لكل السوريين

مسلسل أستانة.. إلى أين؟

مرة أخرى ينعقد لقاء جديد من لقاءات استانة القديمة الجديدة في ظل تعارض واضح وخلافات جذرية في المواقف بين المشاركين في هذا اللقاء الذي ينعقد بعيد الانتهاء من الانتخابات الرئاسية السورية، التي جرت في أجواء دولية انقسمت إلى غالبية معارضة لتلك الانتخابات تقودها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

وبالمقابل هناك مجموعة من الدول المؤيدة لها في مقدمتها روسيا وإيران، اللتان تجدان في الشريك السوري الحالي ضمانة موثوقة في الحفاظ على مصالحهما الاستراتيجية، التي كانت السبب الرئيسي والحاسم في استمرار الأزمة السورية التي زاد أمدها عن الحربين العالميتين.

هذه الأزمة التي دفع شعبنا السوري جراءها أثمانا باهظة وعلى كافة الصعد الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والتنموية، عدا عن الخسائر الفادحة بالأرواح التي طالت كل الجغرافية السورية وبلا استثناء، حيث أمسى كل السوريون وبلا استثناء هم الخاسرون الوحيدون، في حين ينعم أعداء سورية في الداخل والخارج بثمرات هذا النجاح الكبير، الذي عجزوا عن تحقيقه طيلة عقود من المواجهة.

واليوم تشهد مدينة استانة جولة جديدة من المفاوضات الماراثونية التي لم تسفر عن تقدم باتجاه الحل السياسي في التعنت الذي أبداه وفد الحكومة السورية.

وقبل أن تبدأ جولة المفاوضات حيث يصر على مناقشة موضوع الانتخابات الرئاسية التي جرت قبل فترة وجيزة وتمخضت عن إعادة تجديد لفترة رئاسية جديدة بالرغم من حجم المقاطعة التي شهدتها تلك الانتخابات وغياب ملايين السوريين خارج الجغرافية السورية.

ورفض ملايين أخرى من السوريين متواجدين في منطقتي شمال غرب سورية وشمال شرق سورية، ومجموع المنطقتين يزيد على الثمانية ملايين.

ومع ذلك يتمسك وفد النظام بمناقشة موضوع الانتخابات دون اكتراث بمطالب المعارضة التي تتمسك هي الأخرى بالشرعية الدولية وقرارها الشهير 2254 الذي يعتبر الأساس الذي يجب أن يستند عليه أي حل مستقبلي للأزمة السورية، التي بات العالم يدرك أنه قد آن أوان ايجاد الحل المناسب لها.

والذي يحقق الحد الأدنى من مطالب الشعب السوري الذي خرج ومنذ اليوم الأول لحراكه السلمي مطالبا بكرامته وحريته وليس شيئا آخر.

ونحن اذ نترقب الآن نتائج أستانة في حلتها الجديدة ندرك تمام الأدراك أنها ستكون كسابقاتها، ولن تضيف شيئا يساعد في التوصل للحل السياسي الذي يتلهف الشعب السوري لبلوغه بعد أن طال أمد انتظاره كثيرا.

فترانا كم نحتاج من حلقات السوتشي وكم من حلقات أستانة وكم من جولات جنيف لنصل إلى ما نصبو إليه، وكلنا أمل أن لا يطول انتظارنا كثيرا، لأننا في الواقع مللنا الانتظار.

ولكننا لم ولن نفقد الأمل بالوصول إلى ما نصبو إليه لأننا مدركين تمام الادراك أن رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة، ونحن قد خطونا خطوات كثيرة في الاتجاه الصحيح، الذي ينتهي حتما بتحقيق ما نحن ساعين لتحقيقه شاء من شاء وأبى من أبى، لأن إرادة الحياة لدينا أكبر من كل التحديات فنحن نحب الحياة ونعشقها ما استطعنا إليها سبيلا..