لكل السوريين

القرار ٢٢٥٤ هل هو جزء من الحل أم جزء من الأزمة؟!

بداية أودُّ التحدثَ عن القرار ٢٢٥٤ ليس من منطلق الباحث السياسي الأكاديمي بل سأتحدث عنه منطلقاً من ضمير ووجدان مواطنٍ سوري كل آماله أنْ يعيش في بلده وعلى أرضه وأنْ يتمتع بحقوقه كإنسان في بلدهِ سوريا مثله مثل سائر الشعوب وسائر البلدان.

منذ اندلاع الثورة السورية ٢٠١١ وتحولها إلى أزمةٍ داخلية عصفت بمعظم المناطق السورية لم تنفك البعثات الدولية، والعربية وغيرها عن العمل في ما أسموه الملف السوري، قد يظهر للمراقب عن بعد أن العالم كله مشغول، ومتأهب ومعني بما يحصل على هذه الأرض، ويسعى لإيجاد الحلول لإيقاف معاناة هذا الشعب، وبالفعل على الصعيد الدولي، والعربي عقدت عشرات المؤامرات و الجلسات، وكل الأطراف المشاركة عبرت بشكل ما عن ضرورة حل الأزمة السورية، والجميع حاول أنْ يظهرَ نواياه الحسنة، حتى أنَّ الجلسات والمؤتمرات لم تخلُ من الخلافات و الصراعات، والجميع يدعي بأنَّ أصلَ خلافه مع الآخر هو مصلحة الشعب السوري والدولة السورية، بالطبع أقول هذا ما يظهر للمراقب عن بعد، أنَّ العالم كله مشغول في البحث عن حلٍ لأزمتنا، ولكن للأسف نحن لم ندرك حقيقة اهتمامهم بنا

كنا مشغولين عن إنجازاتهم العظيمة ومؤتمراتهم الكريمة في  محاربة أعتى القوى الإرهابية ودفن شهدائنا، والنزوح والهروب من قصف طائرات النظام، وتفجيرات المنظمات الإرهابية، والدفاع عن أرضنا من قوى الاحتلال الأجنبية والتي تدعي زوراً نصرتنا ، والبحث عن لقمة عيشٍ وسط هذا الركام والزحام، و لم ندرك قيمة ما قدمه المجتمع الدولي لنا، ولكن من خلال بحثي وجدت الكثير من جلسات مجلس الأمن الدولي التي عقدت لبحث أزمتنا، ووجدتُ صراعاتٍ، وخلافات كثيرة حصلت بسبب  اختلاف الجميع على ما يصب في مصلحتنا بما فيها ١٦ قرار فيتو وضعته روسيا والصين إثر هذه الخلافات عدى جلسة واحدة لمجلس الأمن كانت بتاريخ ١٨ كانون الأول ٢٠١٥ في هذه الجلسة تكرم علينا المجتمع الدولي بقرار فريد تم التوافق عليه في ما بدى أنَّه بالفعل حل لما يجري في سوريا، ويصب في صالح كل الأطراف، طبعاً يطالب القرار جميع الأطراف التوقف فوراً عن شن أي هجمات ضد أهداف مدنية، ويحث  جميع الدول الأعضاء إلى دعم الجهود المبذولة لتحقيق وقف إطلاق النار ويطلب من الأمم المتحدة أن تجمع بين الأطراف للدخول في مفاوضات رسمية في أوائل يناير 2016.

يتم استثناء مجموعات تعتبر “إرهابية”، وسوف تستمر الأعمال الهجومية والدفاعية ضد هذه المجموعات، وسيتم إنشاء آلية لمراقبة وقف إطلاق النار، وستجرى انتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف الأمم المتحدة، في غضون 18 شهراً، وستتم عملية التحول السياسي في البلد.

مضى على استصدار هذا القرار أكثر من ستة أعوام، ومنذ استصداره إلى اليوم لازال حبيساً في رفوف أقبية المجتمع الدولي، بالطبع لم يخلو بعدها اجتماع  أو مؤتمر ندوة أو محاضرة من ذكر هذا القرار، وكأنَّه  سيخرج كالمارد ذات يوم بلمسة سحرية من أحدهم على مصباح مجلس الأمن الدولي وتحل أزماتنا  كلها ، لكن هذا لم يحدث إلى الآن، وكأنَّ أحدهم أخفى ذاك المصباح السحري أو حطمه، ما جرى بالفعل أنَّ الأزمة السورية وما يجري على الأرض تطلب موقفاً دولياً حاسماً بسبب جدية وخطورة الوضع السوري، وبالفعل اجتمع مجلس الأمن وتوافق على هذا القرار، وهكذا ارتاح ضمير المجتمع الدولي وتابع الجميع حياته بالشكل الطبيعي لأنَّه وجد خارطة الطريق للحل في سوريا، ولم يعد هناك ما يؤرق النظام الدولي إذ أنَّه بالفعل وجد لنا الحل بالشكل الأمثل، ولكن ما حصل بالفعل هو استضدامنا مع هذا القرار كيفما ذهبنا، وكلما بحثنا عن حل أو مخرج تخرج علينا القوى الدولية لتقول لا حل سوى القرار ٢٢٥٤، وكأنَّنا نحن السوريون فقط من هو ملزم بهذا القرار بينما جميع القوى الإقليمية والدولية بما فيهم إيران وتركيا وروسيا  تابعت سياستها في سوريا والمنطقة دون حتى النظر، أو التماشي مع مضمون هذا القرار حتى أصبح هذا القرار جزءًا من أزمتنا وليس حلاً لها.

يروى أنَّ مزارعاً استدان مالاً من أحد التجار، وحان وقت سداده  وحين راجع التاجر المزارع قال له لقد  فشل المحصول، ولكن في العام القادم  سأدفع لك دينك فقال التجار له كيف وأنت فشلت في الزراعة أجاب المزارع لقد قررت في العام القادم أنْ أزرع الأشواك على أطراف طريق القرية المؤدي إلى المراعي، وكما تعلم أنَّ الأغنام تعبر ذهاباً وإياباً من هناك، وكلّما مرّت احتكّت بالأشواك فيعلق صوفها سأجمع الصوف، وأبيعه وأوفيك دينك.. فضحك التاجر طويلاً فقال له المزارع من حقك أنْ تضحك فمالك قد عاد إليك، وحالنا كسوريين يشبه حال التاجر والمزارع لم يبقي لنا المجتمع الدولي من حلولٍ سوى الصوف العالق في أشواك الطريق الذي رسمته القوى المتحكمة في الشأن السوري، لتصبح  القرارات والمؤتمرات ساحة لعلك الصوف التي جزته تلك الأشواك.