لكل السوريين

عيد للعمال.. والعمال بلا عيد

لطفي توفيق

للمرة الثانية…

يحتفل العمال بعيدهم..

في ظل وباء كورونا الذي رمى بالكثيرين منهم إلى قارعة الطريق.

وللمرة الـ….

يحتفل العمال بعيدهم..

في ظل وباء الجشع.. والتوحّش.. والغباء..

جشع الذين يتوحّمون على لقمة عيش العامل المغموسة بالعرق.. والدم.

وعلى نقطة حليب أطفاله التي قلما يرونها.

وتوحّش رأس المال.. وأصحابه الذين كشّروا عن أنيابهم..

وقرروا السطو على أي لقمة.. في يد أي يتيم.

وغباء الذين قالوا “اللي معو قرش بيسوا قرش”.

وعمموا قولهم..

حتى صار مثلاً تتناقله أجيال عن أجيال.

واكتفوا بقروشهم القليلة..

وتركوا للحيتان.. وللقروش الكثيرة..

حرّية نهش لحومهم.. كلما طاب لها ذلك.

وللبداية.. شجون..

في الأول من شهر أيار عام 1886..

قام عمال شيكاغو بإضراب عن العمل تحت شعار:

“ثماني ساعات عمل..

ثماني ساعات نوم..

ثماني ساعات فراغ للراحة والاستمتاع”.

وحقق الإضراب نجاحاً كبيراً.. وشلّ الحركة الاقتصادية في المدينة.

وفتحت شرطة تلك الفترة.. النار على المضربين.. والمتظاهرين..

كما تفعل شرطة كل فترة..

وقتلت عدداً منهم.

وألقى.. مجهول.. قنبلة على تجمع للشرطة.

أسفرت عن مقتل سبعة من أفرادها.

فاعتُقل العديد من قادة العمال..

وحكم على أربعة منهم بالإعدام..

وعلى الآخرين بالسجن لفترات متفاوتة.

وعند تنفيذ حكم الإعدام بالعمال ..

كانت زوجة أحدهم تقرأ خطاباً.. كتبه زوجها لابنه الصغير:

جيم..

ولدي الصغير..

عندما تكبر وتصبح شابا..

وتحقق أمنية عمري.. ستعرف لماذا أموت.

ليس عندي أكثر من أن أقول لك إنني بريء..

وأموت من أجل قضية شريفة..

ولهذا لا أخاف الموت..

وعندما تكبر ستفخر بأبيك..

وتحكي قصته لأصدقائك.

وفيما بعد.. كما يحدث غالباً..

ظهرت الحقيقة..

وتبين أن المجهول الذي ألقى القنبلة على تجمع الشرطة.

هو أحد أفرادها.

والآن…

تعتقل شرطة تركيا عشرات المتظاهرين بمناسبة عيد العمال..

وتطلق شرطة فرنسا الغاز المسيل للدموع عليهم..

وتفعل دول أخرى.. أقل أو أكتر من ذلك.

لا نعرف.. إن كان جيم.. قد قرأ رسالة والده

وإن كان قد افتخر به عندما كبر..

لا يهم…

المهم أن نترك

ما يمكن أن يفتخر به أولادنا..

عندما يكبرون.