لكل السوريين

بين “غصن الزيتون ونبع السلام ودرع الربيع”.. لا سلم الزيتون ولا سلم السوريون ولا نعموا بالربيع

أحداث الشمال السوري في 2020.. عفرين الأكثر تضررا، و300 ألف نازح من الشمال الشرقي، ومليون في إدلب

كانت سنة 2020 التي تلتقط أنفاسها الأخيرة الأشد ضررا على مختلف مناطق الشمال السوري، إن كان في شمال غرب البلاد أو في شمال شرقها، حيث أن احتلال تركيا لمساحة تزيد على مساحة لبنان بالضعف ساهم في تأزم الوضع الإنساني والمعيشي لمختلف المكونات السورية.

تعد عفرين المحتلة أكثر المناطق السورية ضررا من جراء الاحتلال، فمن اعتداء على النساء واغتصابهن إلى الإتاوات المفروضة على المواطنين من المكون الكردي، إلى قطع عشرات الآلاف من الأشجار، دون رد فعل جدّي إن كان من قبل الحكومة السورية أو حتى المجتمع الدولي.

وتشهد عفرين المحتلة استمرار الفصائل المرتزقة لدى الاحتلال التركي بارتكاب الانتهاكات بحق من تبقى من سكان المقاطعة، وبحسب المرصد السوري فإن نحو 240 عملية استيلاء على ممتلكات المدنيين حصلت في هذا العام.

وتنوعت عمليات الاستيلاء بين منازل ومحال، ومن أبشع الانتهاكات والسرقات التي حصلت هذا العام، تكثيف المرتزقة لاستيلائهم على منازل المدنيين وبيعها لبعضهم البعض، وبمبالغ مالية زهيدة، وبالدولار الأمريكي حصرا.

وعانت النساء السوريات في عفرين من انتهاكات جسيمة وصلت للاعتداء على أعراضهن، فتعد الحادثة التي ظهرت في تسجيل مصور يقوم فيه مرتزقة العمشات بحبس نساء شبه عاريات، إحدى أبشع الانتهاكات بحق السوريات على امتداد الأزمة.

ولم تسلم الأثار التاريخية من السرقة، حيث قام المرتزقة بإيعاز من الاحتلال التركي بسرقة آثار تاريخية تمتد لآلاف السنين وإدخالها إلى تركيا، حيث يعد أسد عين دارة أحدة أبرز الآثار السورية المسلوبة.

ولا تقتصر الانتهاكات على المواطنين والآثار، فكذلك الآمر ينطبق على الأشجار المعمرة، والتي تصل أعمار الكثير منها لعقود من الزمن، ففي تسجيل مصور تداولته وسائل إعلامية ظهر فيه قيام الاحتلال التركي بنقل الأشجار إلى الداخل التركي، كما تداولت وسائل إعلامية أن الولايات المتحدة وأوربا إحدى أبرز المناطق التي يصدر إليها الزيتون العفريني المسروق.

تواصل تركيا جرائمها بحق سكان عفرين الأصليين، واقتلع مرتزقة “فرقة الحمزة” قرابة 900 شجرة زيتون معمّرة بشكل جائر في ناحية ماباتا في مقاطعة عفرين المحتلة.

وأشار مصدر إلى أن مرتزقة الحمزة اقتلعوا 300 شجرة زيتون تعود ملكيتها للمواطن (محمد شيخ حمود) و600 شجرة زيتون للمواطن (أحمد كيفو).

ورغم غياب إحصاءات رسمية، إلّا أنّ تقارير صادرة عن منظمة حقوق الإنسان – عفرين سوريا، تشير إلى أنّ تركيا ومرتزقتها اقتلعوا عشرات آلاف الأشجار منذ بداية احتلال المقاطعة في آذار عام 2018.

300 ألف نازح من تل أبيض ورأس العين

أدت العملية الاحتلالية التي شنها الجيش التركي ومرتزقته ممن يسميهم أردوغان بـ “الجيش الوطني السوري” إلى احتلال تل أبيض ورأس العين في شمال شرقي سوريا، ونتج عن تلك العملية نزوح ما يفوق الـ 300 ألف شخص صوب مناطق الداخل في شمال شرقي البلاد.

واستخدمت تركيا في عمليتها تلك أشد أنواع الأسلحة، وسمحت لمرتزقة بإرتكاب أبشع الجرائم بحق السوريين ولا سيما من أبناء المكون الكردي، ولم تقتصر الانتهاكات في المدينتين المحتلتين على شريحة معينة، بل وصلت أيضا لاعتداء جنسي على النساء، فبحسب وكالة هاوار فإن 30 امرأة تعرضن للاغتصاب على يد المرتزقة في رأس العين لوحدها.

وما إن احتلت تل أبيض حتى أذنت لمرتزقتها بتدمير الكنيسة فيها، في فعل يدل على أنها تعادي المكونات السورية التي تعتنق غير الديانة الإسلامية، وفي تذكير لما كان يمارسه داعش أثناء تواجده في مساحات شاسعة في سوريا، قبل أن تطرده منها قوات سوريا الديمقراطية.

حرب المياه أضرّت بمليون إنسان

يعمد جيش الاحتلال ومرتزقته إلى قطع مياه الشرب من مضخة علوك بغية الضغط على المواطنين بين الحين والآخر، ويقوم المرتزقة بسرقة الأسلاك الكهربائية التي تمد المحطة بالكهرباء، وبالتالي تعمد تركيا قطع المياه عن الحسكة، لتخلق مزيدا من الضغوطات على الإدارة الذاتية.

وما إن احتلت تركيا ومرتزقتها المنطقة الممتدة بين رأس العين وتل أبيض أقصى شمال سوريا، حتى باشروا بقطع المياه عن الحسكة وأريافها، في مشهد يجعل المتابع للشأن السوري يقتنع أن كمية الحقد التي يدفنها أردوغان تجاه كافة مكونات الشعب أكبر بكثير من كمية المياه التي يقطعها.

وشهدت الآونة الأخيرة حالات قطع متكررة لمياه الشرب عن الحسكة ونواحيها، حيث تعد محطة علوك المضخة الوحيدة التي تضخ مياه الشرب للحسكة.

وتضرر أكثر من مليون إنسان من حالات قطع المياه المتكررة، وهذا ليس بغريب على أردوغان باستخدامه الأسلحة البيولوجية، حيث قام سابقا بتخفيض نسبة مياه نهر الفرات المخصصة لسوريا، وبالتالي حدثت أزمة مياه أضرت كثيرا بالمزارعين والمواطنين.

أكثر من مليون نازح في إدلب منذ بداية العام

أدت العملية العسكرية التي شنتها القوات الحكومية بمساندة الطائرات الروسية إلى نزوح ما يقارب المليون ومئتي ألف نسمة صوب الحدود التركية السورية.

وجاءت تلك العملية بموجب اتفاق بين الروس والأتراك باعتبارهما الضامنين لطرفي النزاع في شمال غربي البلاد، ويعد المدنيون المتضرر الرئيس من جراء تلك العمليات العسكرية.

ويعتبر المدنيون في شمال غربي البلاد ضحية للاتفاقيات التركية الروسية الخبيثة في سوريا، فلولا تواجد المرتزقة في إدلب، وإيعاز من الأتراك للروس بشن العمليات لما اضطر هذا العدد الكبير من المواطنين للنزوح في الشتاء الماضي.

وفي هذه الأثناء يتخوف سكان إدلب من اتفاقية جديدة قد تكرر سيناريو العام الماضي، وتحدث كارثة إنسانية كبيرة، سيما وأنهم اعتادوا على تنفيذ الاتفاقيات في فصل الشتاء.

وما يثير تخوف المواطنين هو بدأ تركيا بسحب نقاطها المحاصرة ضمن المناطق التي استعادتها الحكومة في العملية العسكرية سالفة الذكر، والتي أدت لاستعادة الحكومة السيطرة على مساحات شاسعة في أرياف حماة وإدلب وحلب.