لكل السوريين

صفحات من تاريخ الصحافة السورية

تأخر ظهور الطباعة في الإمبراطورية العثمانية لعدة لأسباب، منها دينية حيث كان رجال الدين يمتنعون عن طباعة القرآن الكريم، ولموقف النسّاخ من الطباعة التي شكلت خطراً على رزقهم.

وأخرت هذه الاعتبارات دخول الطباعة إلى سورية.

وفي عام 1727 صدر قرار امبراطوري باعتماد الطباعة بعد صدور فتوى تنص على السماح بطباعة الكتب “نظراً لفائدتها العميمة”، فانتشرت المطابع في دمشق وبيروت وحلب، مما فتح الباب أمام صدور الصحف المطبوعة.

وفي عهد إبراهيم باشا ازدهرت دمشق، حيث حاول أن يجعلها عاصمة لدولة حديثة على غرار الدولة التي أسسها والده في مصر، واعتمد في ذلك على العنصر العربي في منافسة الأتراك، فمهّد السبيل أمام النهضة الصحفية في سوريا.

وكان الصحفي السوري رزق الله حسون الحلبي أول من أصدر صحيفة عربية في استنبول عام 1854 باسم “مرآة الأحوال”، وقد استمرت هذه الصحيفة أكثر من سنة.

صحف المرحلة الثانية

بعد الانقلاب العثماني عام 1908، بدأت المرحلة الثانية من حياة الصحف السورية، ووصف بعض المؤرخين هذه الفترة بمرحلة النمو الصحفي في سوريا وصدر عدد كبير منها بعد الإطاحة بالسلطان عبد الحميد حيث سمح الاتحاديون من رجال تركيا الفتاة بحرية للصحافة السورية, قبل أن يتراجعوا ويظهروا أنهم أكثر بطشاً من عهد السلاطين فحاربوا اللغة العربية وعطلوا الصحافة واضطهدوا الصحفيين وملأوا السجون والمحاكم ونصبوا المشانق.

وقد صدر في تلك الفترة عدة صحف في دمشق وحلب وحمص وحماة والساحل, وميّزها عن صحف المرحلة الأولى أنها كانت عربية اللسان وبعضها كان يصدر يومياً أو مرتين أو ثلاث مرات في الأسبوع, وتضمنت مواضيع محلية وعالمية واقتصادية واجتماعية وفنية.

وظهرت في هذه الفترة بعض الصحف الساخرة, كما تدل عناوينها “الروّاي وحط بالخرج وضاعت الطاسة وأنخلي يا هلالة وبردا والسعدان”, وذلك في العام 1909 وما تلاه, والطريف في كتابات هذه الصحف الساخرة بعض ما ورد في افتتاحية أحد أعداد جريدة حط بالخرج التي كان شعارها قل الخير وإلا فاسكت “إن عود على وزن جود وهذا رابع المستحيلات في الشام إذ إن أربعة ليس لها في شامنا وجود: الغول والعنقاء والخل الوفي والجود, فاتركوا الفقير يسف التراب، ودعوا الصناعي بلا أواعي”.

كما صدرت صحيفة “المقتبس” لمحمد كرد علي في العام 1908 التي تعتبر من أفضل ما صدر في تلك الفترة وكانت سياسية اقتصادية اجتماعية, ووضعت مصلحة البلاد فوق كل مصلحة ولم تتشيّع لحزب أو لجمعية ولا تتعرض لشخصيات الأفراد بل تحصر اهتمامها في الشئون العامة, وإذا دعت الحاجة إلى نشر حسنات المحسنين وسيئات المسيئين لا تذكرها إلا ببرهان، كما ورد في افتتاحية عددها الأول, وتعرّضت للإغلاق من قبل والي سوريا ناظم باشا، فأصدرها أحمد كرد علي شقيق صاحبها باسم الأمة إلى أن عادت المقتبس إلى الصدور.

إعداد: القسم الثقافي