لكل السوريين

تظاهرة السويداء المركزية الأسبوعية.. المتظاهرون يرفضون تشكيل أحزاب سياسية والزعامة الروحية والتقليدية تؤيد الحراك

لليوم العشرين على التوالي، استمر الحراك الشعبي في محافظة السويداء وتجمع الآلاف من مختلف أنحاء المحافظة في ساحة الكرامة وسط المدينة في تظاهرة مركزية أسبوعية تم التوافق عليها كل يوم جمعة، على أن يستمر الحراك خلال باقي أيام الاسبوع بمظاهرات متفرقة.

وكان من اللافت حضور عشائر السويداء الكبير في التظاهرة ومشاركة ناشطين من محافظة درعا في مشهد أكد التلاحم الوطني بين كافة المكونات السورية، كما شاركت فيها وفود من مختلف قرى وبلدات المحافظة، رغم صعوبة الوصول إلى الساحة للمحتجين من بعض القرى، حيث امتنعت معظم وسائل النقل العامة عن نقلهم إلى السويداء.

وأكدت الحشود المحتجة على استمرار شعارات الحراك الشعبي المطالبة بالتغيير السياسي فق القرار 2254.

وأغلق المحتجون مبنى اتحاد العمال في مدينة السويداء “حتى يعود الاتحاد لأخذ دوره في الدفاع عن حقوق العمال”، وفق ما أفاد به أحد المحتجين، وكان المحتجون قد أغلقوا مبنى اتحاد الفلاحين بطريقة مماثلة.

وحوّل المحتجون ساحة الكرامة إلى منتدى مفتوح للاحتجاجات والموسيقى والفن والشعر  والسياسة، وظهرت فيها صور مميزة ولافتات ولوحات فنية، والكثير من المظاهر المدنية والشعبية.

وكان نشطاء مدينة شهبا قد تجمعوا في ساحة المدينة وحضرت وفود من قرى ريف السويداء الشمالي والشرقي، وبدأ الجميع مظاهرتهم في ساحة شهبا الرئيسية، ثم انطلقوا إلى السويداء للمشاركة في التظاهرة المركزية، وانضم إليهم في الطريق نشطاء من قرى مردك وسليم وعتيل.

وفي الريف الجنوبي من المحافظة تجمع النشطاء من ملح وعرمان وامتان في مدينة صلخد، وانطلقوا إلى السويداء للمشاركة في التظاهرة.

وفي الريف الغربي اتفق النشطاء من المجدل وعريقة والمزرعة وتعارة والدويرة وباقي القرى على آلية التجمع، والانطلاق إلى ساحة الكرامة.

ورغم التهديدات التي وصلت لسائقي وسائل النقل العام بحرمانهم من مخصصات الوقود إذا نقلوا المتظاهرين إلى مدينة السويداء، وتخويفهم من قطع لقمة عيشهم، قام بعضهم بنقل عشرات المتظاهرين إلى السويداء، ووجد الآخرون في أغلب المناطق وسائل بديلة لنقلهم إليها.

ويبدو أن محاولات السلطة التي تسعى لتخويف الشارع لم تعد مجدية، وأن الناس  كسروا حاجز الخوف حيث لم يعد لديهم ما يخسرونه، ولا خيار أمامهم سوى التظاهر للمطالبة بحقوقهم في الحياة والتغيير السياسي.

التظاهرات مستمرة

تواصلت التظاهرات والوقفات الاحتجاجية في مختلف مناطق محافظة السويداء للمطالبة بالتغيير السياسي في سوريا وفقاً للقرارات الدولية ذات الشأن.

وواصل المئات تجمعهم في ساحة الكرامة بالسويداء خلال التظاهرات السلمية اليومية للمطالبة برحيل النظام السوري، وتطبيق القرار 2254، وتحسين الواقع المعيشي للسوريين، وشهدت الساحة احتجاجات نسائية وأخرى فنية ونقابية وكرر المحتجون خلالها ذات المطالب.

وفي  الريف الجنوبي للمحافظة، شهدت مدينة صلخد أكبر وقفة احتجاجية منذ بداية الحراك الشعبي شاركت فيها وفود من مدينة السويداء وبلدة القريّا وقرى أخرى، ورفع المحتجون لافتات عكست موقف الحراك الشعبي الذي يرفض دعوات إقامة إدارة ذاتية بالمحافظة، ويصرّ على التغيير السياسي في البلاد.

كما نفّذ أهالي قرية الصورة الصغيرة بالريف الشمالي من المحافظة، وقفة احتجاجية مسائية أكدت على استمرار الاحتجاج الشعبي بالمحافظة من أجل التغيير السياسي في البلاد، وتجمع عدد من أهالي قرية لاهثة في ساحة القرية في وقفة احتجاجية دعموا خلالها احتجاجات المحافظة، وطالبوا بالتغيير السياسي.

وفي ريف السويداء الغربي، نفّذ أهالي بلدة المزرعة وقفة احتجاجية أكدت على ضرورة  استمرار الاحتجاجات المطالبة بالتغيير السياسي في البلاد، وتظاهر شباب من قرية ريمة حازم في الساحة الرئيسية للقرية دعماً للانتفاضة الشعبية في المحافظة.

وفي الريف الشرقي للمحافظة شهدت قرية الجنينة تظاهرة احتجاجية، أكدت على مطالب الحراك السابقة، وخرج أهالي قرية ريمة بتظاهرة مماثلة استضافوا خلالها مواطنين من قريتي سليم ومردك للتأكيد على مطلبهم برحيل النظام والحل السياسي ودعمهم لاستمرار الاحتجاجات بالمحافظة.

تشكيل أحزاب سياسية

حذّر متظاهرون في ساحة الكرامة بالسويداء من تفرّد البعض بقرار الحراك الشعبي من خلال تشكيل أحزاب سياسية جديدة بعد ان انتشرت دعوات إلى حضور مؤتمر لإعلان تأسيس هيئة سياسية مدنية تنبثق عنها أحزاب سياسية.

وكان من يطلقون على أنفسهم هيئة “القوى الوطنية والسياسية” في السويداء، قد أطلقوا هذه الدعوات للعمل على التحضير لمؤتمر سياسي يعقد خلال الأيام القادمة.

وأعلنت الهيئة أنها تعمل على “تشكيل لجان محلية تكلف كل لجنة على إدارة عمل ملفات خدمية وسياسية واقتصادية”، واعتبرت أن الهدف من تشكيل لجان هو “سد الفراغ الناتج عن فساد مؤسسات الدولة وتورط الأجهزة الأمنية بدعم الفساد”.

ولكن هذه الدعوات أثارت ردود فعل غير مرحبة من قبل معظم المشاركين في المظاهرات الذين طالبوا بعدم تأسيس أحزاب باسم حراكهم.

وقال أحد قادة الحراك إن “منطلق الثورة هو ساحة الكرامة ولا حدا يركب الموجة”.

وأكد أن طلبات الشارع تخرج من ساحة الكرامة ولا يحق لأي حزب أو جهة التحدث باسمها.

وقال في كلمة له بين المتظاهرين “لا يوجد أحد يمثل ساحة الكرامة غير المتواجدين فيها”.

تشكيل هيئة سياسية

كثر الحديث مؤخراً عن تشكيل هيئة سياسية مدنية في السويداء، وعن توافق أعيان المحافظة وقادة الاحتجاجات على تشكيل هذه الهيئة.

وقالت مصادر محلية إن الهيئة السياسية المدنية ستنبثق عن مؤتمر سياسي يعقد في السويداء خلال الأيام القليلة القادمة.

وحسب هذه المصادر، فإن الهيئة المرتقبة سوف تقدم إلى المجتمع الدولي رؤيتها السياسية لمستقبل سوريا، ومشاركتها في العمل السياسي لإعادة بناء الدولة.

ولفتت إلى أن المبادئ التي تنطلق منها تلك الهيئة تأكيد وحدة الأراضي السورية، ورفض أي مشروع انفصالي، وتعزيز مفهوم الإدارة اللامركزية، وطرح مفهوم الإدارة الذاتية ضمن إطار الخدمات، وتأمين احتياجات المجتمع، ومواجهة ظاهرة تفشي المخدرات في المجتمع والاتجار بها وتهريبها إلى الدول المجاورة وفق المصادر ذاتها.

ويأتي الحديث عن تشكيل هذه الهيئة في وقت تتواصل فيه احتجاجات السويداء المنادية بالانتقال السياسي في البلاد ورفض الإدارة الذاتية أو الانفصال عن سورية، بما يعكس رأي الحراك الشعبي الذي يتمسك بأن قرار المحتجين ينبع من ساحة الكرامة وليس من أي مكان آخر.

الزعامة الروحية والتقليدية مع الحراك

جدّد سماحة الشيخ حكمت الهجري، الرئيس الروحي لطائفة المسلمين الموحدين تأييده للحراك السلمي بالمحافظة، وأكد على أحقية المطالب المشروعة للسوريين جميعاً.

وخلال زيارات وفود أهلية إلى منزله في قنوات، وجّه تحية للشباب “اللي عم تطالب بحقوقها بهذا الحراك المدني السلمي”، وقال “اللي فاصلين حالهم عن الشعب ما بدنا ياهم ولو كانوا بمراكز حساسة”.

كما أيدت الزعامة التقليدية احتجاجات السويداء ومطالبها المشروعة، ووجّه صاحب دار عرى التي تمثّل الزعامة التقليدية بالمحافظة رسالة على صفحته قال فيها “منذ ثلاثة أسابيع تحتشد ساحات وميادين الجبل بالمتظاهرين الحالمين بوطن حر وكريم، يحفظ كرامة جميع ابنائه، ينادون بدولة يسودها العدل والقانون، رافعين الصوت عالياً ضد كل أشكال الفساد والاستبداد، ويؤكدون المؤكد أن السويداء جزء لا يتجزأ من سورية، ويرفضون محاولات حرف مسار حراكهم المشروع عن المطالب المحقّة”.

ومما جاء في الرسالة “إن هذه الجموع لم تخرج إلى الشوارع لولا أن بلغ السيل الزبى، وكنا قد حذرنا مراراً وتكراراً أصحاب الشأن والمعنيين، من أن استمرار السياسات الاقتصادية والأمنية الخاطئة، سيؤدي بشكل حتمي إلى ما نشهده اليوم، فأبناء الجبل لا ينامون على ضيم ولم يكن صبرهم الطويل منذ بداية الأزمة حتى اليوم، استكانة أو خضوعاً للأمر الواقع، إنما كظموا غيظهم طيلة السنوات الماضية في أقسى الظروف، ورفضوا كل المشاريع والعروض المشبوهة من خارج الحدود”.

وطلبت الرسالة ممن يرغبون سماع صوت المحتجين ومعرفة مطالبهم، أن يسمعوها منهم، فهم يؤكدون أن الساحات والميادين هي وحدها التي تمثلهم.

حملة إعلامية لتشويه الانتفاضة

منذ الأيام الأولى لانتفاضة السويداء التزم النظام السوري الصمت، مما يشير إلى أن هذه الانتفاضة شكلت له مصدر قلق من أن تطلق شرارة الثورة من جديد في كل أنحاء الوطن السوري.

وبعد أيام على بدايتها، بدأت الوساطات وتقديم العروض من قبل المحسوبين على النظام بتوفير الماء والكهرباء وتحسين ظروف المحافظة، وقوبلت هذه العروض بالرفض وبالتأكيد على مطالب رحيل النظام وتطبيق القرار الدولي 2254، والانتقال إلى دولة المواطنة والعدالة والمساواة.

فأطلقت دعاية النظام حملة لتخوين أهل السويداء وزعم ارتباطهم بالخارج وعمالتهم لإسرائيل, وبدأ الترويج لفكرة أن الاحتجاجات تهدف إلى الانفصال أو إلى إقامة حكم ذاتي.

وبادرت جهات تتبع النظام أو تتقرب منه إلى كيل الاتهامات ضد المحتجين واتهامهم بالسعي نحو الانفصال، والمساهمة في تفتيت الوطن والركون إلى مشروعات خارجية.

وهذه الاتهامات ومثيلاتها تكررت منذ بداية الحراك السلمي في سوريا من قبل النظام وأنصاره لاستخدمها كمبررات للهجمات العسكرية على المحتجين.

صرخة من الساحل السوري

كتب جندي من الساحل السوري على صفحته رسالة جاء فيها “لقد كنت أحد الجنود الذين واجهوا الهجمة الإرهابية في مطار الثعلة بالسويداء، وحين تم الهجوم علينا من قبل العصابات المسلحة بشكل مفاجئ لم نكن متجهزين له، رأينا الفرسان والعمائم والشيوخ تهرع الينا وكانوا في الصف الامامي قبلنا، هؤلاء كانوا أهالي السويداء وبيارق كرامتها وشجاعتها من رجال الكرامة والفصائل الوطنية.

لقد هزموا الإرهاب وأطعمونا وسقونا وبقوا مرابطين على حدود المطار لمدة ٣ ايام من أجل حمايتنا وحماية المطار وكان طعامنا يصل كل يوم من قبل الاهالي فأكلنا المنسف والملحية وأكلات السويداء المشهورة التي كانت تطبخها نساؤهم”.

ومما قاله الجندي في رسالته “سمعت بالتهديدات من قبل بعض الضباط لأهالي السويداء ولذلك فإني أطالب جميع أخوتي في الجيش العربي السوري بعدم الانجرار لأوامر ضابط فاهم الموضوع غلط، أو لمعلومات كاذبة، وأطلب من كل عسكري مجند أو ضابط شريف في الجيش العربي السوري بعدم رفع بندقية ضد أهالي السويداء الاحرار الشرفاء الذين حمونا في عدة معارك، وحموا أرضهم وكرامتهم في الوقت الذي كانت داعش تجول في كل سوريا دون رادع، وحدهم أهالي السويداء نصبوا مشانق داعش وقهروهم دون أن يكون لنا عليهم اي فضل”.