لكل السوريين

أهالي الساحل السوري: “إلى متى سيمتد احتكار التجار، دون حسيب أو رقيب؟”

استطلاع/ اـ ن

يقف أهالي الساحل السوري ضحية احتكار التجار لمعظم المواد التي يصعب التخلي عنها، فاختفاء المواد من الأسواق ضهورها في الأسواق السوداء او بمخازن التجار بأسعار مضاعفة عن الأسعار المفروضة من قبل الرقابة والتموين؛ انعكس بشكل كبير على مواطنو الساحل السوري.

كل شيء في الأسواق متوفر، ولا ينقصنا شيء، والرقابة التموينية متوفرة جدا، وكذبة كبيرة انهم غير موجودين، والمخالفات موجودة على الأسعار، وعلى ضعاف النفوس الغشاشين والذين لا يعرفون كيف يتصرفون، دائما يتم القبض والتضحية بأحد الغشاشين والفاسدين البعيدين عن الاعين والذين يحبون ان يأكلون كل قطعة الكاتو بالخفاء، مع العلم اننا اول بلد في العالم بالحرية، فعندنا: مازوت حر…وبنزين حر… وغاز حر… وسكر حر…ورز حر… وكل مادة مخبأة عن الاعين واسعارها جهنمية وعادية وموسومة بالحر, ووطننا حر… انها الحرية زهرة ورائحة اصبح يعشقها المواطن السوري ولا يستطيع العيش دونها ….الامل قادم وسيتحقق بالعمل رغم البعض المحبط والمشائم فجرعة حياة وحرية نستحقها.

هكذا بدأ الحديث السيد أبو عمر، عندما بدأنا بالسؤال عن قصة اختفاء مواد استهلاكية موجودة وادوية ومحروقات وغيرها، جدلية غريبة في أسواق اللاذقية، مادة مختفية بسعرها المحدد لكنها موجدة بنفس المكان والزمان لكن بسعر اخر، حزورة مدهشة يعجز عن حلها جهابذة المفكرين.

السوق باللاذقية كلها سوداء، والتجار همهم جمع الأموال السوداء الضخمة لخزينتهم والتي يحصلون عليها على حساب معيشة المواطن دون الاكتراث لواقع الحالة الإنسانية من فقر وبطالة وعجز عن مواكبة تغييرات الأسعار لحميع المواد الاستهلاكية والأغذية والخضراوات والفواكه والأدوية.

ام بسام وهي مهندسة كانت متواجدة دخال السوق والتي تحدثت عن اختفاء المواد التي لم تختفي اصلاً بل ظهرت في أماكن أخرى بأسعار مختلفة وحول هذا تحدثت:

منذ ولادتي وإلى الان لم نسمع عن اكتشاف او القبض على شي تاجر او شي شركة او شي مسؤول، والتهمة بتورطهم بالفساد، رغم كل قصص الفساد المتداولة بالشارع عن انتشاره في كل الأماكن وبكل الأوقات في الليل والنهار وعلى مدار الساعة، ببساطة في حدا له حصة من التاجر او الشركة، وهذا بدوره له حصة عند بائعي المفرق والمحلات والبسطات التي لها علاقة مباشرة بالمستهلك، والضحية دائما وابدا هو المواطن، اعتقد هنالك شبكة متواصلة ومتفاعلة مع بعضها البعض، تبتدئ من كتيبة التجار الى بائعين المفرق، لتصل الكارثة الى المواطن.

السيدة نعمات وهي سيدة بيت وموظفة في الزراعة باللاذقية، تحدثت بالتالي: عن اية رقابة يتكلمون؟ الرقابة متواطئة وجزء رئيسي من اللعبة في الأسواق والاسعار، يضاف إلى ذلك المحسوبيات وهو عامل مهم وضروري في استمرار الأمور كما هي، أن السوق السوداء موجودة ولا أحد يمنعها بحيث أصبحت هي السوق الحقيقية، متواجدة الى جانب السوق المتعودين عليه، لكنها هي صاحبة السيادة ولها الكلمة الفصل، وتتم عملية التبادل التجاري فيها بعيدا عن الرقابة المختصة.

وأضافت؛ الهدف الأول والأخير من هذه السوق هو التهرب من دفع الرسوم والضرائب، يعني ببساطة تواطئ المالية معهم، مما أدى ظهور سريع جدا لمجموعة غنية جداً محمية جداً، القصة محبوكة بطريقة ذكية جداً، لنأخذ صورة بسيطة وواضحة تماما تبين جزء من هذه اللعبة التي صارت مكشوفة. فالحكومة توزع الدعم وتنظم آلية البيع والشراء وتقدم الامتيازات، ثم يقوم كثير من التجار بتخبئة واحتكار المواد الأساسية، فتنفتح لنا أبواب السوق السوداء وبأسعار جهنمية، فلنتصور هذه اللعبة المشبوهة، التي تخلق حوافز للفساد، وتبني السوق السوداء التي تغطي المحروقات ومشتقاتها الأدوية البشرية والزراعية والبيطرية والمواد الغذائية والكهربائية وقطع التبديل وكل شيء.

أما أبو جهاد معلم الابتدائي كان في السوق وفورا قال لنا: المحروقات مادة ضرورية لنا في الساحل، ودورها مهم جدا فهي تتدخل في سعر أكثر من 150 مادة استهلاكية وغذائية، وتؤثر على وسائط النقل، وان النقصان بالمازوت والبنزين والغاز، يؤثر أيضا على الكهرباء ومياه الشرب، وأيضا يؤدى إلى ارتفاع أسعارها لكن فيما يسمى بالأبيض أي بالمخفي أي بالسوق السوداء، ولاوجود لضابطة عدلية، وبدون أي امل بالمراقبة والمتابعة.

مجدي سائق سرفيس على طريق بريف اللاذقية شكى لنا وقال: أن اجرة نقل الركاب هي عالية جدا، لكن ليست مربحة لصاحب المركبة، هنالك غلاء فظيع أصاب كل شيء، فمثلا لقد ارتفعت اسعار قطع الغيار وأجور الصيانة والدواليب وزيت المحرك والضرائب، وعندما يتم استلام حصتنا من المازوت، نعمل وفق التعليمات، ونصبح خسرانين فورا، ولا يمكننا تأمين اكل وشرب أطفالنا، نضطر الى شراء المازوت من السوق السوداء، او نشتري حصة بعض زملاؤنا الذي لا يريدون تحريك سرا فيسهم من ارضها، ونشتغل بهذه الحصص، والكل يبيعنا بالسعر الذي يناسبه، فنضطر الى عدم الالتزام بالتعليمات حول أجور النقل، او نؤمن بعض الطلبات خارج خطنا.

أبو مكسيم صاحب مطعم في اللاذقية، اعترف أنه يشتري المازوت والبنزين والغاز من السوق السوداء مضطرا، ويبرر فعله بعدم توفرها بشكل نظامي ويقول: لو كانت المادة متوفرة لما توجهنا إلى السوق السوداء وبأسعار مضاعفة، كما لفت إلى جزئية هامة وهي التقنين الجائر الذي يدفعهم لاستخدام المولدات بصورة شبه مستمرة، ومعلوم حاجة المولدة إلى المازوت أو البنزين.

وأكد أن الحل الوحيد للقضاء على السوق السوداء للمحروقات هو توفر المادة وتحسن التغذية الكهربائية، حينها فقط تنتهي السوق السوداء، إذ من غير المعقول أن تأتي رسالة الغاز كل ٧٠ يوما وهي لا تكفي أكثر من ١٠ أيام، ورسالة البنزين فقط مرتين بالشهر، والمازوت بات عملة نادرة ومعظم الجهات التي تحصل على مخصصات نظامية تقوم ببيعها.

وأشار إلى وجود سيارات أجرة تقف بالدور ساعات طويلة للحصول على البنزين لتبيعه لمن لا يستطيع الانتظار، ولفت إلى عدم وجود مصداقية لدى العديد من المخصصين بحصة نظامية من مادة المازوت، حيث يطلبون مخصصات وفق قوائم وهمية لسيارات وآليات لا تتحرك ويصار إلى بيع هذه المخصصات، وهكذا تدور عجلة السوق السوداء وتزدهر وتتعقد إمكانية حل هذه المعادلة الصعبة والهامة.

ام عادل سيدة في الستينات من عمرها، وتقول انها مريضة بعدة امراض وزوجها مريض بمرض مزمن، وشهريا تشتري لها ولزوجها كيس دواء فيه أكثر من عشرة أنواع، وكانت تشتري كل الأصناف وتجدها وبأسعار مقبولة، لكن بعد تدمير قسم كبير من معامل الادوية وسرقتها، فاختلفت الأمور، وبدأت معنا قصة البحث عن الدواء، وإذا متوفر ام لا، وإذا توفر بأسعار كبيرة جدا، والمطلوب فقط مننا ان ندفع الأسعار المطلوبة، وفورا وبدون تباطؤ يتأمن الدواء.

وذكرت لنا ان زوجها مريض سرطان وهو قد عانى جدا من عدم توفر الأدوية التي تأخذها إلا في صيدليات محددة تحتكر كميات من الدواء وتبيعها بأضعاف سعرها الأصلي وبأسعار تفوق قدرتنا الشرائية، لكن كنا مضطرين لشرائها لتخفيف آلامه، انهم يهربون الادوية للأمراض المزمنة وغير المزمنة، من اجل بيعها في لبنان وبالعملة الصعبة.