمد منها القوة والإرادة للتقدم إلى الأمام وللتخلص مما نحن فيه، بعد أن ننفض غبار السنين العجاف التي عصفت بمجتمعنا ودمرت الكثير من مقومات الحياة والحضارة وبذات الوقت نقف بجدية وبإرادة واعية من أجل وضع خارطة طريق واضحة ومدروسة من أجل تجاوز ما نحن فيه من أزمة شارك في صناعتها وتغذيتها سائر الجوار الإقليمي والعالم المتقدم خدمة لأغراضهم المشبوهة تمهيداً للوصول إلى الوطن الجديد الذي يتسع لكل أبنائه من مختلف المكونات والإثنيات والأعراق، وطن عزيز كريم يستمد عزته وكرامته من كرامة وعزة أبنائه وطن يليق بهذا الشعب العظيم والعريق والممتدة جذوره في التاريخ الإنساني.

وحتى نصل إلى ما نسعى إليه علينا أن نعمل جاهدين من أجل معرفة ذاتنا بالشكل الصحيح والحقيقي لأن معرفة الذات هي المقدمة الأولى والصحيحة لمعرفة الآخر ولبناء العلاقة معه، علاقة تقوم على احترام خصوصية كل واحد واحترام حرياته وصون كرامته من أجل تعزيز مسيرة البناء الإنساني بعيداً عن كل التوجهات والأفكار الشوفينية والعنصرية، التي عفا عليها الزمن وباتت من مخلفات الماضي التي يجب التخلص منها.