لكل السوريين

“الاستهلاك الرديء”.. ظاهرة اقتصادية جديد تنتشر وسط سوريا

أفضى الانخفاض المتواصل لقيمة الليرة السورية، إلى انخفاض القدرة الشرائية لمعظم السوريين الذين يحصلون على دخلهم بالليرة السورية، وشهر بعد آخر أصبح هذا الدخل غير قادر على الصمود أمام الاحتياجات الأساسية، فما هي أبرز تبعات استمرار انخفاض الطلب على السلع في البلاد.

مع استمرار ارتفاع معدلات التضخم في سوريا وانهيار العملة المحلية، تشهد أسواق حماة، وبما أن الحال واحد يندرج الأمر على اسواق حمص وسط سوريا، انخفاضا حادا في معدلات الإقبال على كثير من السلع والخدمات، ليظهر ما يسمى بـ”الاستهلاك الرديء”، إضافة إلى العديد من الظواهر الأخرى الناتجة عن انخفاض الطلب على السلع بسبب ارتفاع الأسعار.

فهناك بعض السلع الغذائية التي تُوصف بأنها “كمالية” ووصل الطلب عليها إلى الحدود الدنيا، كالمكسرات والحلويات الفاخرة وغيرها من السلع الثانوية، مما أضرّ كثيرا بقطاع صناعة هذه المنتجات، الأمر الذي يهدد بإغلاق العديد من المتاجر أو المصانع في البلاد.

ينذر استمرار انخفاض الطلب على السلع في سوريا، بضرب العديد من القطاعات الصناعية، وبالتالي مزيد من ارتفاع معدلات البطالة في البلاد، هذا فضلا عن المخاطر الناتجة عن توجه المستهلكين إلى السلع الرديئة، خاصة فيما يتعلق بالمواد الغذائية.

يقول خبراء اقتصاديون أن ظاهرة “الاستهلاك الرديء” ستواصل النمو، طالما استمرت معدلات التضخم بالارتفاع، خاصة في ظل عدم وجود رؤية أو خطة للخروج أو الحد من الانهيار الاقتصادي في البلاد.

ويعني “الاستهلاك الرديء يعني توجه السكان إلى السلع الرديئة لانخفاض سعرها، وذلك بسبب أن السلع الأساسية أصبحت غالية، على سبيل المثال، لاحظنا مؤخرا ارتفاع معدلات الطلب على الألبان والأجبان المغشوشة. الاستهلاك الرديء إذا وصل إلى المواد الغذائية فنحن أمام مخاطر عديدة أبرزها ما يتعلّق بالصحة العامة”.

هناك شبه اختفاء لكثير من الفئات النقدية الورقية في سوريا، وذلك نتيجة الانخفاض الكبير في قيمتها، كفئة الخمسين والمئة والمئتي ليرة، كذلك فقد انتشرت ظاهرة رفض العديد من الباعة وسائقي السرافيس تقاضي ثمن البضائع والخدمات بمثل هذه الفئات. وفق تقارير.

مع ارتفاع معدلات التضخم، يؤكد خبراء أن الأسواق وعمليات التداول، أصبحت بحاجة إلى فئات نقدية بقيمة أعلى، إضافة إلى طباعة عملة جديدة بديلة عن التالفة المنتشرة في البلاد، حيث يشتكي الأهالي من عمليات حمل كميات كبيرة من النقود لشراء حاجياتهم اليومية.

خلال الفترة الماضية انتشرت العديد من الشائعات حول إصدار فئة جديدة من الليرة السورية وهي فئة العشرة آلاف، إلا أن “بنك سوريا المركزي” أصدر بيانا، أكد خلاله أنه لا نيّة “لبنك سوريا المركزي بإصدار أية ورقة نقدية بتصميم جديد أو فئة جديدة ولا صحة لما يتم تداوله عبر بعض المواقع الالكترونية”.

منذ بداية عام 2011، تعرضت الليرة السورية لانهيارات متواصلة أمام العملات الأجنبية، خاصة الدولار الأميركي، فقد فَقَدت الليرة أكثر من 99 بالمئة من قيمتها، كذلك فإن الانهيار الاقتصادي جعل بعض الخبراء يتحدثون عن عدم جدوى طباعة المزيد من العملات الورقية، حيث أن تكلفة الطباعة للعملات الورقية تُعتبر مرتفعة إذا ما تمت مقارنتها بقيمة الورقة.

الحكومة السورية تتجنب الدخول في عمليات طباعة جديدة للعملة السورية لأسباب عديدة، أبرزها تكلفة الطباعة التي تعادل نسبة كبيرة من الورقة المراد طباعتها، حيث أن تكلفة طباعة العملة الورقية تعادل 2000 ليرة سورية، أي أن طباعة الفئة الجديد المستخدمة حاليا في الأسواق وهي فئة الـ 5 آلاف ليرة كبدل تالف، ستذهب 40 بالمئة من قيمتها لتكلفة طباعتها.