لكل السوريين

ارتفاع جنوني لإيجارات البيوت في حلب

حلب/ خالد الحسين

ارتفعت بدلات إيجار المنازل في مدينة حلب مع عودة قسم من سكانها المهجّرين عنها بعد خروج قوات النظام السوري من المدينة منها نهاية شهر تشرين الثاني، ووصلت إلى أرقام لا يمكن تحمّلها وسط الظروف المعيشية القاسية التي يعيشها الحلبيون.

وفي جولة على مكاتب عقارية في مناطق متفرقة من مدينة حلب كانت عبارة (ما في بيوت للإيجار) هي الأكثر تداولاً على لسان الدلالين، ممن تحدثنا معهم، والذين قدّروا عدد الباحثين عن منازل في المدينة بالآلاف.

يقول أبو منذر، دلال عقارات في حي الحمدانية بحلب، إن أكثر من عشرين شخصاً يزور مكتبه يومياً للسؤال عن منازل للإيجار، تزيد هذه النسبة في مناطق أخرى من وسط المدينة وأحياء حلب الغربية، وتقلّ في حلب الشرقية التي تهدّم قسم كبير من منازلها.

زيادة الطلب على المنازل قدّرها دلالو عقارات تحدثنا معهم بنحو 30 % عما كانت عليه قبل أشهر. ومتوسط الإيجارات التي أحصيناها، إن وجدت، خلال جولة السوري، وصلت إلى نحو خمسمائة دولار سنوياً في أحياء ميسلون وصلاح الدين والإذاعة، وزادت عن ألف دولار في السريان القديمة وشارع النيل والحمدانية، وتراوحت بين ثلاثة آلاف إلى ثلاثة آلاف وخمسمائة دولار سنوياً في أحياء أخرى مثل حلب الجديدة وجمعية الزهراء، بينما لم تتجاوز مئة وخمسين دولاراً سنوياً في أحياء حلب الشرقية مثل الفردوس ومساكن هنانو.

قبل شهر من استعادة السيطرة على مدينة حلب تراوح متوسط إيجارات المنازل بين 300 إلى 400 دولار سنوياً في حيي ميسلون وصلاح الدين، 700 إلى 800 دولار سنوياً في حيي السريان القديمة والحمدانية، 60 إلى 100 دولار في الفردوس ومساكن هنانو، 2000 إلى  2400 دولار في أحياء حلب الجديدة وجمعية الزهراء.

و يرجع سكان وأصحاب مكاتب عقارية سبب ارتفاع الإيجارات لعدة عوامل أهمها قلّة المنازل في المدينة بعد الدمار الكبير الذي طال الأحياء الشرقية من حلب، المكتظة بالسكان سابقاً، نتيجة القصف من جهة وما أحدثه زلزال شباط 2021 من آثار، إضافة لسرقة المنازل ومكوناتها وما يحتاجه ترميمها من مبالغ مالية كبيرة.

يقول ثائر العمر، صاحب مكتب عقارات في حي الشعار، إن أغلب بيوت حلب الشرقية غير صالحة للسكن، هناك مبان تحتاج للترميم وأخرى للإزالة وإعادة البناء وفي أفضل الأحوال تحتاج أكثر المنازل لأبواب ونوافذ وخزانات مياه وتمديد كهرباء، إثر سرقتها من قبل قوات النظام خلال السنوات الماضية.

و يضرب العمر مثالاً عن ذلك، يقول إنه وخلال شهر أيلول الماضي أزالت محافظة حلب، بعد تقرير اللجان الهندسية التي درست آثار الزلزال، أكثر من 500 بناء ومنزل في المدينة، دون إيجاد حلول لتعويض أصحابها أو تأمين مساكن بديلة لهم.

أبو تحسين، من حي الفردوس بحلب ويسكن في لبنان، قال إنه سيعود إلى حلب بعد انتهاء الامتحانات الفصلية، وإن الصور التي أرسلت له حول منزله كانت صادمة “قاموا بكنسه كاملاً”، وإن تكلفة ترميمه، بحسب من كلفهم بذلك، تصل إلى نحو ثلاثة آلاف دولار، في الحد الأدنى ليصبح مقبولاً للسكن.

هذا وقد قدّرت بيانات رسمية ودراسات دولية حجم الضرر الذي لحق الأبنية السكنية فيها بنحو 38 % من المباني، تركزت بشكل أكبر في الأحياء الشرقية (نحو 80 حياً من أصل 127 حياً تشكل المدينة)، إضافة لدمار 59 % من بنيتها التحتية.

الزيادة السكانية سبب آخر تحدّث عنه سكان في المدينة، يقول دلال العقارات أبو أحمد إن العائلة الواحدة التي كانت تسكن منزلاً كبر أبناؤها خلال السنوات العشر الماضية، تزوجوا وشكلّوا عائلات جديدة، ولم يترافق ذلك مع بناء مشاريع سكنية جديدة للحدّ من تفاقم المشكلة.