لكل السوريين

أسعار الفاكهة والخضار كـ “البورصة” في أسواق حلب

حلب/ خالد الحسين

“شو بدو ياكل الفقير بهالبلد”، عبارة تتكرر على لسان أهالي حلب وسوريا بشكل عام فـ ”إذا استغنينا عن اللحوم بسبب أسعارها المرتفعة، فإن أسعار الخضار والفاكهة “شاعلة فيها النار” تقول سيدة ستينية بقهر. والأسعار ترتفع ولا تعاود الإنخفاض. المواطن يقف مندهشاً أمام هذا الغلاء، حيث أصبحت المنتجات الزراعية ترفاً لدى معظم العائلات السورية، وباتوا يشترونها “بالحبة”. فما هو سبب الارتفاع المتواصل في أسعار الخضار والفاكهة؟

مثل البورصة وأسعار الذهب، تتقلب أسعار الخضار والفاكهة، لتضيف هماً جديداً على هموم المواطنين المكتوين بلهيب الأزمة الاقتصادية الخانقة. جولة سريعة على بعض المحلات، كفيلة بإظهار تحليق أسعار الخضار والفاكهة من دون أي رادع، فعلى سبيل المثال: كيلو البندورة يباع بـ ٣٠٠٠ ليرة، الخيار بـ ٢٥٠٠ألف ليرة، اللوبياء بـ ٥٠٠٠ ليرة، ناهيك بالفليفلة التي وصل سعرها الى ٤٠٠٠ ليرة. وعند السؤال عن سبب ارتفاعها، يتحججون بسعر المازوت وكلفة النقل وغلاء الدولار، من دون أي اسس منطقية تفسّر هذا الغلاء الفاحش. ومن يقع ضحية هذا الفلتان؟ طبعاً المواطن السوري.

ارتفاع الأسعار مرتبط بعدة عوامل

“هناك عدة عوامل تدخل في صلب ارتفاع أسعار الخضار والفاكهة، وفي طليعتها الزيادة المستمرة في كلفة الانتاج”، يقول أحد تجار الخضار في سوق الهال بحلب، “منها: أكلاف المستلزمات الزراعية والبذور والاسمدة، وأدوية الرش ومكافحة الحشرات… وصولاً الى أسعار المحروقات. هذا بالإضافة إلى الارتفاع في كلفة اليد العاملة. وما أدى ايضاً الى الارتفاع في الاسعار هو تراجع الانتاج الزراعي هذا العام الى النصف، بعدما عجز العدد الأكبر من المزارعين عن زرع المواسم بسبب تفاقم أزمة الدولار وغلاء المازوت، ما أدى الى توسّع أراضي البور وانخفاض العرض في الاسواق

يضاف إلى هذه العوامل بحسب أبو عبدو “موجة الصقيع التي قضت على نصف الإنتاج الزراعي”.

سبب آخر لارتفاع الاسعار يضيفه أبو عبدو يتمثل في الفلتان. فـ”غياب الرقابة على الأسعار يؤدي الى تفاوتها، حيث يتجاوز سعر المفرق نسبة 30 بالمئة من سعر الجملة، وهذا يعني إذا كان السعر ٢٠٠٠ ليرة بالجملة، فيتم بيع السلعة بـ٣٠٠٠ ليرة في الدكاكين”.

إنعاش القطاع يحتاج الى “قرار سياسي”

“منذ 40 سنة، لا يوجد أي توجّه من قبل الدولة للعناية بالقطاع الزراعي وتأمين الدعم اللازم له”، يقول محمد السواس وهو خبير اقتصادي من مدينة حلب، فـ”موازنة وزارة الزراعة لا تتجاوز الـ١٥ بالمئة من الموازنة العامة. وهناك خطط كثيرة مطروحة لتنمية القطاع الزراعي، ولكنها تحتاج لقرار سياسي، وهو غير موجود لدى الحكومة ولا أظن أن هناك نيّة.

مصير القطاع

في حال بقاء الوضع على ما هو عليه اليوم، يتوقع السواس “المزيد من الارتفاع في الأسعار مع قدوم فصل الصيف مقارنة بالسنة الماضية. خاصة إذا بقيت كمية الانتاج قليلة وأسعار المحروقات مرتفعة. الامر الذي يدفع بأزمة الغذاء المنتجة محلياً إلى التفاقم يوماً بعد يوم. فمن جهة يعتبر سعر كيلو البندورة اليوم المقدر اليوم بـ ٢٩٠٠ (سعر الجملة) وكذلك الكوسى بـ ٣٨٠٠ والباذنجان بـ٢٨٥٠، أمر غير طبيعي في هذا الشهر من السنة. ومن جهة أخرى تباع بعض الحمضيات تحت كلفتها، ما سينعكس سلباً على امكانية اهتمام المزارع بأرضه. لذلك على الدولة أن تفسح المجال أمام المزارع وأن تدعمه بطريقة مباشرة، لا سيما كبار المزارعين الذين يمتلكون كميات كبيرة من الانتاج، “لا شك أن القطاع الزراعي يساهم في نهوض بلد بأكمله، يقول السواس، فـ”هناك حوالى 45 بالمئة من السكان يعيشون من خيراته، من الملاكين والعاملين والمستثمرين، الى سائقي الشاحنات والبرادات، اضافة الى الشرائح التي تستفيد منه بطريقة غير مباشرة، كالشركات التجارية والمؤسسات الزراعية”. وفي ظل غياب الإصلاحات وعدم اهتمام الدولة بملف القطاع الزراعي، ستزداد الخسائر وستلقي بأعداد متزايدة من السكان في البطالة والفقر وانعدام الأمن الغذائي.