السويداء/ لطفي توفيق
عاشت محافظة السويداء أياماُ عصيبة من التوتر والقلق وشح المياه والمواد الغذائية، منذ أن بدأت أحداث جرمانا وأشرفية صحنايا الدامية، بعد موجة غير مسبوقة من حملات التحريض الطائفي التي توّجت ببث شريط صوتي مفبرك، لرجل دين من المحافظة يسيء فيه للرسول وللطائفة السنية.
وأسفر استهداف قرى المنطقة الغربية والجنوبية عن استشهاد العشرات من أبنائها، وقتل المئات من القوى التكفيرية المهاجمة، حسب تقديرات الفصائل المسلحة المحلية.
وعلى إثر موجة الاعتداءات الطائفية التي تعرض لها أبناء المحافظة، والهجمات المسلحة على مدينة جرمانا، تم إجلاء مئات الطلاب من جامعاتهم بتنسيق بين جهاز الأمن العام، وفصائل من السويداء على رأسها حركة رجال الكرامة، وتجمع أحرار العشائر.
ونفذ مئات الأهالي وقفة احتجاجية في ساحة الكرامة، بدعوة من التجمع المدني لأجل سوريا، للمطالبة بوقف الممارسات الوحشية وعمليات القتل على خلفيات طائفية، والتدخل الفوري من قبل السلطات المعنية لحماية المدنيين في منطقتي صحنايا وأشرفية صحنايا.
وطالب المحتجون الجهات الأمنية والرسمية بتحمّل مسؤولياتها القانونية والأخلاقية، والتحرّك العاجل لوضع حدّ للاعتداءات وتأمين الحماية الفعلية للسكّان الآمنين.
تفاهمات أولية
أصدرت الرئاسة الروحية لطائفة المسلمين الموحدين، ومشيخة عقل الطائفة، بيانين متزامنين أكّدا على البنود التي تم الاتفاق عليها مع المرجعيات الاجتماعية والفصائل المسلحة المحلية.
واعتبرا هذه البنود بمثابة تفاهمات أولية، تركّز على منع دخول أي قوات من خارج السويداء، وتفعيل دور الشرطة والضابطة العدلية من أبناء المحافظة، وتأمين طريق دمشق السويداء، ورفع الحصار عن المناطق المحاصرة، وليس اتفاقاً نهائياً، إذ إن هذه البنود تحتاج إلى فترة لتطبيقها، في حال سارت الأمور بشكل إيجابي، ولم تحدث أي عرقلة في تنفيذ التفاهمات.
وتنفيذاً للاتفاق، دخلت وحدات شرطية من أبناء المحافظة إلى قرية الصورة الكبيرة شمال المحافظة، بالتزامن مع انسحاب عناصر جهاز الأمن العام إلى خارج المحافظة.
وعاد السكان إلى قريتهم المنهوبة، وقد أحرق الكثير من بيوتها وتعرضت لأضرار فادحة.
ومن جانبه، صرّح ممثل السلطة بالسويداء، مصطفى بكور، بأن “الحكومة وافقت على الطلبات الصادرة عن اجتماع مشايخ وقادة الطائفة في السويداء”، وأكد على أحقية مطالب الأهالي بأن يكون عناصر الشرطة والضابطة العدلية من أبناء المحافظة.
استهداف القرى
أسفرت الاشتباكات التي شهدتها منطقة براق على طريق دمشق السويداء عن استشهاد عشرات الشبان من مقاتلي الفصائل المحلية الذين كانوا في طريقهم إلى منطقة أشرفية صحنايا لمؤازرة أهلها، كما قتل عدد كبير من أفراد من الكمين الذي اعترض الرتل، ووثقت مصادر إعلامية اسماءهم.
وبعد الاشتباكات العنيفة التي استمرت لأكثر من ساعتين، تعرضت قرية الصورة الكبيرة، وهي آخر قرية تابعة لمحافظة السويداء على طريق دمشق، لهجوم بمختلف أصناف الأسلحة، وقصف بقذائف الهاون، مما أدى لحركة نزوح للنساء والأطفال والمسنين إلى خارج القرية.
واجتاحتها العصابات المهاجمة، وهدمت العديد من منازلها إضافة إلى مقام ديني مقدس فيها.
وفي ريف السويداء الغربي، أحبطت الفصائل المحلية هجوم مجموعات مسلحة على قريتي لبين وحران، كانت قد استهدفت القريتين بقذائف الهاون والرشاشات الثقيلة لعدة ساعات، وحاولت التقدم في المنطقة، قبل أن تنسحب بعد تكبّدها خسائر جسيمة في صفوفها.
كما تعرضت قرية الدور لإطلاق نار من رشاشات ثقيلة مصدره كتيبة الرادار سابقاً، واستهدف بلدة الثعلة بقصف شديد بقذائف الهاون وردت الفصائل المحلية على مصادر النيران.
كما تعرضت قرى كناكر وعرى والقريّا جنوب السويداء، لقصف عنيف بعدة أنواع من الأسلحة تسبب بأضرار مادية في منازلها، وأحبطت الفصائل المحلية هجوم الجماعات المسلحة عليها.
استمرار حملات التحريض الطائفي
لم تتوقف حملات التحريض الطائفي مع توقف القتال في المنطقة، حيث تحدث موقع معروف بتبعيته لحركة الإخوان المسلمين، عن هبوط طائرة مروحية إسرائيلية في السويداء، وثبت أن هذه الأخبار عارية عن الصحة، وجاءت في سياق حملات التحريض الطائفي، حيث لم تسمع أصوات مروحيات في أجواء المحافظة، إنما كان هناك أصوات لطائرات استطلاع يرجح أن تكون إسرائيلية، كون هذه الطائرات قلّما تغادر أجواء المنطقة منذ سقوط النظام السابق.
ونقلت وسائل إعلام رسمية مزاعم الموقع، في إطار استمرارها بحملات التحريض والشحن الطائفي، دون أدنى مراعاة للمعايير الأخلاقية أو المهنية.
ولم يشاهد أي فيديو يدعم الرواية التي زعمت أن المروحية الإسرائيلية كانت توزع المساعدات على سكان المحافظة.
في حين ثبت أن الفيديو المتداول لتسليم المساعدات ليس في السويداء، إنما كان في المناطق التي احتلتها إسرائيل من جنوب سوريا مؤخراً، حيث ينظم الجيش الإسرائيلي حملات توزيع مواد إغاثية للسكان من شرائح مختلفة.