لكل السوريين

هكذا يحتفل التدمريون القدماء بـ “اليوم الطيب”

حمص/ نور الحسين 

يولد التاريخ من مدينة تدمر السورية التي دونت لنا مراحل من الحضارة الإنسانية لايمكن أن يمحوها الزمن ولا الطغاة، فالمدينة التي ستظل شامخة حكت لنا عن الديانات وأباطرة السياسة والغزوات والحروب وخارطة الطرق التجارية.

حظي شهر نيسان بمكانة خاصة عند التدمريين القدماء في مفاهيمهم الدينية واحتفالاتهم الشعائرية كونه بداية لفصل الربيع وتجدد الحياة حيث كانت هذه الاحتفالات تبدأ في الأول من نيسان لتصل ذروتها في اليوم السادس منه والذي فيه تم تأسيس وتكريس معبد بل أهم وأكبر المعابد الأثرية في الشرق القديم، وهو يوم مقدس أطلقوا عليه اسم «اليوم الطيب».

وأوضح الخبير الأثري “محمد خالد أسعد” في حديثه لصحيفة محلية، أن الكتابة الدينية باللغة اليونانية التي نقشت داخل هيكل المعبد تصف يوم السادس من نيسان باليوم الطيب حيث تبدأ الاحتفالات ذات الصفة الشعائرية الدينية اعتباراً من مطلع نيسان متزامنة مع توافد عشرات الآلاف من وفود الحجاج والمصلين من كل حدب الى باحة معبد بل الرحيبة المزينة بالأعمدة والتيجان والبوابات المذهبة.

وعن طقوس هذا اليوم بيّن “أسعد” أن الجميع كانوا يرتدون أفخر الثياب والعطور وتتزين النساء بأجمل الحلي وكان الباعة يتجمعون في كل مكان ويستعد المئات من الكهنة معتمرين قلنسواتهم المزينة بأكاليل الغار ليرتدوا لباسهم الأبيض المطرز بالألوان الزاهية والمكلل بالأحجار الكريمة وهم يحملون البخور وأباريق الزيت المعطر ليشهد الجميع قدوم أفواج من المواشي لتذبح وتقدم كقرابين وأضاحي ونذور للآلهة.

وبعد أن تصل هذه الاحتفالات إلى ذروتها في الـ 6 من نيسان يبدأ الطقس الرئيس للعيد من خلال الطواف حول هيكل المعبد الذي يلهب حماس المتعبدين الموجودين بالمكان وظلت هذه الطقوس الدينية شائعة ومعروفة حتى ظهور الإسلام.

وجاء في كتاب تدمر لستاركي والمنجد أن سكان تدمر كان تعدادهم حوالي 30 ألف نسمة موزعين على حوالي 10 كيلومتراً مربعاً في حين كان عدد سكان بلاد الشام في القرن الثاني ميلادي حوالي 7 مليون نسمة.

كما اعتُبرت من أجمل المدن في تلك الفترة وتميّزت بالتطوّر الهائل في البناء؛ فقد كانت تحمل طابع المدن الإغريقية الرومانيّة، وتنتشر آثارها على مساحاتٍ كبيرةٍ تزيّنها المعابد والأعمدة وأقواس النصر والمدارج والساحة العامة، كما تَتواجد فيها المدافن الملكيّة، والتماثيل الكثيرة، وقلعة ابن معن، وغيرها من الآثار التي دلّت على قوّتها وعظمتها.