لكل السوريين

اليد والسلة الأكثر تأثُرًا.. تراجُعٌ كبير للرياضة السورية بمختلف الألعاب الرئيسية

تقرير/ حسين هلال 

تأثرت الرياضة السورية بمختلف الأنشطة الرياضية، حالها كحال الجوانب الاجتماعية الأخرى، من جراء الأزمة السورية، على الرغم من بعض الإنجازات التي لم يسبق أن تحققت في فترات الاستقرار ما قبل الأزمة.

وتراوح المستوى الفني للأنشطة الرياضية بين المتوسط والجيد والمقبول والمتراجع في السنوات الأولى من الأزمة، حتى وصلت المنتخبات السورية بمختلف الألعاب لمراكز متأخرة جدا في سلم التصنيف العالمي.

كرة القدم الأكثر اتزانا بين الألعاب

توقف الدوري السوري في العام 2012، وذلك بعد أن تحولت مراكز المدن الرئيسية لساحات حرب، ما أثر بشكل كبير على المنتخب السوري، الذي اعتزل عن اللعب له أبرز نجوم سوريا على مستوى القدم، ثم عاد قسم منهم لاحقا لكنف الاتحاد الرياضي.

انحصرت تحضيرات الأندية على مستوى الرجال فقط، مع محافظة بعض الفرق، التي تمتلك أموالا على بعض الفئات السنية لتكون رافدا للنادي الأول، بعد أن مُنعت سوريا من المحترفين.

ساهم تدني الوضع الاقتصادي بهجرة كبيرة لمعظم نجوم الدوري السوري، وكانت المناطق الإقليمية الأكثر استقطابا لهم، مع توجه البعض منهم لأوروبا وبعض دول أمريكا الجنوبية.

وتعد العراق أكثر دولة وجهة للاعبين السوريين، حيث وصل عدد اللاعبين السوريين الذين احترفوا في العراق لـ 25 لاعبا، بعد أن كانت سوريا الوجهة الأولى للاعبين العراقيين أثناء توقف الدوري العراقي في فترات سابقة.

ومن السلبيات التي لازمت الدوري السوري خلال الأزمة وخاصة في بدايتها؛ إقامة المباريات بدون جمهور، واقتصارها على شكل تجمعات في المناطق الآمنة فقط، مما حرم الأندية وخاصة التي تمتلك جماهيرية كبيرة من غياب الدعم المادي من خلال ريع المباريات وغياب المؤازرة الجماهيرية.

تراجع ناديي الاتحاد والكرامة بشكل كبير، باعتبار أن أغلب استثماراتهما كانت تقام في محافظتي حمص وحلب، وكانتا هاتين المحافظتين قد شهدتا حروبا طويلة أدت إلى دمار كبير طال معظم المنشآت الرياضية والاستثمارية.

وبرزت أسماء أندية الساحل وبعض أندية العاصمة، باعتبار أن مناطق الساحل والمحافظات الساحلية الأقل تأثرا من الحرب، مما انعكس إيجابا على أندية المدن الساحلية، وأندية العاصمة التي كانت تشارك خارجيا في البطولات الآسيوية.

حصل تشرين على لقب الدوري للمرة الرابعة في تاريخه، ويعود ذلك للدعم الذي تلقاه من قبل أشخاص يعتبرون أعلى رؤوس أموال في البلاد.

بعد استعادة الحكومة لمناطق شاسعة في البلاد عاد الدوري لشكله المعتاد وعادت الجماهير للمدرجات، إلا أن سوء أرضية الملاعب وعجز الاتحاد الرياضي عن تجهيزها بشكل جيد ساهم في تدني مستوى الدوري المحلي.

وعلى مستوى المنتخب الأول، فقد هزت حادثة إقصاء المنتخب من تصفيات كأس العالم التي أقيمت في البرازيل في العام 2014 أركان المنظومة الرياضية، والتي جاءت نتيجة إهمال لقيود لاعب سوري الأصل يدعى جورج مراد كان قد شارك مع منتخب السويد، وبذلك تم حرمان سوريا من إكمال التصفيات، ما أدى إلى خسارة جيل كامل كان أبرز نجومه “جهاد الحسين، رجا رافع، فراس إسماعيل، عبد الفتاح الأغا وغيرهم”.

وكان الاتحاد الدولي قد فرض حظرا كاملا على الملاعب السورية في العام 2012، مُنِع بموجبه المنتخبات والأندية السورية من اللعب على ملاعبها خارجيا.

وفي العام 2017 كان المنتخب السوري قريبا جدا من التأهل لنهائيات كأس العالم للمرة الأولى بتاريخه بعد وصوله لمباراة الملحق الآسيوي أمام المنتخب الأسترالي، والتي خسرها في الأشواط الإضافية، بعد أن كان سقف الطموح مرتفع للغاية.

أما على صعيد البطولات الآسيوية، فقد فشل المنتخب من التأهل لبطولة آسيا عام 2015 التي أقيمت في أستراليا بعد أن احتل المركز الثالث في المجموعة بعد منتخبي الأردن وسلطنة عمان.

وفي كأس آسيا التي أقيمت في الإمارات استفاد المنتخب السوري من نظام التأهل المزدوج فتأهل مباشرة إلى النهائيات التي أقيمت بنظام 24 منتخب لأول مرة في التاريخ، ومع ذلك فشل في التأهل للدور الثاني.

وعلى مستوى مشاركة الأندية في بطولة كأس الاتحاد الآسيوي، كانت مشاركة الوحدة في العام 2017 الأبرز، حيث وصل لنصف نهائي البطولة، إلا أنه خرج على يد القوة الجوية العراقي.

وفشل منتخب الشباب من التأهل لبطولة كأس آسيا للشباب منذ تأهله آخر مرة في العام 2012، والتي كانت قد أقيمت في الإمارات.

في حين كان تأهل منتخب الناشئين لنصف نهائي كأس آسيا في العام 2014 قد أوصله إلى مونديال التشيلي في العام 2015، والذي خرج منها من الدور الأول.

البروز الأميز من بين المنتخبات السنية كان للمنتخب الأولمبي الذي كان قاب قوسين أو أدنى من التأهل للألعاب الأولمبية مرتين، المرة الأولى في التأهل لأولمبياد لندن في العام 2012، والثانية عندما وصل للدور ربع النهائي من بطولة كأس آسيا تحت سن 23 عاما، بينما فشل في تجاوز الدور الأول في بطولة آسيا التي أقيمت في قطر، والتي كانت تؤهل لأولمبياد ريو دي جانيرو في البرازيل.

التتويج الوحيد للكرة السورية على مستوى المنتخب الأول كان عندما أحرز المنتخب لقب بطولة غرب آسيا، غير المعترف بها من الفيفا، بعد فوزه على العراق في النهائي.

على مستوى اللاعبين، برزت وبقوة أسماء لاعبين باتوا يمتلكون شهرة على مستوى واسع، ومنهم عمر خربين الذي نال لقب أفضل لاعب في آسيا عام 2017، ليكون بذلك أول لاعب سوري ينال هذا المنصب، كذلك حقق مع ناديه السابق الهلال السعودي لقب دوري أبطال آسيا، وشارك معهم في مونديال الأندية، كأول لاعب سوري أيضا.

ولمعت أسماء العديد من اللاعبين، كعمر السومة الذي أعلن عن عدم نيته اللعب لمنتخب سوريا، إلا أنه عاد للمنتخب، كذلك الحال بالنسبة لفراس الخطيب، الذي صرح بأنه لن يلعب للمنتخب طالما هناك قصف في المدن، وكان عمر السومة قد أصبح الهداف التاريخي للدوري السعودي، وحقق لقب هداف الدوري لثلاثة مواسم متتالية مع ناديه الحالي الأهلي السعودي، كذلك برز اسم محمود المواس المحترف في رومانيا حاليا.

الهجرة قتلت كرة السلة

فقدت كرة السلة، إحدى أكثر الرياضات شعبية في سوريا بعد كرة القدم، عشرات اللاعبين منذ العام 2011، بسبب الهجرة إلى الخارج، أو الالتحاق بالخدمة العسكرية لا سيما للشباب منهم.

كما توقفت معظم نشاطات اللعبة، خاصة أن نصف الأندية التي تشارك بالدوري هي من محافظة حلب التي ظلت فترة عدة سنوات خارج سيطرة الدولة السورية، مما أدى إلى تغيب الأندية، وتوقف ممارستها للعبة بشكل كامل، في حين بقيت فقط أندية دمشق والساحل تمارس وحدها اللعبة، في ظل ظروف أمنية صعبة، حيث كانت القذائف تنهال على الصالات الرياضية التي كانت تمارس فيها اللعبة.

هذا الوضع الصعب ساهم في دفع الكثير من اللاعبين للهجرة إلى خارج البلد، وتشير بعض الإحصاءات من قبل اتحاد كرة السلة إلى أن اللعبة خسرت عدد كبير من اللاعبين، بعضهم هاجر إلى خارج البلد.

ولم يقتصر ذلك على اللاعبين بل امتد ليشمل مفاصل اللعبة الأخرى، حيث هاجر عدد كببر من المدربين إلى الدول الخليجية نتيجة عدم قدرتهم على العمل خلال فترة أزمة الحرب، وقد انعكس الوضع الأمني على صعوبة دعوة اللاعبين للالتحاق بالمعسكرات التدريبية أثناء التحضير للمشاركات في البطولات العربية والقارية وصعوبة السفر للخارج.

كذلك توقف الدوري أكثر من مرة ساهم بتراجع اللعبة في البلاد، ما انعكس على مستوى المنتخب الأول الذي كان يخرج من الدور الأول لتصفيات أي بطولة يشارك بها.

توقف أندية شمال شرقي سوريا ساهم بتراجع اللعبة

كرة اليد اللعبة الشعبية الثالثة في سورية، ومن الألعاب التي تأثرت كثيرا بالأزمة، وانعكست عليها بشكل كبير، حيث انحسرت ممارسة هذه اللعبة في عدد قليل جدا من الأندية والمحافظات التي كانت تعتبر معاقل رئيسية لها، مثل “درعا والرقة ودير الزور”، نتيجة الأوضاع الأمنية فيها.

وكانت اللعبة تمارس في 12 ناد بالدرجة الأولى، و8 أندية بالدرجة الثانية، لكن خلال فترة الأزمة تقّلص العدد ليصبح مجموعها 6 أندية فقط في كل الدرجتين، وكانت عبارة عن تجمع أقيم في 3 أيام فقط.

تأثر المنتخب السوري لكرة اليد من توقف الدوري المحلي، ما انعكس سلبا على مشاركاته الخارجية، والتي كانت مرتين فقط، الأولى لمنتخب الناشئين في البحرين عام 2012، والثانية عام 2013 لفئة الشباب التي أقيمت في الصين.

وهاجر أغلب محترفي اللعبة خارج البلاد، ما أدى إلى تراجعها بشكل كبير، كذلك الحال توقف أنشطة معظم الأندية التي كانت ترفد المنتخبات باللاعبين ساهم بتراجع مستوى المنتخب، ناهيك عن تجنيس اللاعبين السوريين من قبل الدول المجاورة، كما في قطر التي جنست عدد من اللاعبين السوريين في مختلف الفئات، واستفادت منهم كثيرا في تطوير لعبة كرة اليد فيها.

أبرز اللاعبين السوريين الذين تم تجنيسهم كان اللاعب موسى الموسى من محافظة الرقة، والذي حمل شارة كابتن منتخب قطر للناشئين الذي فاز ببطولة آسيا في عام 2015.

كذلك استفادت قطر من الكوادر التدريبية السورية في تأسيس قواعد واسعة في أنديتها، وهناك أكثر من 10 مدربين يعملون في الأندية القطرية، كذلك الحال في الإمارات، حيث يعمل عدد كبير من المدربين والحكام في الأندية الإماراتية، ونجحوا في تأسيس قواعد متينة وواسعة لتلك الأندية، وساهموا بتخريج العديد من النجوم واللاعبين المتميزين.

ومن المحافظات التي تأثرت فيها كرة اليد، هي محافظة الرقة، التي كانت تعتبر من المعاقل الرئيسية للعبة، ورافد مهم للمنتخب بالعديد من اللاعبين المميزين، حيث برزت الرقة بشكل كبير واضح من خلال نادي الشباب الذي حقق بطولة الدوري والكأس مرتين، والترتيب العام أكثر من مرة، وكان له مشاركة متميزة في البطولة الآسيوية في عام 2009 بالأردن، وكذلك الفرات الذي أحرز بطولة كأس سوريا 3 مرات منتصف الثمانينيات.

لكن وضع اللعبة تأثر كثيرا في الأزمة، حيث غابت الأندية عن المشاركة طيلة عمر الأزمة، ولم يشارك الفرات سوى مرة واحدة في عام 2019، فيما اقتصرت مشاركة نادي الشباب على فئة الأشبال خلال الشهر الماضي.

وساهم هذا الوضع في هجرة معظم اللاعبين إلى الأندية الأخرى، وبعضهم فضّل الهجرة إلى الخارج، وبشكل عام تعيش اللعبة واقعا مؤلما نتيجة الأوضاع السائدة التي مرت بها البلاد.