لكل السوريين

زوال الخدمة الإلزامية.. حلم الشباب الذي تحقق بسقوط الأسد

تقرير/ مرجانة إسماعيل

لطالما شكّلت الخدمة العسكرية في سوريا كابوساً ثقيلاً يلاحق الشباب، إذ كان واضحاً أن الالتحاق بجيش نظام الأسد يعني خيارين لا ثالث لهما: إمّا الموت أو الإصابة بعاهة دائمة على الجبهات، أو إهدار ما يقارب عشر سنوات من العمر في الخدمة، بسبب سياسة النظام التي أبقت الجنود والضباط في الخدمة القسرية ومنعت تسريحهم.

ومع سقوط نظام الرئيس المخلوع، بشار الأسد، أعلنت القيادة الجديدة حل الجيش والمؤسسات الأمنية، وإلغاء الخدمة العسكرية الإلزامية، إلى جانب تفكيك جميع الفصائل العسكرية، والأطر “الثورية”، والسياسية، والمدنية، ودمجها ضمن مؤسسات الدولة.

في أيار 2018، أصدر النظام المخلوع أمراً إدارياً يقضي بتسريح “الدورة 102″، وهي الأقدم بين دورات الجيش، وشمل القرار كل من المجندين الإلزاميين والاحتياطيين.

كانت “الدورة 102” قد استُدعيت إلى الخدمة الإلزامية في أيار 2010، واحتُفظ بجميع أفرادها قسراً لثماني سنوات كاملة، لتصبح في منتصف عام 2018 أول دفعة يتم تسريحها منذ اندلاع الثورة السورية.

وخلال سنوات الثورة السورية، كانت كثير من العائلات ترفض تزويج بناتها لأي شاب مُؤجل للخدمة العسكرية أو ملتحق بها، إدراكاً منها أن مصير معظم هؤلاء الشبان إما القتل على جبهات المعارك، أو الإصابة بعاهات دائمة، أو قضاء سنوات طويلة في صفوف جيش نظام الأسد، بعيداً عن الزوجة والأبناء.

ومع تحسن الأوضاع الأمنية وإلغاء الخدمة العسكرية الإلزامية عقب سقوط النظام المخلوع، تبدّلت أولويات الشباب من الهجرة والبحث عن ملاذ آمن، إلى العمل داخل البلاد، والزواج، وبناء حياة أسرية مستقرة.

في السابق، كانت الخدمة العسكرية عائقاً أساسياً أمام إتمام عقود الزواج؛ إذ كان أي شاب في سن الخدمة مطالباً بالحصول على وثيقة من شعبة التجنيد لتثبيت زواجه. أما من انتهت تأجيلته، فكان يعجز عن استخراج هذه الورقة خوفاً من الملاحقة الأمنية.

ولم يكن الوضع أسهل بالنسبة للعسكريين الملتحقين بالخدمة، حيث كانوا مجبرين على استصدار “رخصة زواج” من قياداتهم العسكرية كوثيقة أساسية لتثبيت العقد رسمياً.

وفي شباط 2019، أصدر رئيس النظام المخلوع مرسوماً عدّل بموجبه بعض مواد قانون الأحوال الشخصية، حيث نصت المادة 40 منه على أن العسكريين الملتحقين بالخدمة الإلزامية يمكنهم تثبيت زواجهم دون الحاجة إلى موافقة شعبة التجنيد، بينما بقي العسكريون المتطوعون مطالبين بالحصول على رخصة زواج من قياداتهم.

عادةً ما تستمر سنوات الدراسة الجامعية في سوريا لأربع سنوات في معظم الكليات، وترتفع إلى خمس سنوات في كليات الهندسة والصيدلة، وتصل إلى ست سنوات في كليات الطب البشري.

ومع سقوط النظام المخلوع، لم يعد طلاب الجامعات مضطرين لإطالة سنوات دراستهم من أجل تأجيل الخدمة العسكرية.

ولطالما كان الهروب من الخدمة العسكرية هدفاً رئيسياً لكثير من الشبان السوريين فور بلوغهم السن القانونية (18 عاماً)، خاصة لمن لم يكن يملك قدرة على تأجيل الخدمة أو دفع البدل النقدي. وكانت وجهة الغالبية البحث عن حياة أكثر أماناً خارج حدود البلاد.