لكل السوريين

تربية الخيول والإبل.. مهنة قديمة ودلالة تاريخية تعكس التنوع الثقافي لدير الزور

السوري/ دير الزور ـ تكاد تنعدم تربية الخيول والإبل في الريف الشرقي لدير الزور، رغم دلالتها الرمزية والنفسية لسكان المنطقة.

عندما تستقرئ الأمم وتاريخها ورمزها ترى أن لكل أمة رمز يدل عليها بمجرد وجوده يدل على أمته، فمثلا الصين الرمز الدال عليها التنين، والأمريكيون يدل عليهم النسر الأقرع، والفرنسيون يدل عليهم الديك، أما بعض السوريون فرمزهم ودلالتهم الخيل، ولهذا السبب منذ القدم هناك اهتمام في تربية الخيل وتمجيد للخيول الأصائل.

وتراجعت تربية الخيول والإبل في ريف دير الزور، وذلك لعدم اهتمام الحكومة السورية واكتراثها سابق لما يلزم لاستمرار مربي الإبل والخيول الأصيلة في تربيتها.

وللبحث حول هذا الموضوع والاطلاع أكثر؛ التقت كاميرا صحيفتنا مع حمد دهام الهزاع، أحد مربي الخيول في ريف دير الزور الشرقي، وتحديدا من بلدة هجين، وهو نازح من البوكمال.

الهزاع تحدث لمراسلنا عن هوايته في تربية الإبل والخيول، فقال “كنت أهوى بشكل كبير تربية الخيول والإبل كمظهر من مظاهر جمال خلق الخالق، والخيول والإبل هي كرمز من رموز ودلالات العروبة، وفي أصل الحصان العربي تقول الأساطير أن الخيل فرّت إلى الصحاري بعد انهيار سد مأرب”.

ويضيف “تحولت إلى خيول برية متوحشة حتى خرج خمسة من سكان نجد في شبه الجزيرة العربية وشاهدوا خمس منها، ونصبوا لها فخا وركبوها واتجهوا بها إلى خيامهم، وقاموا بتسمية كل واحدة منها باسم حسب صفة تتصف بها”.

وعن سبب تنوع أسمائها، يوضح “شكّل هذا الاسم في زمننا الحاضر أنساب تلك الخيول، فكان من أسمائها الصقلاوية، وأم عرقوب لالتواء عرقوبها، وشويمة لوجود شامات كانت بها، وكحيلة لأنها تبدو كحيلة العينين، والعبية لأن الفارس الذي كان يمتطيها سقطت عباءته عندما كان في سباق، وتمسكت بالعباءة بذيلها”.

ويشير الهزاع إلى أن الخيول الأصيلة تتميز بأنها ضمرة (مروضة)، وتتطبع بالطبع الذي يريده صاحبها في أي وقت كان، ولأي طبع أراد.

والتضمير هي عملية يقوم بها صاحب الفرس، وتتم على ثلاث مراحل، وكل مرحلة تستغرق شهرين من الزمان، وأفضل وقت لتلك العملية بحسب الهزاع هو فصلي الربيع والخريف.

خرجت المنطقة عن سيطرة الحكومة السورية التي لم تكن هي بالأساس تعي اهتماما للتراث والثقافة في المنطقة الشرقية، بحسب ما قاله الهزاع.

بعدها، سيطرت التنظيمات الإرهابية على المنطقة، وكثرت حوادث السرقة، حيث تم سرقة عشرات الخيول من أصحابها، ما اضطر البعض منهم لترك تلك المهنة، وقاموا ببيع الخيول الأصيلة والإبل.

وفي فترة سيطرة تنظيم داعش الإرهابي على المنطقة؛ كان إرهابيو التنظيم يقومون بمصادرة الخيل وتهريبها إلى تركيا، فتضاعفت خسائر المربيون، وبالتالي تراجعت نسبة تربية الخيول والإبل في دير الزور.

بعد أن حررت قوات سوريا الديمقراطية المنطقة من الإرهاب، أقدم بعض مربي الخيول في المنطقة على تأسيس مجلس أسموه ’’مجلس إدارة سباقات الفرات للخيول’’، وكان على شكل هيئة مستقلة، ويتم تمويلها عبر جمع تبرعات.

وقام المجلس بإنشاء ثلاثة مضامير سباق تتبع له في قرى ’’ذيبان، الشعفة، وغرانيج’’، وبحسب الهزاع وهو أحد أعضاء المجلس، فإنهم لم يتلقوا دعما من أي جهة، سيما وأن الخيول تحتاج لأدوية ولقاحات وأعلاف.

تقرير/ علي الأسود