لكل السوريين

معيلات لأسرهن يكابدن مشقة الحياة

حماة/ جمانة خالد 

تحولت المئات من النساء إلى معيلات لأسرهن في مصياف غربي حماة، بعد فقدانهن أزواجهن خلال الحرب التي عصفت بسوريا، ليجدوا أنفسهن مسؤولات عن أسرة كاملة لا معيل لها تكابد هذه المرأة مشقةً يومية في سبيل الحصول على لقمة طعام بات الحصول عليها صعباً في ظل الظروف الحالية التي تعيشها مختلف مناطق سوريا.

في مصياف، تعيش العشرات من العائلات السورية التي فقدت معيلها خلال السنوات الماضية من مناطق سورية متفرقة، في حين لا تختلف قسوة الظروف بينهم.

مشقة تأمين طعام أطفالهن

تكابدُ سعاد القاسم، مشقةً يومية في سبيل تأمين وجبة طعام لأطفالها الذين ينتظروها في داخل الغرفة التي انتقلوا إليها مؤخراً، حيث تعمل السيدة في المياومة بأعمال زراعية كجني ثمار الزيتون والبطاطا وغيرها من المحاصيل الزراعية التي تكثر زراعتها في منطقة مصياف والمناطق القريبة عليها.

تقول السيدة “فجأةً وجدت نفسي مسؤولةً عن أربعة أطفال بعد وفاة زوجي في بلدة خناصر بريف حلب الجنوبي، عقب هجوم لتنظيم داعش في النقطة التي يخدم فيها قبل عدة سنوات، ومن هنا بدأت رحلة المشقة التي أكابدها بشكل دائم حتى يومنا هذا”.

وتضيف القاسم “كنت أقيم في بيت بأطراف مدينة مصياف لكن أصحابه طالبون بضرورة إخلاءه، واستأجرت غرفة، في ظل وضع معيشي مُزر لأن أطفالي صغار ولا يستطيعون العمل لتأمين قوت يومنا، لذلك أضطر للعمل في جني المحاصيل الزراعية والعديد من المهن الصعبة في سبيل تأمين قوت طعام الأطفال”.

تعمل معها العديد من السيدات في هذه المهنة بمبلغ لا يتجاوز ألف ليرة سورية عن كل ساعة عمل، ويمتد العمل إلى عشر ساعات وبناءً على ذلك تحصل على 10 آلاف ليرة سورية، مثلها مثل العديد من السيدات اللواتي يعملن في هذه الأعمال.

تخرجُ السيدةُ من مسكنها مشياً على الأقدام تسير مع مجموعة من السيدات إلى أحد الحقول الزراعية مع ساعات الصباح الأولى، تحاول أن تزيد عدد الساعات من العمل لتحسين مردودها المالي الساعي الذي تحصل عليه إلا أنها لا تستطيع أن تزيد على 10 ساعات عمل لأن نهار الشتاء قصير وبارد كما أشارت.

واقع معيشي متردّ

في الجهة المقابلة من منزل سعاد تقيم سيدة أخرى تدعى أم سامر 35 عاماً، لديها طفلان يبلغ الكبير منهما 10 سنوات، تواجه السيدة أم سامر تحديات معيشية صعبة للغاية لا تمكنها من توفير أدنى الاحتياجات لأطفالها، الذين باتوا في وسط منطقةٍ خاليةٍ من السكان وبعيدة عن التجمعات السكنية.

وقالت السيدة “ينام أطفالنا في بعض الأيام من دون طعام وقد تكون وجبتنا الرئيسية هي الخبز فقط الذي بات الحصول عليه مسألة صعبة جداً في ظل الظروف الحالية التي نعيشها”. مؤكدةً: أن واقعهم المعيشي يزداد سواءً مما سيشكل لديهم خطراً على أطفالهم الصغار الذين باتوا يتعرضون للأمراض، مع انخفاض درجات الحرارة شتاءً”.

ويبدو أن الظروف المعيشية باتت تحكم كل التغيرات التي تطرأ على العاملات اللواتي يتقاضين أجوراً زهيدة أمام احتياجاتهن الباهظة مما يضطرهن لمزاولة العديد من المهن بينما تضطر أخريات للبحث عن بدائل أخرى قد تضعهن ضمن ضغوط سيئة للغاية.

غياب مقومات الحياة

ومع انعدام المقومات المعيشية وانعدام الأمن أيضاً يزيد من التحديات التي تفرضها قسوة الظروف أمام النساء اللواتي سيكُنَّ عُرضةً للاستغلال والابتزاز من قبل أصحاب المشاريع الزراعية والأشخاص الذين يعملْنَ لديهم.

يأتي ذلك مع غياب الحلول الحكومية والمنظمات والجمعيات الإنسانية واقتصار دعمها على توفير مواد غذائية إغاثية دورية من دون إيجاد حلول لهؤلاء النساء المعيلات لأسرهن من خلال توفير المسكن الآمن لهن ولأطفالهن، وتحسين الواقع الخدمي للمكان الذي يعيشن فيه، وتنفيذ مشاريع تنموية تضمن لهنّ الحصول على فرصة عمل تمكنهنّ من تأمين مصروف أبنائهن في ظل الظروف القاهرة التي باتت تتحكم في مختلف مفاصل حياتهن وتحركاتهن.