إعداد أنعام إبراهيم نيوف
كان نظام الكوتا أو تخصيص حصص للنساء إحدى الآليات المقترحة في المؤتمر الرابع العالمي عن النساء، في بكين عام 1995 كحل مرحلي لمشكلة ضعف مشاركة النساء في الحياة السياسية ومراكز صنع القرار، لما طال النساء من تهميش وإقصاء أدى إلى عدم تمثيلهن أو على أقل تقدير ضعف هذا التمثيل، وعزوفهن في كثير من الأحوال عن المشاركة في مراكز صنع القرار.
ويعد تمثيل المرأة في مواقع صنع القرار وسيلة لدعم النساء للمشاركة في الحياة العامة والسياسية لبلادهن على اختلاف خلفيات تلك النساء الطبقية والسياسية والاجتماعية والثقافية.
وتطرح الكوتا حلا مرحليا للمشاركة الضئيلة للنساء في الحياة السياسية ولكن يتعرض هذا النظام لبعض الانتقادات، حيث يعتبر بعض المعارضين لنظام الكوتا أنه أحد أشكال التمييز في تمثيل النساء،
وهنا لا يمكن ان نتجاهل ان المرأة السورية هي صلب قضية المواطنة وهناك حاجة ماسة وطنية لإشراكها في عملية السلام والبناء وإعادة الاعمار ولن يتم ذلك إلا من خلال تمثيلها في كل مؤسسات الدولة وقيادتها.
فيما رسمت الحرب على الجغرافية السورية تقسيما معينا رصدنا من خلاله الى حد ما واقع المرأة في مجموعة من المفاهيم المتباينة في هذا الشأن وان ما نقدمه هي وجهة نظر وقراءة للواقع السوري المعقد.
اننا نميل أكثر الى النظر الى الكوتا النسائية من مبدأ) المواطنة (
اي الناس متساوون في الحقوق والواجبات ولا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس او الاصل او اللغة او الدين او العقيدة يسمح لهذه الكوتا ان تكون مفتوحة فخيار الشعب هو الذي يحدد نسبة هذه الكوتا وممكن ان يسمح ان تكون أكثر من 50%أو أقل 30% فمثلا،) اعضاء مجلس الشعب 250عضو اذا شكلت نسبة النساء فيه من اصل 250نسبة 150ليس هناك مشكلة اي انه ليس هناك من قيد.)
بمعنى اخر انه إذا كان اقل ماذا نفعل وإذا كان أكثر ماذا نفعل
من هنا جاء الاعتماد الى مبدأ المواطنة كحل.
ولكن … في البحث والتدقيق نتساءل هل يستوي الواقع مع مجمل هذه القضايا؟؟
كما ان الجغرافية السورية مجموعة من البيئات الطبيعية المختلفة ايضا هي مجموعة من البنى المجتمعية المختلفة العادات والتقاليد والثقافات وما تحرًمه هنا تحلله هناك.
وان اولويات المرأة ليست واحدة في هذه الجموع البشرية
نعم لقد أنهي مبدأ المساواة والمواطنة اي نوع من انواع التمييز ضد المرأة ولكن لا يمكننا تجاهل الواقع الذي يرفض اي ممارسة لهذا المبدأ.
ولكن بوجود نظام الكوتا أو الحصص النسبية تقدم حلولا لزيادة نسبة المشاركة السياسية للنساء في المجالس المنتخبة وكحل مؤقت يعالج المشكلات الخاصة بمشاركة النساء سياسيا، ويطرح هذا النظام جدلا واسعا حوله والى أي مدى يساهم نظام التمييز الإيجابي في خلق مشاركة سياسية حقيقية للنساء المهمشات عن العملية السياسية ومواقع صنع القرار.
هناك ثلاثة أشكال للكوتا وهي:
1- الكوتا القانونية أو الدستورية التمثيلية التي يتم من خلالها تخصيص نسبة محددة من المقاعد في المجالس التشريعية للنساء.
2- الشكل الآخر للكوتا هي الكوتا الترشيحية التي قد تكون مقننة فتجبر الأحزاب على ترشيح نسبة محددة من النساء على قوائمها
3- الشكل الثالث للكوتا هي الكوتا الطوعية التي تتبناها الأحزاب في لوائحها دون وجود نص قانوني ملزم.
من هنا لابد من صياغة قانون كوتا نسائية يحفظ حق المرأة في مشاركتها في صياغة السياسات العامة وصون وجودها في مراكز صنع القرار فيما لا يقل عن 30% وذلك بإلزام الاحزاب والمؤسسات والوزارات والادارات والمجالس في حفظ حصة للمرأة التي اصبحت تشكل نصف المجتمع وأكثر واصبحت العمود الفقري في بناء الاسرة والمجتمع.
وبهذا يقع على عاتق الأحزاب السياسية دعم النساء في المجال السياسي أولا من خلال المشاركة الفعالة بداخلها وثانيا دعمهن سياسيا في العملية الانتخابية.
ولكن تبقى إحدى أهم مشكلات الكوتا النسائية هي تحديدها لسقف المشاركة النسائية، فعادة ما لا تعلو نسبة المشاركة بين النساء عن النسبة المنصوص عليها سواء في القوانين أو الدساتير. وقد تكون الكوتا الطوعية هي الوحيدة التي تتجنب هذا الفخ، حيث تبقى النسبة كما تحددها الأحزاب لنفسها وقد تزيد أو تقل عن ذلك تبعاً لإرادة الأحزاب.
اننا في مجتمعات ذات بنية ذكورية متعالية لا تقبل ان تكون تحت قيادة نسوية لا تثق فيها الا ضمن تصور معين لم يتجاوز دورها في كونها زوجة وام لتربية الاطفال فقط ومطبخها ولتغيير هذه العقلية الذكورية المتسلطة يجب ان يكون هناك ارادت سياسية وقرارات ملزمة.
في الوعي المجتمعي الحالي تختلف النظرة الى المرأة من مكان الى اخر. وهذا في رأيي ما يجب الاشتغال عليه وتغيير الصيرورة الكونية للمرأة التي ولدت من رحمها.
وهنا لا يمكن الا الإشارة الى تجربة الادارة الذاتية وهي تجربة رائدة وجديرة بالاحترام بخصوص المرأة والوقوف عندها، إذ اتبعت نهج جديد حول الادارات المشتركة اي هناك شراكة دائمة في القيادات بين المرأة والرجل في قيادة اي عمل مؤسساتي او مدني، تدفع بالنساء لمواقع أفضل في هياكلها الداخلية وتعمل على تمكين النساء بشكل أفضل وتأهيل الكوادر النسائية للعمل في المجالس المنتخبة، حيث أن عامل الإرادة السياسية هو إحدى العوامل الرئيسية في تفعيل دور النساء سياسيا.
ولكن لا يوجد اي اسناد لهذه العملية الندية في القيادة المشتركة على وجود بنية مجتمعية قائمة في تلك المناطق التي هي تحت سيطرتها، رغم انه قد يكون الاكراد في شمال شرق سورية وخاصة في مسد أكثر تبني للوجود النسوي وأكثر ثقة في تولي المرأة الكردية من قوميات أخرى، لمناصب قيادية، هذا يعود بجزئه الاعظم الى تبني ايديولوجية حزبية تتبنى فكرة المساواة والتمكين، والاخذ بها أكثر من المواثيق والمعاهدات الدولية ذات الصلة.
ان هذا الواقع العملي الذي تنهجه الإدارة جعل منها نموذجا مميزا، ولكن من الصعب ادراج هذه المفاهيم في المجتمعات التي يقودها تلك الجماعات التي خرجت من عباءة داعش وهذا كمن يغلق قدرا من النار بالبارود سيودي الى الانفجار في نهاية المطاف.
اخيرا وليس اخرا ان التوجه الآن وفي الوقت الراهن وما تفرضه الساحة السورية يجب ان تناط مهمات التماسك الاجتماعي الى منظمات المجتمع المدني لدمج البنى المجتمعية المختلفة والمركبة والمعقدة في تغيير الصورة النمطية للنساء وإعلاء شأن المرأة.