لكل السوريين

من المسؤول عن الاعتداءات.. تراخي القبضة الأمنية التركية يجعل اللاجئين السوريين “لقمة سائغة” يسهل تناولها

على الرغم من أنّ أردوغان استثمر مآسيهم ومعاناتهم إلى أبعد الحدود سياسياً وإنسانياً، يتعرض حوالي أربعة ملايين لاجئ في تركيا بشكل متزايد للمعاداة. هذا ما أظهرته مؤخراً الأحداث في العاصمة أنقرة، عندما وقع شجار بين لاجئين سوريين ومواطنين أتراك. ويحذر الخبراء من أن مزيداً من هذه الاضطرابات متوقعة.

الشرارة كانت مساء الثلاثاء (10 أغسطس/ آب)، عندما وقعت مشاجرة بين مجموعتين من الشباب في حي ألتنداغ في العاصمة التركية أنقرة. وقد أسفرت هذه المشاجرة، التي حدثت بين مجموعة من اللاجئين السوريين وبين مجموعة من الأتراك، عن إصابة تركيين جراء طعنهم بسكين. بعدها بساعات توفي شاب تركي يبلغ من العمر 18 عاماً في المستشفى متأثراً بجراحه.

هذا الحادث أدى إلى اندلاع موجة من العنف ضد الأجانب أشبه ما تكون بـ”البوغروم”: ففي ليلة الأربعاء/ الخميس، تدفق المئات على شوارع حي ألتنداغ وعاثوا فساداً في محلات ومنازل وسيارات تعود للاجئين سوريين. وكان بالإمكان متابعة هذه المشاهد المروعة في شبكة التواصل الاجتماعي “تويتر”، حيث انتشرت مقاطع فيديو عديدة تظهر جموعاً من الناس يخربون ممتلكات السوريين ويهتفون بشعارات معادية للأجانب. بعض المخربين قاموا بعمل “تحية الذئب” بأيديهم، في إشارة إلى حركة “أولكوتشو” التركية اليمينية المتطرفة، والمعروفة أيضاً باسم تنظيم “الذئاب الرمادية”.

واشتكى العشرات من السوريين اللاجئين في تركيا من التعرّض لاعتداءات جسدية ولفظية وتهديدات بالقتل، وهي بعض من فصول المعاناة اليومية للكثيرين منهم.

السلطات التركية تلتزم الصمت حيال الانتهاكات بحق نازحين على أراضيها، واتضح فيما بعد أنّ تحرّك حزب العدالة والتنمية الحاكم وزعيمه أردوغان، بما يتعلق بالعطف على السوريين وتقديم الخدمات والطعام لهم وزيارة مخيماتهم، ليس إلا دعاية للاستهلاك الإعلامي ومزايدات سياسية لانتزاع مكاسب، وفق ما أورد موقع “أحوال تركية”.

ويأمل لاجئون في تركيا أن يُرفع التعتيم الإعلامي الذي فرضه النظام على ما يتعرّضون له من اعتداءات ومضايقات، فيما تضيق أمامهم خيارات العودة إلى بلدهم، وما يزال الوضع خطيراً من الناحية الأمنية، وسط مخاوف من أن يتعرّضوا للاعتقال والتعذيب من قبل النظام السوري.

وقد سجلت على مدى الشهور الماضية حوادث اعتداءات كثيرة، راح ضحيتها لاجئون سوريون اعتقدوا أنّ الأراضي التركية ستكون أكثر أمناً لهم من أوطانهم، فقبل أيام قليلة تعرض شاب سوري للضرب المبرح على يد شبان أتراك بعد أن أقدموا على التحرش جنسيا بزوجته، ما أجبره لقتل واحد منهم، ليلقى على الفور في السجن.

وعلى إثر هذه الحادثة بدأ الأتراك على مرأى العدالة والتنمية بارتكاب الانتهاكات بحق أي سوري يقطن في أنقرة، التي سجلت فيها الحادثة، ما يعني تجريم كافة السوريين المقيمين في أنقرة.

وفي العام الماضي، وفي إحدى بلدات ولاية سامسون شمالي تركيا، لقي الطفل السوري أيمن حمامي مصرعه في 13 أيلول (سبتمبر)، إثر تلقيه 3 طعنات في القلب على يد شبان أتراك هاجموه وشقيقه وأحد أقاربه.

هذه الحوادث لم تكن الأولى ولا الأخيرة التي يكون سوريون ضحيتها في تركيا، وحتى مع تكرار المبادرات الرسمية لاحتواء أي توتر قد ينجم عنها، استمرّ الحديث والتخوف من دوافع “عنصرية” وراءها.

وفي 17 تموز من العام 2020، قتل الشاب السوري حمزة عجان (17 عاماً)، إثر شجار في ولاية بورصة، بحسب ما ذكرته صحيفة “دوفار” التركية، بالإضافة إلى تسجيل مصوّر انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي، ظهر خلاله والد الشاب وروى الحادثة.

وفي 27 أيار (مايو) من ذات العام، قُتل الشاب السوري علي حمدان العساني برصاصة في الصدر أطلقها عليه أحد عناصر الشرطة، وأصدرت ولاية أضنة في اليوم التالي للحادثة بياناً جاء فيه أنّ فرق الشرطة التابعة لقسم شرطة منطقة سيحان في الولاية، أصابت الشاب علي العساني عند إطلاق نار تحذيري، عقب هربه من نقطة تفتيش في حي سوجو زادي.

إضافة إلى الاعتداءات الجسدية، تعرّضت محال سورية في 30 حزيران (يونيو) 2019 لاعتداءات، في منطقة إيكتيلي بإسطنبول، نتيجة ادعاءات بتحرش أحد السوريين بفتاة تركية، ليتبين فيما بعد أنها حادثة شجار بالكلام عبر نوافذ المنازل بين طفلين (سوري وتركية) في الـ12 من عمرهما، بحسب ما ذكرته مديرية الأمن حينها.

وتتفاوت حدة هذه الاعتداءات بين التهجم الجسدي، والاعتداءات اللفظية، إمّا بشكل مباشر وجهاً لوجه، وإمّا عبر وسائل التواصل الاجتماعي عبر منشورات أو تغريدات، ينشر بعضها سياسيون أتراك.