لكل السوريين

هزيمة في الانتخابات البرلمانية وتخبطاتٍ وتهم حزب العدالة والتنمية المغربي يتجه لمعارضة الحكومة

في وقت تتجه الأنظار نحو المشاورات التي يجريها رئيس حزب “التجمع الوطني للأحرار”، عزيز أخنوش، المكلف من الملك المغربي بتشكيل الحكومة، قرر حزب العدالة والتنمية عدم المشاركة فيها، واتجه بعد انهيار شعبيته إلى المعارضة.

وكشف النائب الأول لأمينه العام أن حزبه لن يشارك في المشاورات الحكومية، بعدما كان من المنتظر أن يلتقي أخنوش بقيادة الحزب البديلة بعد استقالة أمينه العام، وأعضاء أمانته من مناصبهم، بعد الهزيمة القاسية التي واجهها الحزب في الانتخابات البرلمانية، حيث شهد تراجعاً مدوياً تمثل بانخفاض غير مسبوق لحصته من مقاعد البرلمان.

وعن السبب وراء عدم مشاركة قادة الحزب في المشاورات الجارية، اكتفى النائب بالتأكيد على أن حزب العدالة والتنمية سيكون خارج الحكومة، وقال “موقعنا المقبل هو المعارضة خارج الحكومة”.

وكان من المقرر أن تضم المشاورات التي انطلقت لتشكيل الحكومة المقبلة، مختلف الأحزاب التي حصلت على مقاعد في البرلمان، بحسب ما أعلنه عضو المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار، الذي رفض التعليق على عدم مشاركة “العدالة والتنمية” في المشاورات.

هزيمة مدويّة

بعدما أن أمضى عشرة أعوام في رئاسة الحكومة، تعرض حزب العدالة والتنمية الإسلامي في المغرب إلى هزيمة مدوية في الانتخابات البرلمانية التي جرت مؤخراً، وشهد تراجعاً هائلاً بعدد مقاعده في البرلمان الذي انخفض من 125مقعداً في البرلمان المنتهية ولايته، إلى 12 مقعداً فقط في البرلمان المقبل.

وأدت هذه الهزيمة إلى ارتباك غير مسبوق في صفوف الحزب، وتبادل الاتهامات بين أجنحته حول المسؤولية عن هذا الفشل الذريع، واستقالة أمينه العام وأعضاء الأمانة العامة للحزب.

كما سارع الحزب إلى التشكيك بنزاهة الانتخابات قبل صدور النتائج، وبعدها.

فيما طالب عبد الإله بنكيران أمين عام حزب العدالة والتنمية المغربي السابق، خلفه على رأس الحزب ورئيس الحكومة سعد الدين العثماني بالاستقالة، محملا إياه مسؤولية الخسارة.

 

نتائج غير مفهومة

بعد الهزيمة التي مني بها الحزب في الانتخابات الأخيرة التي جرت الأسبوع الماضي، دعت الأمانة العامة للحزب إلى تنظيم دورة استثنائية لمجلسه الوطني.

وفي كلمة مقتضبة، لفت ممثل عن الحزب إلى ما وصفه بـ “حجم الخروقات التي عرفتها الانتخابات” سواء خلال الإعداد لها، عن طريق التعديلات في القوانين الانتخابية، أو مجريات يوم الاقتراع، حسب تعبيره.

وكانت قيادة الحزب قد وصفت النتائج بأنها “غير مفهومة وغير منطقية ولا تعكس حقيقة الخريطة السياسية في البلاد، ولا موقع الحزب ومكانته في المشهد السياسي، وحصيلته في تدبير الشأن العام المحلي والحكومي”.

وأعلنت اصطفاف الحزب في “المعارضة موقعه الطبيعي”.

وأشارت الأمانة العامة للحزب إلى أنها “تتحمل كامل مسؤوليتها السياسية عن تدبيرها لهذه المرحلة، ويقرر أعضاؤها وفي مقدمتهم الأخ الأمين العام تقديم استقالتهم”، داعية إلى مؤتمر استثنائي في أقرب وقت.

وقبيل إغلاق مكاتب الاقتراع أعلن حزب العدالة والتنمية أنه سجل “استمرار التوزيع الفاحش للأموال في محيط عدد من مراكز التصويت، دون تدخّل السلطات المعنية”.

الإسلام السياسي يتراجع

في الوقت الذي بدأ فيه حزب العدالة والتنمية بمحاولة استيعاب الصدمة الناجمة عن اندحاره سياسياً وشعبياً، بدأت أصوات من داخل التنظيم وخارجه، تطرح تساؤلات حول مستقبل الحزب، الذي يستعد لعقد دورة استثنائية لمجلسه الوطني بهدف إجراء تقييم شامل لنتائج الانتخابات واتخاذ القرارات المناسبة.

في حين يرى متابعون للشأن المغربي، أن الحزب سيعجز عن إيجاد حلول تخرجه من كبوته إذا لم يسبقها إعداد وتفكير معمّقين، وعمل جماعي من قبل من يمتلكون أدواتهم، بعيداً عن “الانفعالات النفسية والعاطفية التي تميز أبناء التنظيمات الإيديولوجية وخاصة الإسلامية”.

بينما يعتقد محللون أن مرحلة مشروع “الإسلام السياسي” في المغرب، وفي المنطقة العربية قد انتهت، وانتهى معها زخم حزب العدالة والتنمية.

ويؤكدون أن الحزب لن يتمكن من العودة إلى صيغته الحالية، ويحتاج إلى وقت طويل من أجل التهيئة لولادة جديدة تقوم على مراجعات فكرية عميقة.

حيث يمر الحزب الذي تأسس عام 1967، بأكثر الفترات تأزما في تاريخه، حيث بات خارج اللعبة السياسية، فهو لن يشارك في الحكومة المقبلة، ولن يكون له صوت يذكر في البرلمان.

يذكر أن حزب “التجمع الوطني للأحرار”، الفائز الأكبرفي الانتخابات التشريعية المغربية، يرتبط اسم زعيمه التاريخي أحمد عصمان، المتحدر من مدينة وجدة بشرق المملكة. وأسس عصمان الحزب الأزرق أو حزب الحمامة، عام 1978، جمع فيه معظم المستقلين الذين وصلوا إلى البرلمان بعد انتخابات 1977.

واعتبر متابعون للشأن المغربي أن هذا التأسيس جاء بإيعاز من السلطة آنذاك، لضرب اليسار الذي كان يرفض المشاركة في اللعبة السياسية بالمغرب، ويشن ضدها انتقادات لاذعة، ويتهم العملية الانتخابية بعدم النزاهة والتزوير.

علما أن عصمان كانت تربطه علاقة مصاهرة مع الملك الراحل الحسن الثاني.