لكل السوريين

التجربة البرلمانية السورية 12

تقرير/ لطفي توفيق   

تعتبر التجربة البرلمانية في سوريا من أولى التجارب في المنطقة، حيث تم انتخاب أول مجلس نيابي في بلام الشام، التي كانت تضم سوريا ولبنان وفلسطين والأردن، في السابع من حزيران عام 1919، تحت اسم المؤتمر السوري، وعقد أول اجتماع له في دمشق بمشاركة 85 نائباً، ومثّل أول صيغة برلمانية فريدة من نوعها في الوطن العربي.

وتتالت التجارب البرلمانية في سوريا تحت تسميات مختلفة.

وقبل ذلك، بدأت محاولات أولى للتجربة البرلمانية، ولكنها كانت تتهمش أو تتعطل أو تلغى، بسبب فرمانات الإمبراطورية العثمانية، أو قرارات الانتداب الفرنسي، أو عدم الاستقرار السياسي وتتالي الانقلابات العسكرية في مرحلة الاستقلال وما بعدها.

ورغم قصر هذه التجارب، وتعثرها غالباً، لكنها ساهمت في بلورة العمل البرلماني، وتراكم الخبرات خلال هذه التجارب، قبل أن تصل إلى مرحلة النضج في بعض مراحلها.

الانتخابات البرلمانية السورية 1953

بعد أول انقلاب عسكري في سوريا، مرت البلاد بمرحلة من عدم الاستقرار، وبدأ الجيش يتدخل بتأليف الحكومات، ويفرض تولي رجل عسكري لوزارة الدفاع يسميه قائد الجيش وليس رئيس الوزراء، وألحق الأمن الداخلي بوزارة الدفاع بدلاً من وزارة الداخلية، واعتقل بعض أعضاء  البرلمان رغم الحصانة التي يتمتعون بها.

وقد دفع ذلك ناظم القدسي رئيس حزب الشعب، وصاحب أكبر كتلة نيابية، للاستقالة من رئاسة الوزراء عام 1951.

وتم تشكيل حكومة برئاسة خالد العظم بعد ثمانية عشر يوماً من مشكلات التأليف والتكليف، وبعد رفض البرلمان مشروع الموازنة التي قدمته  هذه الحكومة استقالت بعد أربعة أشهر من تشكيلها.

وتم تشكيل حكومة جديدة برئاسة حسن الحكيم، المحسوب على المستقلين، واستمرت هذه الحكومة ثلاثة أشهر قبل أن تفقد ثقة غالبية الكتل النيابية التي دعمت تشكيلها.

وفي 13 تشرين ثاني عام 1951 شكّل زكي الخطيب حكومة، ولكنه استقال بعد خمسة عشر يوماً من تشكيلها.

وعاد حزب الغالبية إلى السلطة عبر ترشيح معروف الدواليبي لرئاسة الوزراء، غير أنه رفض أن يفرض عليه الجيش ممثله في الحكومة، فقام الجيش باعتقاله، وكان ذلك الانقلاب الثاني الذي قام به أديب الشيشكلي ، وتم حل البرلمان وتعليق العمل بالدستور مجدداً.

أقرّ قادة الانقلاب إصلاحات اقتصادية كإصلاح النظام الضريبي، ودعموا حقوق العمال والفلاحين، وحددوا سقف الملكية الزراعية، ومنعوا أساتذة المدارس والجامعات من العمل السياسي.

وبدأت العودة للحياة المدنية في التاسع من شهر حزيران عام 1953، حين تشكلت حكومة برئاسة فوزي السلو، وأشرفت على وضع دستور جديد، اقترحه الشيشكلي على غرار دستور الولايات المتحدة الأمريكية، وحولت البلاد إلى نظام جمهوري رئاسي، ألغي فيه منصب رئيس الوزراء، وبات الرئيس ينتخب من قبل الشعب مباشرة. وفي التاسع شهر تشرين الأول عام 1953، جرت الانتخابات البرلمانية، وقاطعتها معظم الأحزاب السورية الكبيرة وخاصة الحزب الوطني وحزب الشعب، حيث كان معظم قادة الحزبين إما في المعتقلات أو قيد الإقامة الجبرية خلال هذه الانتخابات التي وصفت بأنها أول انتخابات لم تتم في جو من الديموقراطية في سوريا، وكانت المشاركة فيها قليلة بشكل غير مسبوق في البلاد، حيث بلغت نسبة  المشاركين فيها 16% من عدد الناخبين.

وحقق بها حزب الشيشكلي وهو “حركة التحرر العربي” 72 مقعداً من أصل 82 مقعداً في مجلس النواب، وفاز المستقلون بتسعة مقاعد، والحزب السوري القومي بمقعد واحد، ولم يفز الحزب الشيوعي السوري بأي مقعد.

كما تمت الانتخابات الرئاسية على شكل استفتاء بالموافقة أو الرفض على اختيار أديب الشيشكلي، المرشح الوحيد للمنصب، وصار رئيس الجمهورية المنتخب.