لكل السوريين

في الساحل … حرائق النار والدم

“ما الذي زرعناه حتى نحصد هذا الخراب كله “هذه العبارة التي صار يرددها السوريين في كل مصيبة تحل ببلدهم، والتي استهلها (عروة في مسلسل الندم)، حيث تنقل الكاميرا سماء مدينة دمشق وأبراج الدخان تتصاعد وتجول الكاميرا بين أحياء المدينة المدمرة، هذا الدمار الذي طال كل مدن السورية.

المدن لا زالت مدمرة واليوم لا يختلف عن الأمس بكثير، هدأ القصف نسبيا ولكن النيران لا زالت تسعر في الوطن، حيث شهد الساحل السوري أكبر موجة حرائق، وصلت الريحانية شمالا وفلسطين جنوبا، إلا أن أكثر المتضررين سكان الساحل السوري.

هذه السلسلة من الحرائق هي الثانية لهذا العام، وهي الأقوى في العقود الأخيرة حيث وصلت لمناطق سكنية وسقوط ضحايا اختناق وحروق.

قد أعلن وزير الزراعة في الحكومة السورية محمد حسان قطنا، إخماد جميع الحرائق التي نشبت منذ فجر يوم الجمعة. أكد الوزير ذلك وفقا لصفحة وزارة زراعة في “فيسبوك” على إخماد جميع الحرائق البالغ عددها 156 حريقاً.

وأكد قطنا الأولوية بعد إخماد الحرائق هي حصر الأضرار وتعويض المتضررين، لذلك سيتم تشكيل لجنة برئاسة محافظ كل مدينة طالتها الأضرار وسيباشر العمل على هذه اللجان اليوم.

 

حرائق مفتعلة

مع بداية الحرائق حاول كثير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي الكشف عن أسباب هذه الحرائق، وتقديم عدة نظريات تختلف باختلاف التوجهات السياسية؛ إلا أن الغالبية متفقين على أن هذه الحرائق في الغابات الحراجية السورية مفتعلة.. “ودرجات الرياح وهبوب الرياح لا تشعل النيران، بل هي عامل مساعد ووسط جيد لانتشار الحرائق بصورة كبيرة” هذا ما أكده مدير عام الثروة الحراجية حسان فارس.

فيما كتب فراس طلاس المقيم خارج سوريا على صفحته في فيسبوك، وبحسب “تسريب “وصله إن الحرائق سوريا الأخيرة أشعلها النظام السوري وحليفته إيران، من أجل الضغط على الروس المتواجدين في البلاد.

إلا أن للفنان السوري جهاد عبدو (Jay Abdo ) رأيٌ آخر، حيث كتب على صفحته في فيسبوك “عادة ما يحرق تجار المخدرات الغابات لزراعة محاصيلهم فيها وإجبار سكانها على العمل لديهم. لقد عانت العديد من الدول من عصابات المخدرات مثل أفغانستان ودول أمريكا الوسطى. يحدث الآن في سوريا أن أباطرة المخدرات يدمرون غاباتها لتحويل سوريا إلى حقول مخدرات. بعد أن حولوها إلى سجن كبير”.

السّر في الريجة

طالت النيران الكثير من القرى في جبال اللاذقية، ووصلت إلى معقل الأسد مدينة القرداحة حيث “أدت النيران لانهيار في بعض من أجزاء بناء مستودعات المؤسسة العامة للتبغ (الريجة)، بعدما فشلت فرق الإطفاء بإخماد الحريق الذي وصل إلى المبنى”. بحسب سانا.

انهيار هذا المبنى أثار الكثير من الشكوك حول السبب الحقيقي لوقوعه، حيث تناول الكثيرون من رواد مواقع التواصل الاجتماعي هذا الموضوع، هناك من أشار علانية أن السبب الحقيقي في انهياره ليست النيران، فهي لا تكفي لهدم بناء او حتى جزء منه إلا أن هناك من يريد أن يخفي سرا ويغطي فساد وسرقات.

تقصير حكومي

اتهم أهالي الساحل الذي تقطنه أغلبية موالية للسلطة، الجهات الحكومية بالتقصير في التعامل مع الحرائق بحسب فيديوهات تداولها ناشطون، تظهر رفض رجال ونساء إحدى بلدات الساحل التي تعرضت للحرائق استقبال محافظ اللاذقية ورئيس البلدية، لأنهم كانوا “مختبئين في مكاتبهم بينما كان أهالي البلدة يطفئون الحرائق التي هجرت الكثير منهم بالمعاول وبأيديهم”.

فيما سخر كثيرون من لجوء الحكومة لصلاة استسقاء، دون خطوات ملموسة تضاهي هول الكارثة (معلقين) “انتهت كل حلول الحكومة الأمر متروك لوزارة الأوقاف”. ومن طريقة تعاطي الإعلام الرسمي لموضوع الحرائق كأنه “سبق صحفي” ومحاولة جمع آراء من المنكوبين حول إنجازات “المعنيين” دون الالتفات لمساعدتهم أولا.

وتساءل بعضهم عن دور الحلفاء(روسيا) في مواجهة الكارثة وتقديم الدعم، لاسيما وجود قاعدة “حميميم” العسكرية الروسية في وسط منطقة حرجية، مستحضرين مشاركة روسيا في إخماد حرائق تركيا منذ أشهر وحرائق تشيلي منذ ثلاث سنوات التي صبت كل جهودها لإخمادها.

فيما وجد معارضون فرصة سانحة لإثبات أن السلطة لا تهتم للشعب “وإن كانت تهتم أين المروحيات التي كانت ترمي البراميل المتفجرة” يكتب أحدهم.

فيما يرد عليه آخر’’ أن تلك تضرم النيران ولا تخمدها ثم إنها غير مجهزة لحمل المياه’’.

قرى منكوبة

توزعت الحرائق في أرياف حماة وحمص وطرطوس، ووصل لمدينة اللاذقية، والتي كان لها النصيب الأكبر، حيث بلغت ما يقارب ثلثي المساحة المتضررة من الحرائق فيها. أكلت النيران مساحات كبير من الأحراج ووصلت للقرى في الجبال مهددة حياة السكان وحرقت محاصيلهم من الزيتون وغيرها وماشيتهم. وأدى الدخان الكثيف لحالات اختناق كثيرة وحروق بين المدنيين، الذي حاولوا إخماد الحرائق حيث توفي (4) وأصيب أكثر من (90) شخصاً بحالات اختناق.

نزح الكثير من أهالي القرى بعد أن أحرقت منازلهم، فيما فتح الكثير من المواطنين غير المتضررين بيوتهم للعائلات من قرى الساحل.

في الوقت ذاته أتى متطوعين من السويداء ودمشق ومدن أخرى للمشاركة في عملية إخماد الحرائق. فيما أوعز وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك لجميع المطاحن والمخابز والسورية للتجارة وصالاتها ومنافذ بيعها، وخاصة السيارات الجوالة وبذل قصارى جهدهم لتوفير متطلبات المواطنين، في القرى والمناطق التي تعرضت لكارثة الحريق من الخبز والماء والغذاء.

يا أبيض يا أسود

لا يتوانى السوريون في اتخاذ رأي معارض أو مؤيد لأي حدث سواء كان سوريا أو غير ذلك، حيث تجد الكثير من الآراء المطروحة في موضوع الحرائق، فمنهم من شمت في ذلك وأرفق رأيه بمنشور سابق لمؤيدين شمتوا في المناطق التي كانت تشهد قصفا.

وهناك من يرى أنه لا يجوز الشماتة فهذه الحرائق تهدد ثروة وطنية رافضين شخصنة الوطن ونسبه لأشخاص محددين.

تقرير/ أحمد العلي