لكل السوريين

تجربة.. وعبرة

لطفي توفيق

في عام 1971، قام عالم النفس الأمريكي الشهير “فيليب زيمباردو” بتجربة مثيرة للجدل..

حيث قام باختيار عدد من طلاب جامعة ستانفورد..

وتقسيمهم إلى مجموعتين..

لعبت المجموعة الأولى دور المساجين..

ولعبت المجموعة الأخرى دور السجّانين.

وتم تجهيز سرداب في الجامعة حتى أصبح  شبيهاً بالسجن تماماً.

وقامت شرطة كاليفورنيا بحملة اعتقالات لطلاب المجموعة الأولى بتهم السطو المسلح والسرقة وانتهاك القوانين.

وألقي القبض عليهم من منازلهم..

وتم سوقهم مقيدين بالأصفاد..

وإيداعهم في سرداب الجامعة الذي تحوّل إلى سجن.

ولم يكن أي من المتهمين على علم بما يحدث.

وارتدى أفراد المجموعة التي قامت بدور السجّانين زي الشرطة.

وأقنعهم عالم النفس بأن عليهم القيام بدور ضباط الشرطة..

واتخاذ كل التدابير اللازمة لحفظ النظام في السجن..

كما يحلو لهم..

ودون أي مساءلة من أي نوع..

مهما فعلوا.

ووضعت كاميرات وميكروفونات مخفية ليتابع عالم النفس وفريقه ما سيجري.

وكانت النتيجة كارثية..

فمنذ اليوم الأول..

تحولت مهام حفظ النظام إلى إجراءات تعسفية فرضها السجّانون على المساجين.

وراقب الرجل بقلق التحول المرعب الذي حدث للسجّانين.

وأصابه الذهول وهو يراقبهم عبر شاشات المراقبة..

حيث أصبح السجّانون يتعاملون بخشونة وعنف لدرجة تعذيب زملائهم المساجين

رغم أنهم عرفوا بتهذيبهم وهدوئهم..

وتفوقهم الدراسي الذي جعلهم يلتحقون بهذه الجامعة العريقة.

أوقف عالم النفس التجربة.. بعد ستة أيام من بدايتها.

وكان مقرراً لها أن تستمر لأسبوعين متواصلين.

وأخضع المشاركين فيها من المجموعتين إلى فترة من العلاج النفسي لتخليصهم من الآثار النفسية السيئة التي لحقت بهم خلال التجربة.

وقد استنتج أن “السلطة المطلقة تخرج أسوأ ما في النفس البشرية”.

ومع أن هذه التجربة أثارت جدلا واسعا في الأوساط العلمية..

وشكك الكثيرون في البعد الأخلاقي لها..

تحولت بعد أكثر من أربعة عقود..

إلى فيلم حمل اسم “تجربة سجن ستانفورد”.

ولاقى الفيلم رواجاً كبيراً.

وبغض النظر عن البعد الأخلاقي لهذه التجربة..

فقد رسخت نتائجها كنقاط مضيئة

في أبحاث ومراجع علم النفس.

وبقيت نتائجها إلى يومنا هذا..

السلطة المطلقة تخرج أسوأ ما في النفس البشرية.