لكل السوريين

باطنية وزراعية وحيوانية.. ثرواتٌ تجعل دير الزور محط أنظار الطامعين

السوري/ دير الزور ـ إضافة إلى موقعها الاستراتيجي؛ تعتبر دير الزور من أكبر المحافظات السورية وأغناها، حيث تمتاز بالمساحات الزراعية التي تنتج المحاصيل الاستراتيجية مثل القمح والقطن، إضافة إلى الثروة الحيوانية والثروات الطبيعية (ماء –نفط –غاز طبيعي –ملح صخري)، هذه الثروات جعلت من دير الزور محط نظر الأطراف الطامعة بخيرات المنطقة.

قبل بداية الأزمة السورية لم يستفد أهل المنطقة من ثرواتها بالشكل المطلوب، فالأسلوب الذي كانت تتبعه الحكومة السورية في نقل ثروات المنطقة وخيراتها صوب الداخل السوري جعل من أهل الجزيرة السورية ككل، وخصوصا دير الزور عرضة للفقر.

بعد بداية الأزمة التي وصلت لعامها العاشر في البلاد، وسيطرة ميلشيات ما تسمى بالجيش الحر المدعومة من قبل تركيا، أصبحت المنطقة وثرواتها تغوص في النهب والسرقات والفساد، فازداد وضع الأهالي سوء عما كانوا عليه في فترة ما قبل الأزمة.

سيطر تنظيم داعش الإرهابي على منطقة الجزيرة السورية بالكامل باستثناء بعض المناطق، ووقعت محافظة دير الزور بالكامل بسيطرته، باستثناء بعض الثكنات العسكرية وبعض أحياء المدينة في أطرافها الغربية.

أبدى مرتزقة التنظيم تشبثا بالمنطقة، فالتنظيم يعلم أنه لو خسر دير الزور بسهولة سيعني أنه انتهى كليا، فالنفط الذي كان يشكل منبعا ماليا له قد يصبح بعيدا عن سيطرته، ناهيك عن الفائدة الزراعية.

عايد الزايد، أحد سكان المنطقة، ورئيس جمعية غنامية سابق، كان شاهدا على ما عانته دير الزور وثرواتها من نهب على يد الجيش الحر وداعش، وقبلهما احتكار الحكومة لتلك الثروات، ونقلها إلى الداخل السوري كمواد خام، تحدث لصحيفتنا عن ثروات دير الزور.

يقول عايد “بالنسبة للثروة الزراعية في دير الزور هي من أكثر الثروات الزراعية في سوريا، فنهر الفرات ساعد المزارعين على التشبث بهذه المهن، ناهيك عن التربة الصالحة، على الرغم من أن الحكومة السورية لم تكن تهتم بالمنطقة كما يجب”.

ويضيف “تعد محاصيل القمح والشعير والعدس والقطن من أكثر المحاصيل الزراعية شهرا وانتشارا في دير الزور، وهي محاصيل استراتيجية، وتصل مساحة زراعتها لأكثر من 225 ألف هكتار”.

ما إن حررت قوات سوريا الديمقراطية منطقة شمال وشرق سوريا بالكامل، حتى شهدت المنطقة عودة جماعية لأهلها الذين هُجّروا بفعل الإرهاب وممارساته، فانتعشت الحركة الزراعية بشكل ملحوظ على الرغم من قلة إمكانيات الإدارة الذاتية التي لا تزال في طور البدايات.

وعن دور الإدارة الذاتية في تطوير الزراعة، يوضح الزايد “اهتمت الإدارة الذاتية بالزراعة بشكل جيد، حيث قامت بإعادة تشكيل الجمعيات واللجان الزراعية، وأمدتها بكافة مستلزمات الزراعة، وأوصلت مياه الري لعديد الأراضي التي تضررت من جراء سرقة الإرهابيون لمضخات الري”.

الثروة الحيوانية تعود تدريجيا

تساعد المساحات الواسعة سكان دير الزور على تربية المواشي وبأعداد كبيرة، كما أنها تعد مقصدا لأصحاب المواشي من مناطق سورية أخرى، حيث أن زراعة الأراضي بشكل كبير جعل منها وجهة لهم.

وعن الثروة الحيوانية يقول الزايد “بالنسبة للثروة الحيوانية تعد دير الزور من أولى المحافظات السورية احتواء للمواشي، وتأتي الأغنام في المرتبة الأولى، والأبقار والماعز ثانية، ثم يليها الخيول الأصيلة في نطاق محدود، وتغيب تربية الإبل منذ أربعينيات القرن الماضي بسبب غياب الدعم الحكومي”.

ونوه الزايد إلى أن الأحداث التي شهدتها البلاد أدت إلى تراجع الاهتمام بالثروة الحيوانية التي تعد أحد أهم أعمدة الاقتصاد في الجزيرة السورية، وفي سوريا ككل.

وبحسب الزايد؛ فإن غلاء أسعار الأعلاف والأدوية أدى إلى تراجع تربيتها، كما وأن هناك من باعها في بداية الأزمة، وأصبح الآن عاجزا عن شرائها بذات العدد لأنها أصبحت غالية الثمن.

الثروات الباطنية صلب الصراع

تعد منطقة دير الزور أغنى منطقة سورية بالثروات الباطنية والمعدنية، فهي تمتلك حقولا نفطية جعلت منها مركز صراع طويل في محض الأزمة السورية.

وعن هذا الشأن يقول الزايد “دير الزور غنية جدا بالثروات الباطنية المهمة مثل النفط والغاز، وهذا يبرز الأهمية الاقتصادية لها، وترتكز على كونها خزانًا للثروات الباطنية، إذ تحتوي على 40% من الثروة النفطية في سوريا، إضافة إلى وجود حقول للغاز الطبيعي”.

ويستطرد “إضافة إلى أهمية الثروة النفطية وكثرتها في دير الزور؛ هناك الملح الصخري، وهو من أهم الثروات الطبيعية في شمال وشرق سوريا، وهو ذو نقاوة عالية جدا، وتقدر مساحات الملح في دير الزور بـ 8000 كيلو متر مربع، ولم يستثمر بعد”.

هكذا يتضح مدى أهمية منطقة شرق الفرات في بناء الاقتصاد السوري، ومدى إسهامها في توفير المحاصيل الاستراتيجية التي تمثّل ركيزة الأمن الغذائي، ناهيك عن احتياطات الطاقة التي تتركز معظمها في شمال شرق سوريا، مما جعلها محل استهداف كلا من الحكومة السورية والميلشيات الإيرانية من جانب، وتركيا وإرهابيوها من جهة مقابلة.

تقرير/ علي الأسود