لكل السوريين

حلبيات: “لا نستطيع التخلي عن إعداد الكليجة رغم غلاء مستلزماتها”

السوري/ حلب 

تنبعث رائحة التمر الممزوج بالسمن والجوز الممزوج بالهيل من شبابيك مطبخ الحاجة ام حسام وكذلك من مطبخ ام محمد، ومن أغلب بيوت أحياء حلب، إلا من رائحة إعداد (الكليجة) او كعك العيد التي لا يكاد بيت حلبي يستغنى عنها.

والكليجة نوع من المعجنات او الحلويات التي ترتبط ارتباطا وثيقا بالعيد لدى السوريين وهي عبارة عن عجينة محشوة بأنواع المكسرات والتمر توضع في قوالب صغيرة بأشكال مختلفة وترص في قالب كبير قبل وضعها في الفرن لتنضج.

تقول الحاجة ام حسام لصحيفة (السوري) “الكليجة عادة وتقليد اجتماعي لم تؤثر فيه سنوات الحصار ولا الحروب التي مرت علينا، ورغم غلاء المعيشة وازمات الوقود وشحة غاز الطبخ ، لم يمتنع أهالي حلب عن شراء مستلزمات الكليجة.”

وتضيف ام حسام وهي سيدة جاوزت الخمسين من عمرها “طبق كليجة العيد هو أفضل تحية لضيوف العيد.”

كانت الحاجة ام حسام تتحدث بينما يداها منهمكتان في عمل عجينة الكليجة حيث وضعت احدى بناتها الدقيق الأبيض في وعاء عميق بينما سكبت ابنتها الاخرى السمن الدافئ فوقه، واخذت ام حسام تخلط الدقيق بالسمن وتفركه بكلتا يديها مضيفة اليه مزيج الخميرة والماء الدافئ واستمرت بالعجن حتى تكونت كرة كبيرة من العجين.

وتابعت ام حسام حديثها “في سنوات الحصار كنا نعمل الكليجة من دقيق الحصة التموينية الاسمر وذلك لارتفاع سعر الدقيق الابيض وكنا نحشوها بالتمر فقط “.

وقالت “الجميع ينتظر الكليجة وليس المهم من أي نوع من الدقيق صنعت.”

سناء الحاج مدرسة كيمياء في احدى اعداديات حلب للبنات كانت تهيئ حشوة الكليجة التي عجنتها قبل قليل وتركتها لتختمر قليلا، حيث رصت امامها صفا من الاواني الصغيرة وضعت في أحدها الجوز المقطع المخلوط بالسكر والهيل، وفي والثاني مزيج الفستق والسكر، والثالث عجينة التمر المنزوع النوى والممزوج بالهيل، ومن ثم وضع جوز الهند المخلوط بالسكر والهيل في إناء رابع، بالإضافة إلى علبة للسمسم واخرى لحبة البركة.

وقالت السيدة الحاج “لكل فرد من افراد اسرتها ذوق خاص فمنهم من يرغب بالكليجة المحشوة بالجوز او التمر او الفستق ومنهم من يفضلها خالية من الحشوة وهي ما تسمى (الخفيفي) وهي عبارة عن اقراص من العجين الناضج ترش عادة بالسمسم المحمص او حبة البركة.”

واضافت “ان عمل الكليجة فن بحد ذاته لقد تعلمنا من امهاتنا عجن الكليجة بالسمن النباتي او الحيواني لتبقى طرية مدة من الزمن وعدم عجنها بالزيت السائل لأنها ستكون قاسية بعد الشي.”

اما السيدة ام محمد فقد قسمت العمل بين بناتها، وقالت “رغم ما املك من قوالب خاصة لعمل الكليجة الا انني افضل عمل كليجة الجوز يدويا وذلك بطي طرفي العجينة على نفسها بعد حشوها وعمل ما يسمى (َضفيرة) وابتها الكبرى سعاد خير من يجيد صنعها”.

واضافت ام محمد “اما ابنتي الوسطى فهي مغرمه بالكليجة المحشوة بالتمر وعليه فهي تتفن في انتقاء اشكالها..”

حسن المفتي صاحب فرن السعادة في مدينة حلب قال ” يكثر العمل هذه الايام في شيء صواني الكليجة وبمواعيد مسبقة فالعوائل كثيرة وشحة الغاز تحكمهم”.

وتابع “اسعار شيء الصينية تتراوح بين ١٥٠٠ و ٤٠٠٠ ليرة ، فالأفران محددة بحصة شهرية من الوقود وعليه لابد ان نشتري وقودا اضافيا وبأسعار تجارية لنلبي طلبات عوائل المنطقة في شيء الصواني.”

اما السيد ابو جهاد، وهو موظف، فقال متذمرا “متى نخلص من هذه العادات والتقاليد.. هل فكرتم كم تكلف من جهود وتعب ووقت ومصاريف للقيام بها؟.”

واضاف” ارخص المواد وهو التمر اصبح سعر الكيلو منه ٣٠٠٠ ليرة بعد ان كان ٨٠٠ليرة، اما الجوز والفستق فحدث ولا حرج؛ فلا نستطيع شراء 100 جرام منها واسعار الطحين ربما كانت سترتفع لو لم تتسلم العوائل خمسة كيلوات ضمن البطاقة التموينية.”

وتابع “كل هذه مصاريف ترهق ميزانية الاسرة خاصة في موسم العيد ولكن هل يستطع احدنا ان يقنع زوجته بعدم عمل الكليجة؟.. ويجيب ” لا اظن.”

ويقول ابو مصطفى، وهو صاحب محل للمعجنات إن “هناك اقبالا على المعجنات في العيد ولكن كليجة العيد عادة ما تعمل في المنازل والقلة من الناس من يشتريها من المحلات فالمعروض في محلات المعجنات انوع من الكعك والبسكويت والبيتي فور والمعجنات الحلبية.”

وهكذا ارتبطت الكليجة بالعيد وصارت أبرز معالمه عند السوريين، ينتظرونها صغارا وكبارا ويتفننون في صناعتها وتشكيلها ، فربما تسهم في ادخال بعض الفرحة الى البيوت السورية التي عانت ولا زالت تعاني من الظلم والجور والفلتان الأمني .