لكل السوريين

الفوسفات السوري.. تحديات تواجه إحدى ثروات البلاد

تقرير/ مرجانة إسماعيل

كان الفوسفات السوري، قبل سقوط نظام الأسد يجد طريقه إلى إيران كذلك وإلى عدة دول أوروبية عبر شبكة معقدة من الشركات والوسطاء والسماسرة، ووقع النظام البائد عقدين مع شركة “ستروي ترانس” الروسية لاستثمار الفوسفات، بالتوازي مع توقيع عقد استثمار وتطوير مع إيران لاستثمار وتطوير إنتاج الفوسفات من 3.7 مليون طن إلى 10 ملايين طن سنوياً، من خلال إنشاء معامل جديدة للغسيل والتركيز والتجفيف وتطوير سكة الحديد ووحدة التحميل والتخزين في مرفأ طرطوس.

ويبلغ الاحتياطي السوري من الفوسفات حوالي 1.8 مليار طن، وينتشر الفوسفات في عدّة مواقع من بادية تدمر، أهمها: مناجم الصوانة الشرقية وخنيفيس، وبدأت الدولة استثمار الفوسفات الذي يعتبر متوسط الجودة لكنه يتميز بكونه يصلح لجميع الاستخدامات، في سبعينيات القرن الماضي، من خلال إنشاء 5 مصانع ورصيفي تحميل في مرفأ طرطوس وسكة حديد لنقل المادة المنتجة إلى مرفأ التصدير.

ووصل إنتاج الفوسفات وتصديره في عام 2010، إلى حوالي 3.7 ملايين طن، صُدِّر منها 2.4 مليون طن عن طريق مرفأ طرطوس، و700 ألف طن برّاً إلى لبنان، إضافة إلى تزويد معمل الأسمدة في حمص بنحو 600 ألف طن، بغية إنتاج الأسمدة الفوسفاتية، وفقاً للأرقام الرسمية.

وتراجعت كمية الفوسفات المنتج والمصدر اعتباراً من عام 2011، لتصل في عام 2014، إلى حوالي 1.2 مليون طن، أي بنسبة انخفاض قدْرها حوالي 68%، مقارنةً بعام 2010، ثم توقّف الإنتاج بشكل كامل منتصف عام 2015، نتيجة لسيطرة مرتزقة “داعش” على المناجم وتخريبها وسرقة آلياتها ومعداتها الهندسية، بحسب تقارير صحفية.

وتحاول سلطة دمشق تنشيط العجلة الاستثمارية في البلاد بشتى الوسائل، ومن هذا المنطلق تسعى إلى متابعة استخراج وإنتاج الفوسفات الذي يعد خامة مهمة يعادل الاحتياطي منها ما قيمته 100 مليار دولار، لكن عقبات عديدة تواجه عملية تصدير هذه المادة على رأسها العقوبات الغربية المفروضة على سوريا.

وفي هذا السياق، أعلنت وزارة النفط والثروة المعدنية عن مناقصة لإنتاج الفوسفات المركز بواسطة الكسارة في مناجم الشرقية وخنيفيس بتدمر، كما أعلنت عن مناقصة لأعمال كشف الردم أو التكشيف والتي تشمل إزالة جميع طبقات الغطاء المكون من التربة الزراعية والصخور للوصول الى طبقة الفوسفات الخام، وعن مزايدة لبيع 175 ألف طن فوسفات رطب من مناجم الفوسفات في تدمر.

وكان وزير النفط والثروة المعدنية غياث دياب أكد خلال جولة تفقدية لمناجم الفوسفات في خنيفيس والصوانة بريف حمص أهمية قطاع الفوسفات في تعزيز الاقتصاد الوطني، مشدداً على ضرورة تطوير البنية التحتية للمناجم وتحسين تقنيات الاستخراج لضمان تحقيق أعلى مستويات الإنتاجية، واستمع إلى شرح مفصل من المعنيين حول التحديات التي تواجه العمل في هذا القطاع وسُبل التغلب عليها.

وأشار وزير النفط إلى أن الوزارة تعمل على تنفيذ خطط استراتيجية تهدف إلى زيادة الإنتاج وتوسيع نطاق الاستثمارات في مجال الثروة المعدنية، بما يُسهم في تعزيز قدرة سوريا على تلبية احتياجات السوق المحلية وتصدير الفائض بما يعود بالفائدة على خزينة الدولة.

وهنالك تحديات عدة تواجه أي مستثمر للعمل في قطاع الفوسفات سواء لجهة عقود الاستثمار التي كانت قائمة لحلفاء النظام البائد، أو لطبيعة الحكومة القائمة باعتبارها تسيير أعمال، إلى جانب تحديات ذات صلة بمعالجة شحنات الفوسفات، وتأمين نقلها للتصدير للخارج في ظل انتشار خلايا مرتزقة “داعش” في البادية السورية.

لكن التحدي الأهم هو ما يتصل بالإجراءات المالية في ظل الخشية من العقوبات، وبناء عليه، يعتقد أن الشروط المنصوص عليها في العقود المطروحة والظروف المحيطة بقطاع الفوسفات السوري، لا تشجع إلا الشبكات القائمة الذين لديهم معرفة وخبرة في استخراج وتصدير الفوسفات، أو أولئك الذين يمتلكون شبكة علاقات مع مسؤولي السلطة للانخراط في مثل هكذا صفقات.

كما أن تصدير الفوسفات مرتبط بعدة اعتبارات على رأسها نوعية الجهة التي ستتحصل على العقود المطروحة، فإذا ما حازتها شبكات وشركات قائمة لها خبرة في العمل بقطاع الفوسفات السوري وشبكة من المتعاملين خارجياً، فإن التصدير سيتم استئنافه بأشكال وطرق متعددة، وفي حال كان هنالك دخول لرجال أعمال وشركات جديدة لقطاع الفوسفات السوري، فيعني ذلك الحاجة إلى الوقت للعمل واكتساب الخبرة قبل البدء الفعلي بعملية التصدير.