لكل السوريين

“إعدام” يُعيد الحياة لخشبة المسرح في حمص، وزهير عبد الكريم يهدي العمل لأبنائها

السوري/ حمص ـ بصوته الرخيم وموسيقا خلفيه تنذر بقرع الطبول …يدخل الفنان زيناتي قدسية خشبة المسرح مؤديا دور الراوي …لتبدأ فصول وأحداث العرض المسرحي “إعدام”.

حيث استطاع العرض أن يعيد الحياة والألق لخشبة مسرح دار الثقافة في حمص من خلال حضور عدد كبير من محبي المسرح والمهتمين بالشأن الثقافي بعد انقطاع طويل مند الربيع الماضي نتيجة إجراءات الحجر الصحي.

العرض المسرحي الذي انطلق من مسرح الحمراء في دمشق في السادس والعشرين من أيلول الماضي، مقتبس عن المسرحية العالمية “انسوا هيروسترات” والتي كتبها منذ سبعينات القرن الماضي الكاتب والطبيب الروسي غريغوري غورين الشهير بتقديم أفكاره بأسلوب ساخر يحمل روح التهكم على الواقع.

إذ حاولت المسرحية أن تأتي بمنظور جديد لقصة “هيروسترات المهووس بالشهرة الذي أحرق المعبد ليخلد التاريخ اسمه” تحت إدارة المخرج والممثل “زيناتي قدسية” الذي قدمها بنكهة سورية، حيث يطرح العرض سؤال العدالة وكيف أن غيابها أو تغييبها هو أساس كل المشكلات بين البشر، ليقدم الفن رسالته الأخيرة بإعلان انتصار الخير على الشر.

“إعدام” مسرحية من إنتاج مديرية المسارح والموسيقا.. ويشخّص أدوارها كل من زهير عبد الكريم، جمال العلي، صفاء رقماني، قصي قدسية، خوشناف ظاظا، سامر الجندي، جمال نصار، محمود خليلي، علاء الشيخ، عابد زينو، عاصم زينووزيناتي قدسية الذي يقوم في المسرحية بدور رجل المسرح.

ويعدّ زيناتي قدسية، مخرج ومعد العرض أحد أهم الفنانين العرب الذين تناولوا فن المونودراما المسرحية بشغف، وكانت له تجارب متفرّدة في هذا الاتجاه وعن عرض مسرحيته الجديدة أشار إلى أن حمص مدينة الذوق والجمال ولديها القدرة على تقييم الفن الراقي ومن هنا كانت الوجهة إليها بعد دمشق معتبراً أن المسرح “هو المنبر الأول الذي يجب أن نصدره لأبنائنا وأنفسنا” ومنوهاً بأنه حمص تحمل في خلده ذكريات لأيام خلت عندما كانت عروض المهرجان المسرحي في تسعينيات القرن الماضي وما قبلها..

أما الفنان محمود خليلي فقال “إنه يلازم صديقه الفنان قدسية منذ أربعة عقود وكانت أول تجربة معه عام 1978 لذلك فالمخرج زيناتي على دراية بإمكانياته ويعرف كيف يوظفها، معرجاً للحديث عن أدائه في مسرحية “إعدام” بشخصية القاضي الذي يخشى أن تفلت العدالة من خلال مجموعة أشخاص متواطئين مع المجرم وينتهي به المطاف بتنفيذ القصاص بيده والموازي لحكم الإعدام، بينما تابع الفنان الخليلي حديثه عن جمهور حمص بأنه ذو عين وإذن نظيفة محفز ومحرض لتقديم الأفضل فجعل الممثلين يقررون تقديم العرض ليومين”.

وبيّنت الفنانة صفاء رقماني خلال حديثها عن الإسقاطات للعمل وانعكاسه على الواقع المعاش في المسرحية بأنها موجودة في كل مكان وزمان وليست بالضرورة إسقاطاً على واقع معين، معرجة في حديثها عن تجربتها في حمص بأنها كانت في عام 2018 قد خبرت الجمهور وتعود الآن في العام الحالي مرة ثانية مع الفنان زيناتي قدسية لتعيد التجربة لأن الجمهور الحمصي يستحق الوقوف أمامه فهو مثقف وواع ولديه إدراك بمستوى عال وذو عين مهمة.

من جهته قصي قدسية صاحب دور ”هيروسترات” تحدث بأن دوره بالمسرحية بائع جوال فقير يصل به الفقر والبؤس ليكون منبوذاً لدرجة التطرف الكبير فيقوم بإحراق المعبد معتبراً بأن العرض له إسقاطات كبرى وبعد محاكمته ضمن المراحل المتعددة يصل به الأمر إلى الإعدام حتى لو كان بالفعل على يد القاضي من أجل إحقاق العدالة، كما أبدى الفنان إعجابه بحمص وقال “نحن نعمل في دمشق لنقدم في حمص، الجمهور عظيم والتفاعل عظيم، شعب حمص ذواق ومثقف وكريم”.

أما عن رأي الفنان زهير عبد الكريم في حمص وجمهورها فقال “نحن فخورون أننا نعرض في حمص، هذا الجمهور العريق الذي نحبه ونحب أن نقدم له كل شيء جديد، حمص عظيمة جدا، ونحن نحب أن نعرض في حمص أي عمل مسرحي”.

وأهدى المخرج زيناتي قدسية عرضه الأخير إلى روح الباحث السوري في الآثار خالد الأسعد، أحد أهم علماء الآثار في العالم، خاصة في مدينته تدمر التي كان مديرا لمتحفها مدة تزيد عن الثلاثين عاماً، وقد أعدمه تنظيم داعش أثناء احتلاله لمدينة تدمر.

تقرير/ حكمت أسود