لكل السوريين

مستقبل النفوذ الإيراني في سوريا

حسن مصطفى

بالرغم من انقضاء عشر سنوات على بدء الأزمة السورية إلا أنها لا تزال تعاني من غياب أفق الحل السياسي لها، الحل الذي ظهرت بوادره لأول مرة مع صدور وتبني بيان جنيف الأول الذي تبلور فيما بعد بصيغة القرار 2245 لعام 2015، والذي حاز على قبول كل السوريين ومن كل المكونات، لأنه حمل في داخله رؤية حقيقية للحل السياسي.

ولكن يبدو أن الساحة السورية وبعلم جميع المتدخلين بالشأن السوري باتت ساحة لتصفية حسابات المصالح بين الدول على حساب استمرار المعاناة السورية، واليوم وفي ظل التطورات الحاصلة في الملف السوري بدأت تلوح بوادر صراع مسلح قد يندلع بين لحظة وأخرى طرفاه إيران وإسرائيل، إيران التي تسعى لتعزيز وجودها العسكري في المنطقة لتأمين استمرار التواصل بين محطات الهلال الشيعي الممتد من طهران إلى بيروت تحت مسوغ تعزيز تيار المقاومة والممانعة.

إضافة لذلك، فإن إيران تسعى لتقوية موقعها في المنطقة عبر العمل على تكثيف تواجدها العسكري في الجنوب السوري وتحديدا في مواجهة إسرائيل، لاستخدام تلك الورقة في مفاوضاتها المستقبلية بخصوص الملف النووي الإيراني مع الولايات المتحدة والاتحاد الروسي، بعد ان انسحبت الولايات المتحدة منه في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، وأعقب ذلك الانسحاب فرض عقوبات اقتصادية قاسية على ايران، لا زالت تعاني من تبعاتها، وتسعى بكل الوسائل والسبل للتخلص والتخفيف من أثارها عبر تمكنها من إحداث احتراق جزئي للموقف الاوروبي الذي أمسى يتململ من تلك العقوبات التي أضرت كثيرا بتلك الدول نتيجة تراجع استثماراتها وعقودها الاقتصادية الهامة.

وبالرغم من كل ما سبق يبدو أن الايرانيين يتغافلون أو يتعمدون تجاهل حقيقة ينبغي أن لا تغادر تفكيرهم، وهي أن أمن اسرائيل هو خط أحمر لا يسمح لأي قوة اقليمية في الشرق الأوسط تجاوزه تحت أي مسوغ أو ظرف مم هما نفخم الرضا الدولي، لما تقوم به اسرائيل من غارات وقصف طال كل المناطق السورية التي يتواجد فيه الايرانيون ووكلائهم المحليون ومرتزقتهم، إضافة إلى استهداف منشآت ايران النووية في موقع نطنز، وقبلها هجمات سوبرانية الكترونية أدت إلى التسبب بأضرار كبيرة في البرنامج النووي الإيراني دون أن يفصح الايرانيون عن حجم تلك الأضرار.

ولكن المؤكد أن هناك شبه اجماع من اللاعبين الرئيسيين في الساحة السورية، وهم الولايات المتحدة والاتحاد الروسي على ضرورة تحييد النفوذ الايراني مرحليا تمهيدا لإنهائه مستقبلا، من أجل انجاز الحل السياسي للأزمة السورية التي بات الوجود الايراني العائق الأكبر والرئيسي له، وينبغي ازالته وهذا ما ستتمخض عنه الشهور المقبلة من هذا العام، من أجل المحافظة على الجغرافية السورية موحدة، كضمانة لدوام الأمن والاستقرار ليس في سوريا فحسب، وإنما في سائر منطقة الشرق الأوسط.