لكل السوريين

طقوس رمضان في حماة.. بين الماضي والحاضر

حماة_ تستقبل مدينة حماة شهر رمضان المبارك، حاملاً معه ذكريات رمضانية لسنوات ما قبل الحرب والشتات، والتي كانت تجمع أفراد العائلات السورية مع بعضها على موائد الإفطار والسحور، لتتحول تلك الذكريات اليوم لآلام عن الغائبين بين الموت والغربة، وعبء المعيشة إثر الغلاء الفاحش.

حيث أصبح الحمويون لا يعتبرون رمضان شهر عبادة وصوم، بقدر ماهو موعد حسابات مالية لمصاريف العيش والطعام، مع تضاعف أسعار المواد الغذائية، مما منع معظمهم من تخزين المواد الغذائية لموائدهم الرمضانية.

فمعظم الأهالي أشاروا أنه لن يكون للحوم والفواكه ومشروبات الفطور مكان على موائدهم هذا العام، فالمستلزمات الرمضانية أسعارها باتت لا تناسب الفقراء وذوي الدخل المحدود وآلاف النازحين الفقراء لمدينة حماة، ليصبح شهر رمضان وموائده حكراً على الأغنياء فقط من أهالي المدينة.

أما في السنوات السابقة، فكانت أسواق المدينة في رمضان تغص بالأهالي لشراء المستلزمات والأغراض الخاصة بالشهر الكريم، مثل “قمر الدين” أحد أنواع الحلويات المصنوعة من فاكهة المشمش وتشتهر خاصة في رمضان، ومستلزمات “العرقسوس” أحد مشروبات الإفطار المرطبة والتي اعتاد أهالي حماة شربها على موائد الإفطار.

حيث يتوارث أبناء مدينة حماة تقاليد يسترجعونها كل عام مع حلول شهر رمضان منها ما ظل مستمراً حتى يومنا هذا ومنها ما ذهبت به آثار الحرب النفسية والاقتصادية الصعبة.

بدوره، أوضح الباحث الدكتور مجدي جحا في حديثه لصحيفة محلية،أن مدينة حماة كانت تتميز في شهر رمضان عن سواها بالتماس الهلال حيث اعتمدت كثير من الدول الاسلامية في الماضي عليها في هذا الأمر لمدة قاربت النصف قرن خاصة على يد الراحل أحمد نعسان الأحدب والذي كان يعمل حذاء وعرف بحدة بصره وكان له ولع بتوليد أهلة الشهور القمرية جميعها، مؤكدا أن الأحدب ظل ما يزيد على الأربعين عاماً “سيد إثبات رؤية هلالي رمضان وشوال لكل الدول العربية وبعض الاسلامية.

ومن العادات التي واظبت عليها الأسر الحموية في الماضي  ولا سيما بعد أداء صلاة التراويح هو السير حول قلعة حماة الأثرية التي تعد من أجمل المواقع في المدينة لكونها تطل على نهر العاصي والنواعير المقامة عليه.

كما اعتاد سكان حماة في هذا الشهر على تبادل أطباق الطعام والشراب المتعددة بما يسمى “السكبة” حيث تتميز مائدة رمضان عند أهل حماة كما بأنواع الطعام الدسم كما يحرصون على إعداد السوس والخشاف وشراب التوت الشامي والبرتقال والليمون وشراب الورد.

وهناك أنواع عديدة من الحلويات تبرز في هذا الشهر الكريم التي لها سمة حموية محضة ويتفنن الحمويون بصنعها وتزيينها وتجميلها بشكل يبعث في نفوس الصائمين الشهية على تناولها ومنها حلاوة الجبن بأنواعها المختلفة اضافة إلى الهيلطية والوربات، حيث تدخل المنتجات الحيوانية كالسمن والقشطة والقريشة والزبدة في قوام معظم الحلويات الحموية باعتبار حماة المصدر الأول لهذه المنتجات.

ومع اقتراب حلول عيد الفطر السعيد في الأيام العشرة الأخيرة من شهر رمضان تكتظ أسواق المدينة بالمواطنين الذين يباشرون شراء حاجيات العيد من الألبسة والحلويات والأطعمة وكل مستلزمات العيد.

فهل يعود رمضان العام القادم محملاً برائحة الماضي وبركته؟.

حكمت أسود