لكل السوريين

تجاوزات تجار سوق الهال وفوضى الأسعار في سوق القدموس

 تقرير/ أ ـ ن

سجلت أسعار المنتجات الزراعية على مستوى الأسواق في طرطوس عموماً، وفي القدموس خصوصاً، إذ وصل سعر كيلو البطاطا لتسعة آلاف ليرة سورية، ولا ينقص سعر كيلو البندورة أو الخيار عن الستة الاف ليرة رغم أن إنتاج البيوت المحمية قد انتهى موسمه الشتوي، في مشهد غير مفهوم أو مفسر يربك المواطن، ويزيد من حيرة الفلاح، فالأول يشكو نار الغلاء، والارتفاع المستمر، والأخير يشتكي القلة والغبن من السماسرة وتجار أسواق الهال، وكلاهما يعد الحلقة الأضعف في سلسة تجارية باتت معروفة وتتحكم بالعملية الإنتاجية للخضار والفواكه، سلسلة تتضمن سماسرة، وتجار، ووسطاء، يعيدون ضبط إيقاع أسعار المنتجات الزراعية ويتحكمون بها بما ينسجم مع مصالحهم، وعملهم الوسيط، ويضيّق الخناق على الفلاح والمستهلك، لكن المفارقة أن لتجار السوق أيضا شجونهم الخاصة ومشكلاتهم التي تجعلهم من وجهة نظرهم أصحاب مظلومية أيضا، فمن يتحمل مسؤولية كل ما يحصل، ومن يعيد ضبط إيقاع أسواق المنتجات الزراعية بما يكفل رضا الجميع.

سوق الهال في القدموس يبدو مكانا مثاليا للوقوف عند وجهة نظر العديد من الجهات المعنية بالإنتاج الزراعي، إذ تقابل هناك بعض الفلاحين فيحدثونك عن ارتفاع مستلزمات إنتاج الخضار، والمشاكل الكبيرة التي تواجههم في نقل البضائع، كما يشتكي البعض منهم تقييم المنتجات الزراعية والنسبة المئوية التي يحصلها تجار السوق من محاصيلهم وتبلغ 7,5%، وكذلك خصومات فرق الوزن التي تخصم 3% من وزن السيارة تضيع على الفلاح، وموضوع صناديق التعبئة التي تعبأ بها المنتجات ويتحملون سعرها، ويتحدث الفلاحين أيضا عن مشاكل المراكز الوسيطة التي لعبت دورا سلبيا في تسعير البضائع والمنتجات، وتقليل سعرها رغم أن سعرها في السوق أكثر بكثير، لكن الفلاح يبيع إنتاجه لتلك المراكز مضطرا لعدم قدرته على تحمل نفقات النقل، ويتحدث الفلاحون أيضا عن اضطرارهم في كثير من الأحيان لأخذ سلف من السماسرة والوسطاء يعاد سدادها عند الموسم لعدم قدرتهم على تحمل نفقات الإنتاج التي وصلت لمبالغ كبيرة جدا مقابل غياب أي دور إيجابي للمصارف الزراعية المسؤولة عن دعم الفلاح، ما تسبب في تدني العملية الإنتاجية أو ارتهانها للوسطاء والتجار والسماسرة.

نعاني اليوم من حركة بطيئة جدا في سوق الهال بالقدموس، هو سوق السماسرة، والبضاعة انخفضت لأسباب متعددة منها قلة المازوت والكهرباء، كذلك الأمر بالنسبة لمواصفات الخضار والفواكه هناك تدني بالجودة والأحجام لهذه الأسباب، المراكز المحدثة حول المدية في القرى أخذت 80% من سوق الهال لخارج المحافظة، وهناك مزارعين يحملون بضائعهم باتجاه أسواق أخرى، رغم أن المنطقة منتجة والخيرات كثيرة لكن إنتاجها غير موجود في السوق، كما يعاني التجار من المشاكل المستمرة مع الشحينة الذين يأخذون كميات كبيرة من الخضار والفواكه بالأمانة ثم يختفون دون سداد ثمنها.

معظم التجار أصدقاء للمزارعين، وهناك تجار كثر يقدمون للمزارعين ويخدمون الفلاحين أكثر من المصرف الزراعي واتحاد الفلاحين دون أي شروط، فالمعيار الأول هو إنتاج هذا المزارع، والسعر الذي يأخذه حتى ولو كان مديونا يحدده نوع البضاعة دون أي ضغط أو فوائد، فالتعامل مع الخضار والفواكه يشبه التعامل مع المياه المجمدة ونحن معرضون في أي لحظة للخسارة، فمن السهل جدا توصيل البضاعة لكن تصريفها هو العمل، وهي مشكلة عويصة يتحكم بها العرض والطلب.

وصف تجار سوق الهال في القدموس عملية تسويق المنتجات بالمتردية نتيجة قلة الطلب بالسوق قياسا بالكميات المعروضة، إضافة إلى صعوبة التصدير لدى التجار باعتبار أنها ستمر لعدة مناطق في طريقها إلى العراق.

أكد عدد من الفلاحين أن الكثير منهم حولوا آلاف الدونمات إلى الزراعات الاستوائية هربا من الخسائر بالزراعات السابقة، فالأسعار غير مقبولة ولا تحصل بعضا من تكلفة إنتاجه ونقله، ومنذ اكثر من اربع سنوات لم يحصل الفلاح بقرى القدموس على سماد البوتاس أو اليوريا، والعبوات ارتفعت أثمانها بشكل كبير، ووصل سعر صندوق الفلين إلى 15 الف ليرة، والبلاستيك الصغيرة إلى8 آلاف، وسماسرة سوق الهال يتقاضون 7% من الفلاح، بينما الأسعار تعط هامش ربح لم يتجاوز2000 الى 3000 الف ليرة، معتبرين أنها كارثة حقيقية لمحاصيل المحافظة الاستراتيجية،  وأن ما يحصل لمصلحة تجار كبار على حساب الفلاح.

وعن دور المؤسسة السورية للتجارة أشار الفلاحون إلى أن المؤسسة تفرز البضاعة لديها وتشتري الاكسترا والنخب الأول والثاني فقط، ويوجد خيار وفقوس باختيار الفلاحين، إضافة إلى أن أسعارهم منخفضة ولا تتناسب مع أسعار السوق، مطالبين بفتح باب التصدير لأن السوق المحلية عاجزة عن استيعاب كامل الإنتاج.

السيد حسان وهو مهندس زراعي قال لنا: لقد شكك منتجو ومزارعو القدموس وكل محافظة طرطوس باستعداد تجار سوق الهال في المدينة للالتزام بنسبة العمولة التي من المتوقع ان يتم تخفيضها من ٧،٥ الى ٥%، بقرار من وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك، وهو ما من شأنه إعادة التوازن إلى السوق بعدما شهدت فلتانا وفوضى واستغلالا وتحكما فاضحا، فان هذا التخفيض، وإن كان مقبولا من حيث القيمة، إلا إنه لا يلبي الكثير من المطالب ، و يذكر الفلاحون بالوعود التي طالما سمعوا بها عن تعديل أنظمة العمل في السوق بما يلبي مصلحة المزارع في المقام الأول، وأضاف: هنالك مشكلة الشحن والمازوت وتحكم سائقي الشاحنات وفرضهم أجورا مرتفعة تفوق قدرة المزارع على التحمل، وبالتالي، لم يعد سوق الهال سوقا حصريا، وانخفضت البضائع فيه بشكل كبير، ويندر أن يتم شحن قسم منها للمحافظات، وإن حصل فبكميات خجولة، الأمر الذي رتب أعباء مالية على الجميع ، وجميعهم لديهم عائلات ومصاريف وضرائب مالية ، وغير ذلك من فواتير المياه والكهرباء.