لكل السوريين

تأجيل الانتخابات الرئاسية الليبية.. واحتمالات تأجيلها من جديد

تقرير/ محمد الصالح 

تسبب تأجيل الانتخابات الرئاسية الليبية بخيبة أمل لدى الليبيين الذين كانوا يأملون أن تساهم في إنهاء الصراع المسلح الذي عانى منه بلدهم منذ الإطاحة بنظام معمر القذافي عام 2011.

وخرج المئات إلى شوارعسس عدة مدن ليبية احتجاجاً على تأجيل هذه الانتخابات.

وأثار تأجيلها المخاوف من عودة الانقسام والاقتتال بين الفصائل الليبية المتناحرة، وتهديد عملية الانتقال السياسي التي أصبحت مهددة بشكل غير مسبوق منذ أن تم الاتفاق على خارطة الطريق التي كان من المفروض أن تكلل بانتخاب رئيس وبرلمان جديدين.

ويترقب الليبيون الأسابيع المقبلة بقلق لمعرفة التطورات المتعلقة بمصير الانتخابات القادمة، ومدى جدية الأطراف الدولية المؤثرة في الملف الليبي بالضغط على الأطراف المتنازعة لدفعها إلى التوافق على موعد يتفق عليه الجميع، ويضمن تجنب الثغرات القانونية والتحديات الأمنية التي واجهت عملية تنظيم أول انتخابات رئاسية في تاريخ ليبيا.

ويرى متابعون للشأن الليبي إنه ليس بالإمكان إجراء الانتخابات قبل نحو ستة أشهر، فإعادة الترتيب لانتخابات جديدة يحتاج إلى وقت أكبر من شهر واحد.

تأجيل الانتخابات

تم تأجيل الانتخابات بعد أن تقدمت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في ليبيا باقتراح إلى مجلس النواب لتأجيل الانتخابات الرئاسية إلى الرابع والعشرين من الشهر الحالي بدلاً من موعدها الذي كان مقرراً في نفس الموعد من الشهر الماضي.

وأرجعت المفوضية اقتراح التأجيل إلى أنها لم تتمكن من إعلان القائمة النهائية للمترشحين بسبب ظروف قاهرة لخصتها في “التداخل القائم بين المعطيات السياسية والأحكام القضائية الصادرة بشأن أهلية المترشحين”.

وكانت لجنة متابعة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في مجلس النواب الليبي قد أكدت “استحالة” إقامة الانتخابات الرئاسية في موعدها.

وقال رئيس اللجنة في خطاب رسمي موجه لرئيس المجلس “استنادا على الاجتماعات واللقاءات مع مفوضية الانتخابات والمجلس الأعلى للقضاء وكل الأطراف المعنية، وبعد اطلاعنا على التقارير الفنية والقضائية والأمنية، نفيدكم باستحالة إجراء الانتخابات بالموعد المقرر في الرابع والعشرين من ديسمبر/كانون الأول”.

احتمالات تأجيل جديد

يشكك المراقبون للشأن الليبي بإمكانية إجراء الانتخابات الرئاسية في الموعد الجديد هذا الشهر، بسبب استمرار الانقسامات العميقة بين أطراف النزاع الليبي، وحول استمرار أو إقالة الحكومة.

وفي ظل دعوة مجلس النواب الليبي إلى تأجيل هذه الانتخابات لمدة ستة أشهر، وإطلاق حوار موسع بين مختلف الأطراف في البلاد.

وتوصية رئيس لجنة متابعة الانتخابات بالبرلمان، بعدم تحديد تاريخ للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة، وبوضع “خارطة طريق واقعية، قابلة للتطبيق ومضبوطة بمدد ومراحل، وليس تواريخ ومواقيت في إطار دستوري، حتى لا نكرر الخطوات السابقة نفسها، ومن أجل إنجاح العملية الانتخابية وضمان قبول نتائجها”.

وأوصى رئيس اللجنة من خلال تقرير قدمه للمجلس بضرورة “الشروع بتعديل مشروع الدستور، من خلال لجنة فنية معينة من مجلس النواب، وبإشراك عادل لمجلس الدولة، لإعادة بناء مشروع دستور يحقق المصلحة الوطنية”.

وإعادة تشكيل السلطة التنفيذية لتحقيق متطلبات الاستقرار الذي عجزت عنه الحكومة الحالية.

مصير الحكومة

يدور جدل كبير في الأوساط الليبية حول مصير حكومة عبد الحميد الدبيبة، وقد يشكل النزاع حول مصيرها الشرارة التي تعيد البلاد إلى المربع الأول من جديد.

حيث يسعى الجناح المهيمن على مجلس النواب بزعامة عقيلة صالح، لسحب الشرعية من الحكومة، ويصر على انتهاء شرعيتها مع تأجيل الانتخابات، على أساس أن “ولاية جميع الأجسام الحالية تنتهي بعد ثلاثة أيام من الانتخابات”، وفقا لخارطة الطريق السياسية.

ويطالب بتجميد عملها حتى يتم تسليم السلطة، عبر انتخابات تجرى خلال فترة زمنية لا تتجاوز  الشهر.

بينما يرى خبراء قانونيون في ليبيا أنه “وفقا لنصوص الاتفاق الذي أبرم في جنيف، تستمر الحكومة لمدة 18 شهراً، وهي مدة العملية السياسية”، وهذا يعني أنها مستمرة حتى تموز المقبل، حتى لو أجريت الانتخابات هذا الشهر، فتسليم السلطة يحتاج إلى وقت مناسب.

ويشير الخبراء إلى أن مجلس النواب لا يملك صلاحية إقالة الحكومة المنتخبة من قبل “ملتقى الحوار” برعاية أممية، ولا تتعدى صلاحياته سحب الثقة منها، وهذا ما حدث سابقاً، واستمرت كحكومة تصريف أعمال.

يذكر أن معظم الأطراف الدولية المؤثرة في الملف الليبي، تشير إلى ضرورة تسريع إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية فيها، وتعتبر أن تأجيلها لمدة شهر على الأكثر، لن يؤثر على التزامات خارطة الطريق المتفق عليها، أما التأجيل لأمد طويل أو مفتوح، فسيدخل البلاد إلى متاهة جديدة يصعب التكهن بنتائجها.