لكل السوريين

23 آذار.. حدث عالمي يُقحم نفسه بتاريخ سوريا المعاصر الباغوز.. هزيمة داعش أكسبتها شهرة عالمية، والبداية كانت بكوباني

دير الزور/ علي الأسود 

يصادف تاريخ الـ 23 من آذار من العام الحال الذكرى السنوية الثانية لتحرير الباغوز بريف دير الزور الشرقي، والتي كانت آخر مقر لمرتزقة داعش في شمال شرق سوريا، فشكلت بتحريرها مرتكزا لمراحل أخرى، أبرزها الاستمرار بملاحقة الخلايا النائمة التابعة للتنظيم والحكومة والاحتلال التركي.

بتاريخ 18/11/2018، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية ببيان رسمي استئناف عملية دحر الإرهاب من آخر معاقله، بعد مهلة إنسانية منحتها الأخيرة لمرتزقة التنظيم لتجنب إراقة مزيد من الدماء.

وتدخل حملة تحرير الباغوز في إطار عمليات عاصفة الجزيرة التي أطلقتها قسد، لتستكمل لملاحقة خلايا التنظيم الإرهابي، حتى أصبحت الباغوز بؤرة صغيرة يتجمع فيها إرهابيون متطرفون من كافة الجنسيات.

في العاشر من آذار من العام 2019، دبت حالة اليأس والإحباط في صفوف إرهابيي التنظيم، وفي تمام الساعة السادسة مساء استأنفت قوات سوريا الديمقراطية المرحلة الأخيرة للقضاء على التنظيم عسكريا، وبعد معارك استمرت أكثر من عشرة أيام تم الإعلان رسميا عن تحرير الباغوز بشكل كامل، واعتقال إرهابيي التنظيم.

وتعد الباغوز إحدى أهم المناطق للتنظيم، فهي التي كانت تربطه بالعراق المجاور، والذي كان يعد مركزا للعمليات الإرهابية، وبعد تطويق البلدة من ثلاثة جوانب لم يجد مرتزقة التنظيم مخلصا سوى الاستسلام لقوات سوريا الديمقراطية التي كانت حالة النشوة عالية بين صفوف مقاتليها.

وبعد التحرير بدأ الإعلام السوري الرسمي بشن حملة إعلامية تجاه قوات سوريا الديمقراطية، متناسيا أن الحكومة هي من كانت السبب في سيطرة التنظيم الإرهابي على مساحة شاسعة في شمال شرقي سوريا، وصولا لشمال غرب البلاد وجنوبها.

وقبل نهاية العام 2019، قُتل زعيم التنظيم الإرهابي، أبو بكر البغدادي في عملية مشتركة لقسد والتحالف الدولي، شمال غرب سوريا، بريف إدلب الشمالي تحديدا.

يمتد تاريخ داعش في العراق إلى عام 2003، حيث قام أبو مصعب الزرقاوي بتأسيس ما عرف حينها بتنظيم “الجهاد والتوحيد” في أيلول/سبتمبر 2003، ومر هذا التنظيم بمراحل وانعطافات عديدة إلى أن تم الإعلان عن “دولة العراق الإسلامية” في عام 2006 وقادها أبو عمر البغدادي وبعد مقتل الأخير عام 2010، اختار مجلس الشورى أبوبكر البغدادي أميراً جديداً.

ومع بدء ما يسمى الربيع العربي وانتقاله إلى سوريا، وجد البغدادي في ذلك فرصة كبيرة للانتقال إلى سوريا أيضاً، فأرسل الأوامر لأحد نشطائه هناك من أجل تشكيل فرع لتنظيم القاعدة فيها، والذي عرف لاحقاً باسم جبهة النصرة.

وفي 9 نيسان 2013 وبرسالة صوتية تم بثها عن طريق شبكة “شموخ الإسلام 56″، أعلن البغدادي دمج جبهة النصرة مع دولة العراق الإسلامية تحت مسمى الدولة الإسلامية في العراق والشام “داعش”.

ومنذ الإعلان بدأ داعش باحتلال الأراضي العراقية مطلع عام 2014، فاحتل الفلوجة والرمادي، والموصل وتكريت، وفي سوريا بدأ باحتلال كري سبي/تل أبيض مطلع 2013 وفي عام 2014 الرقة وعين عيسى ومنبج وأجزاء من دير الزور ثم توجه إلى كوباني في 15 أيلول/سبتمبر 2014.

بداية النهاية للتنظيم بدأت بمدينة كوباني السورية، فبعد أن سيطر التنظيم بدعم تركي مباشر على أكثر من 80 في المائة من أحياء المدينة، بدأت المقاومة بوجه التنظيم والتي استمرت لمدة 134 يوما، تعرض خلالها التنظيم لأول هزيمة منذ تشكيله.

كما فتحت مقاومة كوباني الباب أمام الدعم الدولي لمحاربة داعش من خلال تحالف دولي ضم أكثر من 79 دولة، كان قد تشكل في الـ 11 من أيلول 2014 بعد اجتماع عقد على مستوى وزراء الخارجية، بهدف الوصول إلى صيغة مشتركة لمحاربة داعش.

ومع تشكيل قوات سوريا الديمقراطية في شمال وشرق سوريا في الـ 10 من تشرين الأول/أكتوبر عام 2015، من مختلف مكونات شمال وشرق سوريا، بدأ التحالف الدولي بدعم هذه القوات لأنها الأكثر تنظيماً في سوريا والأكثر كفاءة في محاربة داعش.

فبعد كوباني، تعدّ قسد النقطة الفارقة الثانية في هزيمة داعش في شمال وشرق سوريا، حيث تتالت منذ تاريخ تأسيسها الانتصارات ضد داعش ابتداء من بلدة الهول مروراً بالشدادي ومنبج والطبقة والرقة وصولاً إلى الريف الشمالي لمدينة دير الزور، ولتكون بلدة الباغوز في الريف الشرقي لدير الزور آخر معقل لداعش في شمال وشرق سوريا يتم تحريره في 23 آذار/مارس 2019.

وتحظى بلدة الباغوز اليوم بهذه الشهرة الكبيرة لأنها شاهدة على انهيار آخر موقع جغرافي احتله داعش، بعد 5 سنوات من سيطرته على أراض سورية وعراقية.

والباغوز بلدة صغيرة تتبع منطقة البوكمال وتقع في الريف الشرقي لمدينة دير الزور السورية، وتقع على الضفة الشرقية لنهر الفرات, ولم تكن معروفة أبداً بقدر ما هي مشهورة اليوم.

وعقب تحرير الباغوز آخر معاقل داعش، أكدت قوات سوريا الديمقراطية وكذلك الإعلام الكردي والعربي والغربي أن إعلان النصر على داعش عسكرياً لا يعني نهايته أو انتهاء خطره, نظراً لما خلفه داعش من أفكار وأيديولوجية, وعائلات ومقاتلين محتجزين.

وخلّف داعش  في سوريا بعد سقوطه الآلاف من المآسي, إلى جانب المزيد من التشدد والتطرف عبر أيديولوجية رُسخت في عقول أطفال, ونساء ومسلحين لا يزالون منتشرين في العالم وسوريا, إلى جانب الآلاف من المتطرفين الذين اعتقلوا, وآلاف العائلات المحتجزة في مخيمات شمال وشرق سوريا (مخيمي الهول وروج).