لكل السوريين

لماذا نرى الموت في وجوه الأحياء؟

احمد الابراهيم

في الآونة الأخيرة ظهر استفسار عن حقيقة الحياة التي نعيشها، وهل نحن ننعم بحياة حقيقة أم من ينعم بالحياة هم الأموات وكأننا أصبحنا بحالة حسد للذين ماتوا بيولوجيا، كونهم لم يعودوا يعانوا كما نعاني في سيرورة حياتنا اليومية، وفي حالة من الضجيج والفوضى التي تطفو على السطح المجتمعي نجد نداء إلى أين أنتم سائرون هل بكم من يعلم وجهته، ولكن دون جدوى لهذا المناجاة، فكلنا يسير في بوتقة السير دون توقف دون أن نعلم الوجهة ودون أن يكون لنا أي دور في تحديدها.

ولكننا مازلنا نهرول متعبين في هذا المضمار، ولعل الانسلاخ من هذه البوتقة سيجعلك في غربة الوجود وستسبب لك الكثير من المعاناة وستسبب لك الرفض، فسياسة سير القطيع في أوجها، وسينبذك كل الذين يسيرون في هذه البوتقة، رغم أنهم لم تكن رغبتهم السير فيها ولا يعلمون إلى أين سيؤدي المطاف بهم.

والسؤال هنا بعد كل هذا المضي وهذا العراك الفوضوي ألم تكن لنا تجاربنا الذاتية، ألم نتعلم من هذه التجارب، ولو عدنا بالتاريخ قديما كان أجدادنا يقصون قصص التاريخ ويعتبرون منها، ولكن اليوم نحن في أبشع الظواهر الاجتماعيات وأقبح مظاهرها، فنحن لا نعتبر من تجاربنا الذاتية حتى وفي هذه الحالة السائدة هل منكم من يرى فرجة من هذا الكرب العظيم.

وأليس من حق أجدادنا الذين صنعوا لنا تاريخا عظيما أن يكون لأبنائهم أثر في المستقبل، ولعل هنالك سؤال يقول ما هو الربح المجتمعي وما هو الرأس المال المجتمعي، وما هي الخسارة المجتمعية، ودعونا نجيب عن كل من هذه الأسئلة.

ولعل من وجهة نظري أرى الربح المجتمعي بأن تكون الأجيال الحالية تتفوق على أجدادها في الإنجازات والحفاظ على المكتسبات، وإن الرأس المال المجتمعي هو أن يحافظ المجتمع على نفس مساره التاريخي الذي صنعه الأجداد، ونفس المسار.

وبما أننا عرفنا الربح المجتمعي ورأس المال المجتمعي فإننا بالتأكيد حاليا نعيش في مرحلة الخسارة المجتمعية فنحن لم نحافظ على مسيرة الأجداد ولم نستفد من تاريخهم ونطوره، وإنما أصبحنا إمعات تلحق الشارد، ولا ننسى حجم الحروب الخاصة التي تمارسها الدول يوميا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتقوم بالتحكم عن بعد بالعاطفة والأخلاق الاجتماعية وكذلك قرارات التوجه لهذا المجتمع، ويفعلون كما يفعل السحرة بتسخير الجان الذي يسبب أوجاع وصدمات دماغية تمنع المسحور من القدرة على التفكير المنطقي، وكذلك تجلعه في صراعه الذاتي باستمرار دون خلاص من هذه الحالة، إلا أن يقوم أحد بإبطال مفعول هذا السحر.

ولعل أهم بوابة لإبطال ما يجري علينا هي بوابة العلم فالعلم بالشيء لا يجعلنا نخشاه والعلم سيجعلنا نفكر ونعي وبعدها سيدخلنا في بوابة اتخاذ القرار المجتمعي، والذي نحن بأمس الحاجة له اليوم، ولكن من سيتولى هذه المهمة في التوعية العامة والتربية العامة وإحلال حلة العلم على كافة شرائح المجتمع.

فنحن لا ندعو بالعودة بالمجتمع لنقطة الصفر، بل نطالب بالمحافظة على الأثر الأخلاقي والعلمي والثقافي والديني والذي كان سبب تطور المنطقة وسبب صمودها، وكذلك التركيز على العلم بالدرجة الأولى لينمي هذه المكتسبات لضمان الاستمرارية المستقبلية لهذا المجتمع، وتقديم الصدمة لهذه الجثة الهامدة ليحييها من موتها الفكري الذي جعل منها عالة حتى على أعدائها.

ولابد أن يتولى أبناء هذه الأمة المبادرة وكلا حسب موقعه، فإذا تحمل أبناء هذه المنطقة مسؤولياتهم فسيصبح كل واحد منهم نقطة مؤثرة في موقعه، وكثرة النقاط ستخلق نهرا عذب جارٍ وسيكون نهر الحياة المجتمعية.

ونهاية المقال ذكر بأن قوتنا في اختلافنا إن كل القوى تعمل بالتركيز على الاختلاف لتحويله لخلاف لا ينتهي وتحويله من قوة جبارة إلى آلة خلاف عاملة لا تتعب ولا تنتهي.