لكل السوريين

الماء محيط الحياة

يوصف الماء بأنه مادة شفافة عديمة اللون والرائحة، ويعتبر الماء المكون الرئيس والأساسي للمحيطات والبحار والبحيرات والأنهار وجميع المسيلات المائية، وكذلك السوائل في جميع الكائنات الحية.

ويعد الماء أحد أبرز النعم التي أنعم الخالق بها على البشر، وذلك لان الماء هو أساس الحياة، إذ أنه يشكل المساحة الاكبر والأوسع من الكرة الأرضية تقدر بنسبة 72% من مساحتها. وتتشكل هذه المساحة بالمحيطات، والبحيرات، والبحار، والأنهار وغيرها من المكونات المائية، وللماء فوائد جمة التي تقدمها للطبيعة، ولجسم الإنسان.

وللماء أهمية كبيرة في حياتنا إذ أن الإنسان اعتمد على الماء لقضاء احتياجاته في تحضير وإعداد الأطعمة والمشروبات. كما أنه، اي الإنسان، استخدم الماء في مجال الزراعة؛ وذلك لري المزروعات والنباتات، وزراعة المحاصيل الزراعية التي هي ضرورية لغذاء الإنسان والحيوان، على ان لا ننسَ اعتماد المصانع على الماء، فقد تكون أحد أهم المدخلات، والموارد العملية الصناعية، سواءً كانت صناعة مواد غذائية أو صناعة المواد الصلبة بكل أشكالها وأنواعها، ويبرز الماء دور المحيطات في تنظيم مناخ الكرة الأرضية وذلك من خلال امتصاص الحرارة صيفاً واطلاقها شتاءً.

والماء كمحيط للحياة فهو يمثل بيئة نموذجية لعيش الكائنات الحية، إذ تعتبر وتعد المحيطات وكل المسطحات المائية المختلفة مكاناً للعديد من أشكال الحياة وذلك إما بصورة مباشرة من خلال عيش مجموعات كثيرة من الكائنات الحية فيها، أو بصورة غير مباشرة لكونها عنصر مهم وأساسي لبقائها على قيد الحياة.

ومن الناحية الثقافية للماء فلقد شكل الحصول على مصدر صافي ونقي من مياه الشرب أمراً في غاية الأهمية لنشوء الحضارات الإنسانية عبر التاريخ.. بعد هذا العرض المختصر جداً عن الماء وأهميته للحياة، فإنني أشير إلى مشكلة المياة وثقافة الإنسان في الحفاظ على المياه، والمثير للاستغراب أن مثل سكان مدينتي الرقة القابعة على الضفة اليسرى لنهر الفرات، وهم أصحاب أرث حضاري طويل، يفترض أن ترتفع درجة احترام الماء إلى درجة القدسية الدنيوية، وليس بعيداً عن أذهانهم أخبار التقاتل على الماء والهلاك بالظمأ والهجرة بسبب الجفاف في أصقاع كثيرة من العالم، ومع ذلك لم ينعكس هذا على سلوك وتصرف أهالينا عند التعامل مع الماء، وللأسف الشديد بقي أرخص شيئ في مدينتي “الرقة” الحوراء وأكثر الأشياء عرضة للابتذال هو الماء.

لا شك أن كثير من قضايا الساعة المطروحة مهمة وخطيرة، ولكن مشكلة المياه قضية موت وحياة، وعندما يحل الفاس بالراس وتحل الكارثة الناشئة عنها لا يمكن التغلب عليها أو مقاومتها. واليوم بالإمكان مراقبة الناس في “الرقة” وخاصة أصحاب المحلات التجارية في تعاملهم مع الماء. إذ لا يوجد أدنى حس بنعمة الخالق. وأضرب على ذلك مثالاً.

عند أهل “توتول” القديمة وهي المدينة السالفة لـ “لرقة” في الألف الثالث قبل الميلاد كان المواطن “التيتولي” إذا وجد قطعة خبز على الأرض التقطها وقبلها ووضعها على الجبين من باب الاحترام والتقدير. ونحن اليوم نفعل ذلك أيضاً، لكن المثير للاستغراب لمَ لمْ ينشأ شيء من هذا التقديس للماء عند أهلنا في الرقة؟ والماء اكسير الحياة.