لكل السوريين

“يا فرحة ما تمت” تقنين الكهرباء عاد لسابق عهده في حلب

حلب/ خالد الحسين

يعتبر قطاع الطاقة والكهرباء أكثر القطاعات تضرراً خلال السنوات الأربعة عشر الأخيرة التي مرت بها سوريا، وتأثر هذا القطاع بنسبة تصل إلى ٧٠ بالمئة وأكثر في بعض المناطق وكان لمدينة حلب النصيب الأكبر من هذا الضرر فقد قطع التيار الكهربائي في بعض أحيائها منذ ثمان سنوات حتى يومنا هذا.

وبعد أيام من سقوط النظام، في 30 تشرين الثاني 2024، زُوّدت معظم أحياء المدينة بالكهرباء لساعات تفوق ساعات التقنين القديمة، ووصلت في قسم من المناطق إلى توفر الكهرباء على مدار الساعة، لكن سرعان ما عاد وضع الكهرباء في حلب إلى سابق عهده، ليكون لسان حال سكانها اليوم “دوام الحال من المحال”.

منذ سيطرة قوات النظام على “حلب الشرقية” في نهاية عام 2016، غابت الكهرباء عن معظم أحياء المدينة الشرقية، في الوقت الذي كانت تزوّد فيها باقي المناطق بالكهرباء ضمن ساعات تقنين تراوحت بين 16 إلى 20 ساعة يومياً، وقد تغيب لأيام، بحسب توفّر الوقود من جهة، وإصلاح الشبكات المهترئة والمدمّرة بفعل القصف أحياناً أخرى.

الحلول الجزئية التي أوجدتها مديرية كهرباء النظام في السنوات الثمان الماضية كانت حلولاً جزئية، كان أبرزها إعادة تأهيل وصيانة محطة تحويل كهرباء بستان القصر، والتي لم تخدم سوى جزء يسير من الحي ومحيط قلعة حلب وجب القبة، كما وصلت الكهرباء الصناعية إلى منطقتي العرقوب والشيخ نجار الصناعيتين، في الوقت الذي غابت فيه الكهرباء عن الجزء الواقع بعد حديقة بستان القصر وباقي الأحياء الواقعة في الجهة الشرقية من المدينة، على الرغم من مد الأعمدة، دون وصول التيار إليها، تحت حجج كثيرة وواهية، ليعيش أهالي تلك المناطق تحت رحمة “تجار الأمبيرات”، الشركاء لمتنفذين في المدينة.

دخول الفصائل إلى حلب فنّدت الادعاءات حول واقع الكهرباء التي وصلت دون انقطاع إلى أحياء كثيرة من المدينة، يقول موظف في مديرية كهرباء حلب، إن سبب عدم انقطاع الكهرباء عن عدة أحياء في المدينة لاسيما الجزء الغربي منها، يعود إلى أن جزءاً كبيراً من كمية الكهرباء المخصصة لسكان حلب، كان يخصصها النظام السابق إلى الفروع الأمنية ومساكن الضباط والبحوث العلمية التي يسكنها المسؤولون والميليشيات الأجنبية.

وأضاف أن جزءاً آخر من الكهرباء التي تأتي من المحطة الحرارية بريف حلب أو سد تشرين، كان يوزعها النظام على المحافظات الأخرى، ويبيع قسماً منها إلى لبنان، ولكن عقب السيطرة على حلب، قطعت الكهرباء عن الأفرع الأمنية وعن باقي المحافظات، وخصصتها بالكامل لمدينة حلب.

ومع ذلك، لم تنعم أحياء في مدينة حلب بالكهرباء عقب زيادة التغذية الكهربائية وعدم انقطاع التيار عن أحياء عدة في حلب الغربية. ويعود السبب في ذلك، بحسب ما ذكر الموظف، إلى أن 70% من أحياء حلب الشرقية تشكو من بنية تحتية منهارة، بسبب القصف العنيف الذي تعرضت له خلال فترة الحصار، فضلًا عن سرقة الميليشيات التابعة لنظام الأسد المحولات والكابلات الكهربائية بعد السيطرة على حلب، وبالتالي “كيف سيستفيد الأهالي من التغذية الكهربائية إذا كانت الشبكات في مناطقهم لا تعمل”.

وأضاف “نعمل على صيانة الأعطال، إذ تمت صيانة أكثر من نصفها حتى الآن، لكن مديرية الكهرباء تشكو من نقص في الكوادر، إذ وصل عدد العاملين في شركة كهرباء حلب نحو 6 آلاف عامل، وبعد سقوط النظام لم يبقَ أكثر من 1500 عامل، وهو عدد غير كافٍ لتغطية مدينة حلب الكبيرة وريفها”.

وفرة الكهرباء التي عاشها سكان حلب خلال الأيام الأولى التي أعقبت تحرير المدينة لم تدم، إذ عاد التقنين الكهربائي لجميع الأحياء بنسب متفاوتة. يرجع الموظف السبب، إلى أنه وخلال معارك السيطرة على مدينتي حماة وحمص، تضررت شبكات الكهرباء على أوتوستراد حلب -دمشق، فضلًا عن أضرار لحقت بمحطة محردة الكهربائية بريف حماة، ما أثر على واقع الكهرباء في المحافظات الوسطى، “لذلك اضطررنا إلى تحويل جزء من الكهرباء التي كانت تصل عبر المحطة الحرارية من حلب إلى تلك المحافظات، إضافة إلى أن نقص الوقود أثر على فترات التشغيل”.

صحيفة السوري تواصلت مع عدد من سكان مدينة حلب للاستفسار عن عدد ساعات التقنين حالياً في مناطقهم، إذ تبلغ ساعات التقنين في أحياء الميدان والعزيزية والموكامبو والسليمانية نحو 5 ساعات يومياً، أما في أحياء الفرقان وحلب الجديدة والحمدانية والجميلية وباقي الأحياء غربي حلب فتتراوح ساعات التقنين بين 8-12 ساعة، وتتراوح في معظم الأحياء الشرقية بين  20-22 ساعة.

وما يزال سكان حلب يعتمدون على نظام الامبيرات لتوفير الكهرباء لمنازلهم، إذ لا يكاد يخلو شارع في المدينة من مولدات كبيرة تعمل على المازوت، وتزود المنازل بخطوط كهربائية وفق اتفاق مع صاحب المولدة.

تحتاج مدينة حلب وجميع المحافظات السورية لإعادة تأهيل شبكات الكهرباء ومحطاتها، إذ يبدو حلم توفّر الكهرباء بالحد الأدنى حلماً ينهي استغلال أصحاب المولدات ويؤمن احتياجاتهم الأساسية ويعيد تشغيل أدواتهم الكهربائية التي غلفها الغبار والنسيان.