لكل السوريين

وحدة الصف الكردي… ضمان للتنوع والديمقراطية في سوريا

حاوره/ مجد محمد

واجهت الحركة السياسية الكردية في سوريا خلال السنوات الماضية حالة من الانقسام والتشتت في صفوفها، نتيجة ظروف وعوامل موضوعية وذاتية عديدة، ساهمت جميعها في إضعافها وهزالها، وخلقت فجوة كبيرة وواسعة بينها وبين الشارع الكردي، ونتيجة لذلك لم تستطع الحركة السياسية الكردية، من القيام بمهامها والتصدي لمسؤولياتها الوطنية والقومية على حد سواء، رغم الحصار والخناق الكبير على الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان في البلاد، وازدياد القمع الأمني والاستبداد السلطوي، وغياب الحريات الأساسية وسيادة القانون، وتدهور الوضع المعيشي للمواطنين، وتفشي ظاهرة الفساد والنهب والرشوة والمحسوبية.

ومع أن الحركة السياسية الكردية، حاولت وفي فترات زمنية مختلفة الخروج من حالتها غير المرضية والمتأزمة تلك ولملمة صفوفها وتوحيدها، من خلال تجارب عديدة كالتحالف والجبهة ولجنة التنسيق والمجلس السياسي، إضافة إلى تجارب عديدة أخرى في مجال الوحدات التنظيمية الاندماجية، إلا إنها جميعاً لم تحقق ذلك النجاح المطلوب، ولم ترتقي إلى مستوى تلبية آمال وطموحات أبناء الشعب الكردي في سوريا، في الوصول إلى مستوى تشكيل وبناء مرجعية سياسية قومية عامة وشاملة تضم جميع فئات الشعب الكردي وقطاعاته المختلفة وأحزابه وتياراته السياسية، تكون قادرة على تمثيله والتعبير عن إرادته وطموحاته وتطلعاته القومية المشروعة.

وبهذا الخصوص عقدت صحيفتنا السوري حواراً مطولاً مع الأستاذ والحقوقي حسين الأحمد عضو حزب الاتحاد الديمقراطي، ودار الحوار التالي:

*في إطار الحديث عن وحدة الصف الكردي، حدثني بداية عن دور الكرد في اندلاع الثورة السورية؟

منذ اندلاع شرارة الثورة السورية التي نادت بالحرية والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية والكرامة الإنسانية، وإنهاء النظام الاستبدادي الشمولي الحاكم ببنيته التنظيمية والسياسية والفكرية وتفكيك الدولة الأمنية وبناء دولة ديمقراطية تعددية برلمانية، كان أبناء الشعب الكردي من المساهمين والمشاركين الأوائل فيها، معتبرين أنفسهم جزءاً لا يتجزأ من هذه الثورة المباركة ومن أهدافها النبيلة، ولا سيما جيل الشباب الثائر الذين أظهروا قوة وإرادة وتصميماً كبيراً جداً وأثبتوا وعياً وطنياً وقومياً نادراً وجعلوا من أنفسهم قرابين على طريق الحرية، حيث برزت الحاجة مجدداً وأكثر من أي وقت آخر مضى للعمل من أجل رص الصف الكردي وتوحيده، ليكون أكثر تنظيماً وقوة وفعالية، في الثورة السورية وتحقيق أهدافها الوطنية وتأمين الحقوق القومية المشروعة للشعب الكردي.

*في أي مرحلة من المراحل كان من الضروري السعي لوحدة الصف الكردي؟

كان توحيد نضال الشعب الكردي من أجل تحقيق حقوقه القومية والديمقراطية، وإزالة الاضطهاد القومي عن كاهله مطلوباً في جميع المراحل، غير أنها أصبحت أكثر أهمية منذ بداية الحراك الثوري في سوريا في ربيع عام ٢٠١١ لأن الشعب الكردي في سوريا قد أصبح أمام واقع خطير، فإما أن يفنى، أو يحمي نفسه ويحقق ولو الحد الأدنى من حقوقه القومية والديمقراطية، وعلى هذا الأساس أختار الحزب خط حماية الشعب الكردي، خط المقاومة، وشارك في بناء الإدارة الذاتية الديمقراطية، ووقف بجرأة في وجه القوى التي اختارت الانتماء إلى ما يسمى بالائتلاف السوري الذي تهيمن عليه تركيا وحركة الإخوان المسلمين العالمية، والمعادي على طول الخط للشعب الكردي وتطلعاته القومية المشروعة، والمشارك فعلياً في احتلال مناطق (عفرين، إعزاز، الباب، جرابلس، تل ابيض ورأس العين تحت راية الاحتلال التركي ومرتزقته.

*تركيا ترفض وحدة الكرد، وتحاول تخريب توحيد وحدة الصف الكردي، كيف فعلت ذلك؟

مجلس الشعب غرب كردستان تأسس في بداية ثورة شمال وشرق سوريا لضمان وحدة الصف الكردي، ولقد بذلنا جهوداً في بداية الثورة من أجل سوريا ديمقراطية حرة في سوريا لضمان تحقيق وحدة الشعب الكردي، وأجرينا حواراً مع جميع الأحزاب والمؤسسات السياسية الكردية من أجل أن نكون صوتاً واحداً لمنع سياسات الإبادة الجماعية والمجازر، حتى أننا وجهنا نداءً إلى إقليم كردستان العراق وطلبنا منهم المساعدة من أجل وحدة الصف الكردي، وبذلنا جهوداً للقيام بأنشطة في هذا الاتجاه مع المجلس الوطني الكردي في سوريا، ولقد حاولنا عقد جلسات مع الأحزاب السياسية المنضوية تحت مظلة أحزاب الوحدة الوطنية الكردية بقيادة قوات سوريا الديمقراطية ومع المجلس الوطني الكردي في سوريا بوساطة من التحالف الدولي، ونحن كأحزاب الوحدة الوطنية الكردية لطالما عبرنا عن انفتاحنا على هذه النقاشات لضمان وحدة الصف الكردي، وإن ضمان الوحدة الكردية هي أولويتنا ولم نضع أي عائق أمام هذا المطلب، ولم نستطع الحصول على نتائج من هذه المحاولات بسبب علاقة الأحزاب مع الدولة التركية والقوى المختلفة.

*وفي ذات الموضوع، ماذا بعد سقوط النظام؟

إن عهداً جديداً قد بدأ في سوريا بعد سقوط النظام السوري، ومن المهم جداً أن يكون للأحزاب السياسية الكردية رؤية مشتركة من أجل المشاركة في بناء سوريا الجديدة وحماية حقوق الشعب الكردي وتأمين حقوقنا في الدستور الجديد، من المهم جداً أن نكون في وضع يسمح لنا بالعمل بفكر مشترك في سوريا الجديدة، ولقد حان الوقت لنكون بلون واحد وصوت واحد وقبضة واحدة، وكما قاد الشعب الكردي ثورة شمال وشرق سوريا، يمكن للشعب الكردي أن يقود مستقبل سوريا الجديدة، ومما لا شك فيه، من أجل تحقيق ذلك يجب أن تتحقق وحدة الشعب الكردي، ونحن نتشارك نفس الرأي مع جميع الأحزاب السياسية المنضوية تحت مظلة أحزاب الوحدة الوطنية الكردية، وجميع الأحزاب السياسية في إقليم الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، وفي هذا الاتجاه، وجهنا دعواتنا أيضاً إلى المجلس الوطني الكردي في سوريا، كما دعونا جميع الأحزاب الكردستانية إلى المساعدة في تحقيق وحدة الصف الكردي، كما أن المساعي الحثيثة مستمرة بوساطة فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، والجهود جارية على قدم وساق.

*ختاماً، إلى أين تم الوصول في وحدة الصف الكردي؟

في ظل المتغيرات المتسارعة على الساحة السورية، اجتمعنا مع الأحزاب الكردية في مقاطعة الجزيرة بشمال وشرق سوريا، بتاريخ ١٦ آذار الجاري، ناقشنا فيه المستجدات السياسية والقومية، خلال الاجتماع تمت دراسة الوثيقة السياسية المستخلصة من قبل الأطراف الراعية للحوار الكردي – الكردي، من الوثيقتين اللتين قدمتا من أحزاب الوحدة الوطنية الكردية، وأحزاب خارج الإطارين من جهة، والصيغة المقدمة من قبل المجلس الوطني الكردي من جهة أخرى، وخلال الاجتماع أصر المجلس الوطني الكردي على عقد لقاء منفرد مع حزب الاتحاد الديمقراطي، وحرصاً منا في الأحزاب المجتمعة على ضرورة التوصل إلى موقف كردي موحد، نرى بأنه بالإمكان عقد مثل هذا اللقاء، كون أن أي حزب منا بما فيه حزب الاتحاد الديمقراطي، يستطيع عقد أي لقاء مع أي جهة كانت، ومن هذا المنطلق أبدينا المرونة الكافية لتحقيق ما نصبوا إليه، مع تأكيدنا التام على أن هذا اللقاء ليس بديلاً عن أعمال اللجنة التحضيرية للمؤتمر وإجراءاتها، وكذلك لن يكون بديلاً عن لجنتي الحوار بين المجلس الوطني الكردي وأحزاب الوحدة الوطنية الكردية.